الاضطرابات في ليبيا فرصة لتحقيق مصالح روسيا

1
الاضطرابات في ليبيا فرصة لتحقيق مصالح روسيا
الاضطرابات في ليبيا فرصة لتحقيق مصالح روسيا

رامي القليوبي

أفريقيا برس – ليبيا. بعد عودة أجواء التوتر السياسي والأمني إلى ليبيا عقب الاقتتال الذي شهدته طرابلس خلال الأيام الأخيرة في العديد من المناطق، تتابع روسيا عن كثب التطورات في هذا البلد الذي تمزقه صراعات منذ سنوات، وسط ترجيحات باستفادة اللاعبين الخارجيين من حالة من عدم الاستقرار في ليبيا تتيح لهم تحقيق مصالحهم في منطقة البحر المتوسط وأفريقيا. واللافت أن الاشتباكات في طرابلس اندلعت في أعقاب زيارة اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، إلى موسكو للمشاركة في فعاليات إحياء ذكرى مرور 80 عاماً على النصر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) في التاسع من مايو/أيار الحالي.

زيارة حفتر لموسكو وأحداث طرابلس

حول ذلك، يعتبر الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية ومعهد دراسات الشرق الأوسط في موسكو، سيرغي بالماسوف، أن زيارة حفتر إلى موسكو لا يمكن قراءتها خارج سياق أحداث طرابلس، والبحث عن مزيد من الدعم الروسي. ويوضح أنه في المقابل، يقدم حفتر دعماً لوجستياً لموسكو في مسألة تنفيذ عمليات قوات الفيلق الأفريقي، الذي يعد امتداداً لشركة فاغنر العسكرية الخاصة بعد تمرد مؤسسها يفغيني بريغوجين، ومقتله في حادثة طيران غامضة في صيف عام 2023. ويقول بالماسوف إنه “رغم ضبابية نتائج زيارة حفتر إلى روسيا، إلا أنه نجح في اعتلاء الموجة إدراكاً منه لأهمية الحضور إلى موسكو أثناء الاحتفالات بذكرى النصر على ألمانيا النازية، وإرضاء القيادة الروسية قبل محاولة جديدة للسيطرة على طرابلس، وهو ما يتطلب دعماً إضافياً رغم أن روسيا ليس بمقدورها تقديمه في ظل انشغالها بالملف الأوكراني”.

وحول رؤيته للثمن الذي قد يقدمه حفتر لروسيا مقابل دعمه، يشير بالماسوف إلى أن “سيطرة قوات حفتر على بعض المطارات والموانئ في شرق ليبيا، تشكّل نقاط انطلاق لمواصلة توسع النفوذ الروسي في أفريقيا، في ظل انعدام البدائل نظراً لتباين الرؤى بين روسيا والجزائر، وتعثر عملية إنشاء القاعدة البحرية الروسية في السودان، وما يشهده الداخل السوداني من موجة جديدة من الاقتتال الداخلي، مما لا يترك أمام روسيا بديلاً يغنيها عن الاستمرار في الاعتماد على حفتر، خصوصاً أن النشاط العسكري عبر البوابة الليبية قد يزداد في حالة التهدئة في أوكرانيا.

يضاف إلى ذلك أن الوجود الروسي في شرق ليبيا، قد تستثمره موسكو ورقةَ إزعاج بلدان جنوب أوروبا مثل إيطاليا”. ومع ذلك، يشكك بالماسوف في وجود دوافع روسية لدعم قوات حفتر إلى حد يتيح لها السيطرة على طرابلس، معتبراً أنه “ليس من مصلحة روسيا أن تكون ليبيا موحدة، إذ إن استمرار الحرب الأهلية يتسبب في اضطرابات في إمدادات النفط والغاز إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن وضع ليبيا الموحدة مثلما كانت عليه في عهد العقيد معمر القذافي سيجعلها مورداً هاماً إلى أوروبا وسيحفزها على زيادة وتيرة الحد من النفوذ الطاقي الروسي”.

ويلفت بالماسوف إلى مجموعة من التغييرات التي تطرأ على مواقف اللاعبين الدوليين من حفتر وليبيا، قائلاً: “على مدى سنوات طويلة، ساد الاعتقاد أن مصر متحالفة مع حفتر وتركيا تخاصمه، ولكنه منذ عام 2020، توجهت أنقرة نحو التطبيع الجزئي مع حفتر وحتى شراء النفط من شرق ليبيا مقابل أسعار مغرية، بينما عزف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن الوقوف إلى جوار حفتر أثناء حضورهما الاحتفالات بذكرى النصر بموسكو، ربما نظراً لتجاهله المصالح المصرية في السودان عبر دعم قوات الدعم السريع”.

أهمية ليبيا لروسيا

من جانب آخر، يرى غريغوري لوكيانوف، الباحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أنه “غلب على زيارة حفتر إلى موسكو الطابع الرمزي، من جهة ظهوره على منصة الضيوف أثناء الاستعراض العسكري وما تلاه من لقاءات مع سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، سيرغي شويغو، ووزير الدفاع، أندريه بيلاوسوف، وحتى مع الرئيس فلاديمير بوتين، رغم أن حفتر لا يشغل مناصب سياسية رسمية في ليبيا، مما يدل على الارتقاء بمستوى العلاقات، وهو ما ستستثمره دعاية القوات المسلحة العربية الليبية كما أصبحت تسمى لإضفاء الشرعية على حفتر وأبنائه”. ويشير لوكيانوف إلى أهمية تنامي الدور الليبي بالنسبة إلى روسيا بعد سقوط نظام حليفها بشار الأسد في سورية.

ويجزم أن الاتفاقات الرئيسية بين روسيا وحفتر ستبقى خلف أبواب مغلقة، مضيفاً: “جرت مناقشة قضايا التعاون العسكري – السياسي في شرق ليبيا وجنوبها، بهدف دعم أعمال قوات الفيلق الأفريقي في منطقة الصحراء والساحل، الذي بات يحل محل شركة فاغنر بعد أحداث صيف عام 2023 (محاولة تمرد بريغوجين في روسيا ثم مصرعه)، كما ازداد الدور اللوجستي لليبيا بعد سقوط نظام الأسد في سورية، مقابل مساهمة روسيا في تدريب الأفراد الليبيين على ضوء الخبرات الفريدة من نوعها التي اكتسبها العسكريون الروس في أوكرانيا”. يذكر أن وزارة الدفاع الروسية باشرت بعد مقتل بريغوجين بتشكيل ما يعرف بالفيلق الأفريقي بديلاً عن “فاغنر”، لأداء المهام العسكرية في الدول الأفريقية، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي تسعى موسكو من خلالها إلى أن تزاحم النفوذ الفرنسي وتعزز وجودها في القارة الثرية بالموارد الطبيعية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here