منية غانمي
أفريقيا برس – ليبيا. أثار ظهور لوحة للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي خلال لحظاته الأخيرة، معلّقة على جدار قاعة استقبال رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بالعاصمة طرابلس، موجة واسعة من الجدل والانتقادات.
وظهرت اللوحة خلال لقاء الدبيبة مع قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا “أفريكوم” داغفين أندرسون، الاثنين، وجسدت المشاهد الدموية التي طبعت اللحظات الأخيرة لمقتل القذافي في أكتوبر 2011، حيث تم وضعها خلفا للصورة التاريخية للسفينة الأميركية “فيلادلفيا” التي كانت معلّقة سابقا داخل القاعة.
وأثار المشهد الكثير من ردود الفعل، حيث اعتبر الكثيرون أن ما جرى خطوة غير مألوفة و”خطأ بروتوكولي فادح” من حكومة الدبيبة ورسالة سياسية “غير محسوبة” داخل فضاء يمثل الدولة، وكذلك مساسا بأحد رموز البلاد وإن اختلفت المواقف بشأنه.
وفي هذا السياق، قال مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد حمزة، إنه “ليس طبيعيا ولا مقبولا أن يتم استقبال وفد رسمي يمثل دولة كبرى كأميركا في قاعة حكومية تتصدر جدارها صورة لحدث دموي يمثل لحظة مأساوية في تاريخ ليبيا”، مضيفا أن “الدول تبنى على احترام رموزها الرسمية وعلى صون ما تبقى من تفاصيل الدولة، لا على تعليق صور اللحظات الأكثر إيلاماً في تاريخها وكأنها وسام فخر أو مادة للعرض”.
واعتبر أن وضع لوحة تجسد الراحل معمر القذافي ساعة مقتله على جدار استقبال الوفد بدلاً من الصورة التاريخية للسفينة الأميركية فيلادلفيا التي كانت معلقة سابقا، هو سقوط أخلاقي ومهني يعكس مستوى الانحدار في منطق إدارة الدولة”، مشيرا إلى أن “المؤسسات الرسمية ليست ساحات انتقام سياسي ولا لوحات تصفية حسابات، وأن ما حدث خطأ بروتوكولي ودبلوماسي”.
من جهتها، أكدت الناشطة سلمى عبدالله، في تدوينة، أن ما حدث هو “محاولة لإرضاء أميركا حتى لو كان الثمن إهانة تاريخ ليبيا في مكتب رسمي”، مضيفة أن “القذافي لم يكن رجلاً عابراً، بل ركناً من أركان البلاد ورمزاً سيظل ثابتاً”، مضيفة أن وضع صورته بتلك الطريقة أمام الأجنبي “يطعن ليبيا بكل مكوناتها”.
أما المستخدم حكيم ناصح، فعلق قائلا “أمر محزن أن يقوموا بإزالة صورة سفينة فيلادلفيا التي أحرقها المجاهدون الليبيون ويضعون مكانها صورة معمر القذافي وهم ينكلون بجثته بعد أن قتله الناتو، فقط لإظهار الولاء والطاعة لأميركا”.
ومن جانبه، تساءل الناشط أحمد بالطيب، أن “إعادة توظيف مشاهد العنف والقتل في مشاهد رسمية داخل دولة تقول إنها مدنية، أي رسالة نريد أن نرسل للناس؟ هل نعيد إنتاج سردية الدم أم نبحث عن مستقبل الدولة والقانون؟”، مضيفا أنه “لا فخر في القتل ولا في تبرير العنف سواء بقطع النظر عن الاختلاف أو الاتفاق مع القذافي”.
ولا تزال فترة حكم القذافي واحدة من أكثر الملفات انقساماً حتى بعد أكثر من عقد على سقوط نظامه، بين من يعتبر أنه يعتبر رمزا من رموز البلاد، مستندين إلى فترة الاستقرار الأمني ووفرة الموارد التي شهدتها البلاد خلال حقبة حكمه، ومن يحمّلونه مسؤولية تدهور أوضاع البلاد وتراكم الأزمات التي انفجرت بعد 2011.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس





