أفريقيا برس – ليبيا. طرابلس – توصّلت الأطراف الفاعلة في العاصمة طرابلس إلى اتفاق أمني جديد يعيد توزيع مراكز السيطرة والنفوذ في المنطقة الغربية في تطور لافت قد يشكّل خطوة أولى نحو تجنيب ليبيا العودة إلى مربع العنف، ، وذلك بعد أسابيع من التوترات العسكرية والحشد المتبادل الذي أثار مخاوف جدية من اندلاع مواجهة جديدة في العاصمة.
الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة من المجلس الرئاسي يشمل سلسلة من الترتيبات الأمنية الهادفة إلى تقليص التداخل بين القوى المسلحة، وإعادة ضبط المشهد الأمني في طرابلس، تمهيدًا للمضي نحو مسار سياسي أكثر استقرارًا.
بموجب الاتفاق، تقرّر نقل إدارة مطار معيتيقة الدولي إلى قوة محايدة تم تشكيلها تحت مسمى “قوة حماية المطار”، في خطوة تهدف إلى إنهاء حالة الاحتكاك بين التشكيلات المسلحة التي كانت تتنازع السيطرة على المرفق الحيوي. كما ستنتقل مسؤولية الإشراف على السجون، التي كانت خاضعة لسيطرة قوة الردع الخاصة، إلى وزارة العدل والشرطة القضائية.
وتتضمن البنود أيضًا انسحاب وحدات عسكرية تابعة لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، بقيادة عبدالحميد الدبيبة، من مواقعها داخل العاصمة، وإعادة تمركزها في مدن خارج طرابلس مثل مصراتة، وزليتن، وغريان، في محاولة لتخفيف الاحتقان داخل المدينة.
الخطوة تأتي بعد موجة تحشيدات عسكرية شهدتها العاصمة خلال الفترة الماضية، مع تزايد التحركات الميدانية بين الفصائل المسلحة وتبادل الاتهامات بشأن محاولات فرض السيطرة بالقوة، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد الاقتتال الداخلي التي عرفتها طرابلس في السنوات الماضية.
ووفق محللين، فإن الاتفاق يمثل محاولة لاحتواء تصعيد كان من الممكن أن يؤدي إلى انفجار أمني جديد، لا سيما في ظل هشاشة التفاهمات السابقة، واستمرار حالة الانقسام السياسي بين الشرق والغرب، وتضارب الولاءات بين القيادات الأمنية.
التفاهم الأخير لا يقف عند حدود وقف التصعيد فقط، بل يتجاوزها إلى إعادة ترتيب خارطة السيطرة داخل طرابلس، من خلال تقليص نفوذ بعض التشكيلات المسلحة، وإعادة توزيع المسؤوليات بين مؤسسات الدولة المدنية، خصوصًا فيما يتعلق بالمطارات، والسجون، والمقار الحساسة.
ويشير مراقبون إلى أن الاتفاق جاء نتيجة ضغوط أممية ودولية متزايدة خلال الأسابيع الماضية، بالتوازي مع دور تركي فاعل في تقريب وجهات النظر بين حكومة الوحدة وقوة الردع، في مسعى لتهدئة الساحة الليبية تمهيدًا للانتقال إلى مرحلة الانتخابات.
رغم هذا التقدم الأمني، يبقى الطريق نحو الانتخابات محفوفًا بالعقبات، في ظل عدم الاتفاق حتى الآن على قاعدة دستورية موحدة، وتباين المواقف بين الأطراف المتنافسة حول شرعية المؤسسات القائمة.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن خفض التوتر العسكري في العاصمة هو شرط أساسي لتهيئة بيئة سياسية قابلة للتفاهم، وقد يُشكل الاتفاق الأخير قاعدة انطلاق نحو مسار أكثر استقرارًا في غرب ليبيا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس