إدريس إحميد
أفريقيا برس – ليبيا. بعد 10 مبعوثين وحلول مؤقتة وفشل الوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية على مدار 14 عامًا، تواصل الأزمة الليبية تصاعدها، لتأتي هانا تيتيه هذه المرة مقدمة مقترحات جديدة في ظل انعدام ثقة الليبيين بدور الأمم المتحدة, ولا يزال التفاؤل حذرًا، بينما يتابع الجميع مراحل ومسارات الملف الليبي بحثًا عن مخرج يضع حدًا للانقسامات المستمرة.
*البعثة الأممية والخبرة السابقة
يبقى السؤال الأهم: لماذا يُعول على مقترحات هانا تيتيه هذه المرة؟ وهل ستستفيد البعثة من تجارب المبعوثين السابقين؟ على مدار السنوات الماضية، كشفت التجارب أن الحلول الدولية وحدها لا تكفي، دون توفر بيئة آمنة واستقرار داخلي، إضافة إلى إرادة ليبية حقيقية وجهود لتقوية مؤسسات الدولة.
الملف الليبي يعاني كذلك من غياب التوافق الدولي الفعلي، حيث تركز بعض القوى على مصالحها الخاصة، ما يعقد الوصول إلى حل شامل. لذا، تبقى مقترحات الأمم المتحدة بحاجة إلى توافق داخلي ليبي، لأن أي تطبيق بعيد عن إجماع المواطنين سيعمّق الأزمة أكثر، خاصة مع المتغيرات الدولية والإقليمية المستمرة.
*الأمن أولًا
يرى الخبراء أن الأولوية الحالية تكمن في الجانب الأمني قبل أي عملية انتخابية، باعتباره أساس استقرار البلاد وتمكين مؤسسات الدولة من أداء دورها. يلعب الجيش الليبي دورًا مركزيًا في حفظ الأمن ودعم جهود الدولة، ما يتيح تمكين الحكومة الشرعية من فرض القانون وحماية المواطنين، ويحد من تدخلات الميليشيات أو القوى الخارجة عن القانون.
تحقيق استقرار أمني مستدام يمهد الطريق لأي انتخابات نزيهة، ويضمن أن تكون العملية السياسية مدعومة ببيئة مؤسساتية آمنة، بعيدًا عن تأثير العنف أو الفوضى المسلحة.
*البعد الاجتماعي والسياسي
الأزمة في ليبيا ليست سياسية فقط، بل تشمل بعدًا اجتماعيًا وثقافيًا. يكمن جزء كبير من المشكلة في ضعف الوعي والانتماء الوطني، والفجوة بين تطلعات الليبيين وممارسات السياسيين، ما يجعل أي حل انتخابي بدون أرضية مجتمعية واضحة محفوفًا بالمخاطر.
ويشير الخبراء إلى أن تعزيز الوعي الوطني وتوحيد الرؤى حول الدولة الواحدة ومؤسساتها يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من أي خارطة طريق، فبناء الثقة بين المواطنين والدولة يشكل ركيزة أساسية لأي تقدم حقيقي.
*التحديات الدولية والإقليمية
تأتي المقترحات الأممية الجديدة في سياق دولي معقد، حيث تتداخل مصالح الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا، ويتأثر مسار الملف الليبي بتطورات المنطقة وملفات مثل الأزمة الأوكرانية. التحركات الأمريكية، على سبيل المثال، تشير إلى رغبة في إيجاد أرضية لحل يوازن مصالح واشنطن ويحقق بعض الاستقرار الاقتصادي والاستراتيجي. وفي المقابل، يبقى الدور الروسي مرتبطًا بمصالحها الإقليمية، ما يجعل أي حل أممي بحاجة إلى توازن دقيق بين القوى الدولية.
*التفاؤل الحذر
التفاؤل بمقترحات هانا تيتيه ينبع من محاولة إعادة ترتيب خريطة الطريق السياسية والانتخابية بعيدًا عن الأخطاء السابقة، مع مراعاة ديناميات القوى الداخلية والخارجية. ومع ذلك، يبقى التساؤل: هل ستُطبق هذه المقترحات فعليًا بموافقة الليبيين، أم أنها ستظل مجرد أفكار نظرية بعيدة عن الواقع المعقد؟
*انتظار إحاطة مجلس الأمن
يرقب الجميع إحاطة هانا تيتيه أمام مجلس الأمن يوم 21 أغسطس لمعرفة ما إذا كانت مقترحاتها ستشكل بداية لحل مستدام، أم ستنضم إلى سلسلة الحلول المؤقتة التي لم تحقق النتائج المرجوة منذ 2011.
*الخاتمة
يبقى الحل في النهاية ليبيًا بامتياز، ويجب على الليبيين الاعتماد على أنفسهم، مع الأخذ في الاعتبار أن أي تطبيق لمقترحات المبعوثة بعيدًا عن إجماع الليبيين قد يعمّق الأزمة، خصوصًا في ظل المتغيرات الدولية والسياسات الإقليمية المتشابكة. ويظل بناء الثقة بين المواطنين والدولة، وتحقيق الأمن والاستقرار، ركيزتين أساسيتين لأي تقدم حقيقي في ملف ليبيا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس