ليبيا… ساحة «الحسابات المتقاطعة»

ليبيا... ساحة «الحسابات المتقاطعة»
ليبيا... ساحة «الحسابات المتقاطعة»

أفريقيا برس – ليبيا. منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011، تحولت ليبيا إلى ساحة مفتوحة تتقاطع فوقها الحسابات المحلية والإقليمية والدولية، في مشهد تتبدل فيه التحالفات مثلما تتبدل موازين القوى على الأرض. فعلى خلفية الانقسام الذي تعيشه البلاد، لم يعد الملف الليبي شأناً محلياً، إذ باتت كل قوة إقليمية كبرى ترى في ليبيا امتداداً لمصالحها الأمنية والاقتصادية، الأمر الذي يرى ليبيون أنه «ساهم في تعقيد أزمة بلدهم السياسية».

وعلى المستوى الدولي، تنظر القوى الكبرى إلى ليبيا من زاويتين أساسيتين: الطاقة والموقع الجيوسياسي، ومن ثم تتنوع علاقات تلك الدول وتتداخل في حسابات الأطراف المنقسمة، كلٌّ وفق مصالحه الخاصة. فروسيا، من خلال قوات «الفيلق الأفريقي» الداعمة لـ«الجيش الوطني الليبي» والمتمركزة في الشرق والجنوب، تستخدم ليبيا منصة نفوذ جديدة نحو شمال أفريقيا وساحل المتوسط، وتسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة بما يخدم مصالحها الاقتصادية والعسكرية. أما إيطاليا وفرنسا، فهما تتنازعان التأثير الأوروبي في ليبيا؛ وبينما تسعى روما إلى تأمين إمدادات الغاز وصد موجات الهجرة غير النظامية، تركز باريس على الجنوب الليبي ومنطقة الساحل أيضاً.

هذا التنافس الأوروبي أضعف وحدة الموقف الغربي حيال ليبيا، وجعل كل دولة تعمل منفردة. وعلى المستوى العربي، باتت الرؤى تتجه إلى جسر الهوة بين شرق ليبيا وغربها، مع التأكيد على ضرورة إجراء انتخابات عامة لاستعادة الاستقرار والحفاظ على التراب الوطني في مواجهة أي دعوات نحو تقسيم البلاد.

أما تركيا، فقد كانت اللاعب الأكثر حضوراً وتأثيراً في غرب ليبيا قبل أن تنفتح على شرقه. فمنذ توقيعها اتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع حكومة فائز السراج عام 2019، تمكنت أنقرة من ترسيخ وجود عسكري في طرابلس ومصراتة والوطية، مع استمرار دعمها لحكومة الدبيبة. ولقد تجاوز هذا الحضور التركي الطابع الأمني إلى البعد الاقتصادي من خلال عقود إعمار واستثمار واسعة، واتفاقيات بحرية مثيرة للجدل مع ليبيا في شرق المتوسط.

وفي المقابل، تراقب الولايات المتحدة المشهد الليبي من منظور أمني يركز على الحد من النفوذ الروسي، من دون انخراط فعلي في مسار الحل السياسي، مكتفيةً بدعم محدود لجهود الأمم المتحدة.

وهكذا، تتقاطع على الأراضي الليبية مصالح قوى متناقضة تجمعها الرغبة في منع خصومها من السيطرة أكثر من رغبتها في إنهاء الصراع. ويرى سياسيون ليبيون أن تشابك حسابات القوى الكبرى يجعل من أي خطوة نحو الحل أمراً معقداً للغاية، مشيرين إلى أن كل طرف خارجي يرى في بقاء الانقسام مصلحةً مؤقتة تتيح له تثبيت موطئ قدم في الجغرافيا أو الاقتصاد الليبي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here