جاكلين زاهر
أفريقيا برس – ليبيا. تصاعدت الشكوك لدى طيف من السياسيين الليبيين بشأن إمكانية تحقيق خريطة الطريق التي أعلنتها المبعوثة الأممية هانا تيتيه قبل شهرين، في ظل انقسام مؤسساتي حاد وتباين في المواقف الدولية حول سبل حل الأزمة الليبية.
جاء ذلك تزامناً مع تكثيف بعثة الأمم المتحدة نشاطها السياسي والدبلوماسي لإنقاذ خريطة الطريق الأممية بشأن ليبيا، قبل موعد الإحاطة الجديدة المقرر أن تقدمها تيتيه أمام مجلس الأمن، الثلاثاء.
وعقدت نائبة المبعوثة الأممية، ستيفاني خوري، خلال الأيام الماضية، سلسلة لقاءات مكثفة شملت سفيري روسيا وسويسرا وقيادات من المجلس الأعلى للدولة، إلى جانب الحوار مع نشطاء شباب في مدينة الزاوية، في محاولة لتسريع تنفيذ البنود الأولى من الخطة الأممية، التي تستهدف تهيئة الظروف لإجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات الليبية.
غير أن عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، رأى أن لقاءات نائبة تيتيه مع السفراء قبل جلسة مجلس الأمن، خصوصاً مع السفير الروسي، تمثل ما وصفها بأنها «محاولة في الوقت الضائع» في ظل «غياب توافق دولي حقيقي بين موسكو وواشنطن وحلفائهما الأوروبيين حول مقاربة الأزمة الليبية»، على حد تعبيره.
وقال بن شرادة إن «الصراع بين القوتين (روسيا وأميركا) حول ملفات عدة، من بينها ليبيا بوصفها بوابة أفريقيا، أفقد البعثة دعماً فعلياً في مواجهة المعرقلين المحليين».
واقتصرت مخرجات لقاء خوري مع السفير الروسي المعلنة، يوم السبت الماضي، على الحديث عن «مستجدات الأزمة في ضوء خريطة الطريق الأممية»، مع التأكيد على «أهمية عملية برلين في تنسيق الجهود الدولية لدعم الحل السياسي»، دون مزيد من التفاصيل.
ولا تُعد روسيا جزءاً من اجتماعات مجموعة «العمل السياسية» المنبثقة عن مسار برلين، التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدداً من الدول بينها مصر وتركيا، فيما شددت المجموعة في آخر اجتماعاتها في سبتمبر (أيلول) الماضي على تنفيذ مراحل خريطة الطريق الأممية ومساءلة المعرقلين للمسار السياسي.
وقبل انعقاد جلسة مجلس الأمن، الثلاثاء، يذهب سياسيون إلى الاعتقاد أن أطرافاً محلية وإقليمية ساهمت في إبطاء تنفيذ خريطة تيتيه، ويتبنى هذا الطرح رئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية أسعد زهيو، الذي استبعد تحقيق البعثة أي تقدم قبل إحاطتها المرتقبة، رغم تكثيف مشاوراتها، مرجعاً ذلك إلى «استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية وعجز المجلسين عن تجاوز خلافاتهما التي باتت تعطل مسار التسوية».
وتتضمن خريطة الطريق الأممية حزمة إجراءات متكاملة تبدأ بإقرار التعديلات التشريعية وتشكيل حكومة موحدة، وصولاً إلى إجراء الانتخابات، بالتوازي مع حوار وطني شامل لمعالجة الملفات الخلافية الأمنية والاقتصادية والانتخابية.
وأوضح زهير أن «توقعات البداية كانت تشير إلى انخراط المجلسين في تنفيذ الخطة الأممية لتفادي تجاوزهما، غير أن الواقع أظهر توظيفهما الخلافات لتبرير التعطيل، بعدما تلقيا تطمينات من حلفاء إقليميين ودوليين بعدم المساس بدورهما في المرحلة الانتقالية»، بحسب تعبيره.
وفي وقت يحث فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش القادة الليبيين على «الانخراط بحسن نية مع البعثة وتنفيذ الخطة الأممية»، وفق تقرير أممي نُشر أخيراً، إلا أن الانقسامات السياسية تعيق تنفيذها، في ظل وجود حكومتين متنافستين: حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، وأخرى مكلفة من البرلمان ومدعومة من الجيش الوطني الليبي وتسيطر على شرق وأجزاء من جنوب البلاد.
وفي هذا الخصوص، يرى عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة أن المجلسين، «النواب» و«الأعلى للدولة»، «لم يحرزا تقدماً يُذكر سوى في التوافق على أربعة مناصب سيادية الأسبوع الماضي، بينما لا تزال القضايا الجوهرية، كالقوانين الانتخابية وتشكيل مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عالقة».
ويحذّر بن شرادة من أن «التعديلات التي يسعى الأعلى للدولة لإدخالها على القوانين قد تعيد الأزمة إلى المربع الأول»، متوقعاً أن تخلو الإحاطة المقبلة لتيتيه من أي إجراءات عقابية ضد المجلسين، مع احتمال أن «تطلب البعثة تمديد المهلة الممنوحة لهما، مع إبقاء خيار تجاوزهما قائماً رغم غياب بدائل جاهزة».
في سياق الشكوك ذاتها في نجاح مسار الأمم المتحدة، تلحظ عضو ملتقى الحوار السياسي آمال بوقعيقيص أن نشاط البعثة الأممية «يتكثف عادة قبيل كل إحاطة لمجلس الأمن في محاولة لإظهار تقدم يمكن تسويقه دولياً»، وعدّت في تصريح لها، أن الاتفاق بين المجلسين حول المناصب السيادية «ليس إلا التفافاً على المسار الأممي».
وانتهت آمال إلى القول إن المجلسين «يتجنبان معارضة البعثة علناً، لكنهما يعملان على إفراغ مبادراتها من مضمونها»، منتقدة تأخر النقاش حول مفوضية الانتخابات ودمجها في ملف المناصب السيادية بوصفه «تراجعاً سياسياً».
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس