عبدالله الكبير
أفريقيا برس – ليبيا. تتناقل بعض المنصات الإعلامية خبرا عن مساعي مستشار الرئيس الأمريكي مسعد بولس لتجميد الصراع بين سلطات شرق وغرب ليبيا، وفي التفاصيل سيعقد لقاء بين ممثلين عن السلطتين لبحث تشكيل قوة عسكرية من الطرفين، تعقبها مناورات عسكرية بإشراف أمريكي في مدينة سرت، ثم تعديل للحكومة يتقاسم وزاراتها الطرفان، وترسم حدود نفوذ واضحة المعالم بينهما جغرافيا وماليا.
إذا صحت هذه الأنباء، وهو المرجح بالنظر إلى المصلحة المشتركة لسلطتي الأمر الواقع في ليبيا، ورغبة بولس في تحقيق أقصى استفادة من منصبه كمستشار للرئيس الأمريكي، ليس لخبرة دبلوماسية أو قدرات سياسية، ولكن بحكم مصاهرته للرئيس الأمريكي ترامب، وبالنظر إلى خلفيته التجارية كمطور عقاري يمكن له إبرام عقود وصفقات تجارية مقابل هذه الوساطة، التي ستمنح سلطات الشرق والغرب المزيد من الوقت في السلطة لمراكمة المزيد من الثروة والنفوذ، وتقوض في الوقت نفسه مبادرة البعثة الأممية.
عقب هذه التطورات أعلن في طرابلس عن تشكيل مجلس الرئاسات الثلاثة. المجلس الرئاسي، رئيس المجلس الأعلى للدولة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، في خطوة تؤكد صحة الأنباء عن قرب خوض مسار تسوية سياسية موازية لمسار البعثة برعاية أمريكية، فهذا المجلس المتعدد الرؤوس لا يعكس قناعة جمعية بضرورة توحيد المواقف السياسية لمواجهة التحديات المحلية المتصاعدة، و تطورات حرب السودان، وزيادة معدلات الهجرة غير النظامية.
وإنما بروز ملامح تحرك أممي يمهد لسحب العملية السياسية من الكيانات الرسمية المؤقتة، لمصلحة شخصيات اختارتها البعثة لإجراء حوار وصفته البعثة بالمهيكل، فرغم إعلان البعثة عن حدود صلاحيات هذا الحوار في تقديم التوصيات والمقترحات في ملفات الحوكمة والاقتصاد والأمن والمصالحة الوطنية، ولن يصل إلى حد إصدار قرارات أو استشارات ملزمة، إلا أنه يمكن أن يكون لبنة أولى وحجر أساس لبناء حلول تصدر عن موقف شعبي عام، يصر على التغيير عبر الانتخابات، وبالتالي سيكون مؤسسة ليبية أهدافها مختلفة عن أهداف سلطات الأمر الواقع التي ستعمل قبل كل شيء على استمرارها في مواقعها دون أي تغيير جوهري.
لا تستطيع السلطات الحاكمة في الشرق والغرب مصادمة البعثة بعرقلة مبادرتها، رغم تصريحات حفتر المعلنة بعدم جدوى الحلول الخارجية، لذلك قد تبادر إلى تقديم العروض الاستثمارية لبولس، بل هي فعلت ذلك في زيارة بولس الأولى إلى طرابلس وبنغازي، وهو هدف أساسي لبولس.
فكل المحيطين بالرئيس الأمريكي هم أصهار وأقارب، بدون خبرات سياسية حقيقية، وخلفياتهم التجارية متشابهة، ويريدون تحقيق أقصى استفادة من مواقعهم سنوات ولاية ترامب، لذا يصعب تصور مساندة بولس لخطة البعثة الأممية إذا وجد فرصا حقيقية يمكن اعتنامها.
بين مبادرة البعثة و تحركات بولس تتأرجح المرحلة المقبلة، إما مضي البعثة في تنفيذها بالضغط على مجلسي النواب والدولة، من انطلاق الحوار المهيكل، مع احتمالات قوية ببروز تحالف بينهما، إذا وجدا أن معسكر حفتر وحكومة الوحدة الوطنية سينفردان بالسلطة بوساطة بولس، ويقرر هذا التحالف الاستجابة لمسار البعثة و ينجز ما عليه من استحقاقات، وإما تقويض المبادرة وتحويل الحوار المهيكل إلى منصة للخطب الاستعراضية، إذا نجح بولس في رسم حدود السلطة والنفوذ والحصة المالية من الموارد، بين السلطتين في الشرق والغرب، مقابل عقود وصفقات واستثمارات يجني منها المليارات، ويستمر الوضع القائم دون أي تغيير حقيقي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس





