علاء حموده
أفريقيا برس – ليبيا. تتصاعد حالة من الاحتقان في العاصمة الليبية ضد ما يُعرف بـ«جهاز الأمن العام» التابع لوزارة الداخلية في حكومة «الوحدة» المؤقتة الذي يقوده عبد الله الطرابلسي، المعروف بـ«الفراولة»، شقيق وزير الداخلية في الحكومة عماد الطرابلسي.
وتزايدت هذه الحالة، عقب انتشار مقطع فيديو يُظهر تهديد أحد عناصر الجهاز بالسلاح مواطناً من حي الأندلس بطرابلس، وهي حادثة، وصفها متابعون، بأنها متكررة من أتباع «الفراولة».
وعلى الرغم من مطالب حقوقية بفتح تحقيق عاجل، التزمت وزارة الداخلية وحكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الصمت حيال الواقعة. في حين أطلق نشطاء وصفحات محلية دعوات إلى التظاهر للمطالبة بإقالة الوزير، وإخراج عناصر الجهاز من العاصمة، على خلفية ما يصفه سكان ومراقبون بـ«تدهور الأمن» في غرب العاصمة.
وقالت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، إنها وثّقت الحادثة وعدّتها «انتهاكاً جسيماً لكرامة الإنسان وحقوقه الأساسية»، وفي حين أشارت إلى أن هذا السلوك «يعكس نمطاً مستمراً في سجل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني جراء الأفعال الإجرامية التي يرتكبها عناصر هذا الجهاز في مناطق نفوذه»، دعت الوزارة إلى «تحقيق شفاف ومحاسبة المتورطين».
وقال وزير الداخلية الأسبق عاشور شوايل، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤسسات الأمنية تحتاج إلى شخصيات مؤهلة أكاديمياً ومهنياً وقانونياً وسياسياً، نظراً إلى ارتباطها المباشر بأمن الوطن وتأثيرها على منظومة الأمن القومي». ووصف ما يجري بأنه «خلل بنيوي يلاحق قطاع الأمن في ليبيا منذ عام 2011».
الواقعة أعادت تسليط الضوء على «جهاز الأمن العام»، الذي تأسس رسمياً عام 2018 في عهد «المجلس الرئاسي» برئاسة فايز السراج، ضمن خطة لإعادة هيكلة المشهد الأمني ودمج المجموعات المسلحة في مؤسسات الدولة.
وانبثق «الأمن العام» من كتيبة «الصواعق»، التي كان يقودها عماد الطرابلسي قبل دخوله وزارة الداخلية، ليتحول لاحقاً إلى تشكيل مسلح شبه مستقل بقيادة شقيقه عبد الله، ويمارس نفوذاً واسعاً غرب طرابلس، خصوصاً في غوط الشعال والأندلس والكريمية والسواني والعزيزية.
وسعت صفحات على وسائل التواصل، ومدوّنون، للدفاع عن الطرابلسي وشقيقه، عادّين أن ما يتعرضا له «حملة تشويه ذات طابع جهوي سياسي»، خصوصاً بعد إطلاق الوزير مطلع الشهر الحالي، ما سماه «الخطة الأمنية الشاملة» الهادفة -حسب تعبيره- إلى «إعادة الانضباط للشارع وتوحيد الأجهزة الأمنية تحت مظلة الوزارة».
ويذهب نشطاء وإعلاميون ليبيون إلى القول، إن وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة «عاجزة عن فرض هيبة القانون»، رغم إنفاق مبلغ 5.54 مليار دينار حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2025، هذا إلى جانب استمرار تغول نفوذ الميليشيات. (الدولار يساوي 5.45 دينار).
ويرى المحلل السياسي محمد قشوط، أن تولّي عماد الطرابلسي وزارة الداخلية «ترافق مع ارتفاع معدلات الجريمة والانفلات الأمني في غرب البلاد، دون حلول فعلية، رغم الحملات الإعلامية والأمنية» التي عدّها «مجرد دعاية بلا أثر»، في ظل «هيمنة الوزير وشقيقه على مفاصل الوزارة»، وفقاً لما قال لـ«الشرق الأوسط».
ويحمّل قشوط «جهاز الأمن العام» الذي يرأسه شقيق الوزير، مسؤولية «ترهيب المواطنين وارتكاب انتهاكات بلا رادع»، مشيراً إلى أن ذلك «فجّر احتقاناً شعبياً واسعاً، وتصاعداً في دعوات التظاهر للمطالبة بإنهائه، ووضع حد لتجاوزاته».
وفي السياق نفسه، لم يجد الإعلامي الليبي حسن الحداد خياراً سوى المطالبة بـ«استقالة الوزير»، ورأى أنها «قد تكون مدخلاً لإعادة الهيكلة».
وكان الطرابلسي قد تعرّض وشقيقه لموجة واسعة مماثلة من الانتقادات عقب عملية أمنية جرت في طرابلس في 13 مايو (أيار) الماضي. وقتها أعلن استعداده «لحل جهاز الأمن العام خلال نصف ساعة» في إطار تعهده بدمج الأجهزة الأمنية في مؤسستي الجيش والشرطة، لكنه ساق في الوقت ذاته دفاعاً واضحاً عن الجهاز الذي يقوده شقيقه، ما كشف -حسب مراقبين- عن «تناقض بين شعارات الإصلاح، والواقع الأمني في العاصمة».
انتشار مقطع الانتهاك الأخير، بالتوازي مع توسع نفوذ المجموعات المسلحة داخل طرابلس، أعاد الجدل حول «تسرّب عناصر خارجين عن القانون إلى مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية»، وطرح أسئلة ملحّة حول قدرة السلطات على حماية المواطنين من تهديدات داخلية تتنامى يوماً بعد يوم.
وفي هذا السياق، تساءل الإعلامي الليبي خليل الحاسي باستغراب: «هل يُعقَل أن تكون ميليشيات الغنيوات الإجرامية أكثر عقلانية واحتراماً من الأمن العام؟»، في إشارة إلى جهاز «دعم الاستقرار» الذي قُتل رئيسه عبد الغني الكيكلي (غنيوة) على أيدي قوات حكومية خلال عملية عسكرية في مايو (أيار) الماضي، تحت شعار «القضاء على الميليشيات».
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس





