سرت تحتضن اجتماعاً بين شرق ليبيا وغربها لتشكيل «قوة مشتركة»

سرت تحتضن اجتماعاً بين شرق ليبيا وغربها لتشكيل «قوة مشتركة»
سرت تحتضن اجتماعاً بين شرق ليبيا وغربها لتشكيل «قوة مشتركة»

أفريقيا برس – ليبيا. في تطور لافت قد يعيد رسم مشهد التوازنات العسكرية في ليبيا، أعلن الفريق خالد حفتر، رئيس أركان «الجيش الوطني» ونجل قائده العام المشير خليفة حفتر، الاتفاق على تشكيل «قوة مشتركة» مع قيادات من كتائب مدينة مصراتة خلال اجتماع مفاجئ في سرت.

وأكد خالد، خلال «اجتماع نادر» عقده (الاثنين) في سرت، مع قيادات من كتائب بمصراتة، يعد الأول من نوعه بشكل معلن بين طرفَي الصراع العسكري في البلاد، ضرورة البدء بما وصفه بـ«خطوات عملية وملموسة لتوحيد المؤسسة العسكرية، باعتبارها ركيزة أساسية لمستقبل الوطن واستقراره».

وأوضح اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بـ«الجيش الوطني»، الذي شارك في اللقاء، أن الاجتماع أسفر عن تشكيل «(قوة مشتركة) تُعنى بمكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة، والتأكيد على ضرورة وقف التصعيد الإعلامي الذي لا يخدم مصلحة الليبيين».

ونقل المحجوب، في بيان له الاثنين، عن الفريق خالد حفتر تأكيده «أهمية مصراتة ودورها الوطني»، مشيداً بقدرة أبنائها على دعم الاستقرار ووحدة البلاد، وداعياً إلى «تجاوز الماضي والعمل المشترك لتحقيق تطلعات الليبيين نحو التغيير»، في حين أكدت قيادات مصراتة دعمها لتوحيد المؤسسة العسكرية، وأشادت بجهود التطوير والإعمار بقيادة حفتر.

جهاز «مكافحة الإرهاب» ينفي المشاركة
وفي أول رد فعل على هذا الاجتماع من حكومة «الوحدة» أو أجهزتها العسكرية، نفى جهاز مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة ما وصفه بـ«الشائعات المتداولة حول مشاركة بعض منتسبيه في اجتماع سرت».

وأوضح بيان للجهاز التابع لحكومة «الوحدة» من مقره في طرابلس، أن «هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة»، وأكد التزامه بمستويات عالية من المهنية في حماية الوطن والمواطنين، ومواجهة كل محاولات بث الفتنة أو تشويه صورة المؤسسات الأمنية.

وكان الطرفان في حالة عداء ميداني مباشر خلال معارك عام 2019، حيث شاركت «كتائب مصراتة» بقوة في صد الهجوم الذي شنه «الجيش الوطني» على العاصمة طرابلس، ضمن قوات حكومة «الوفاق» السابقة.

ويأتي هذا الاجتماع، بحسب مصادر عسكرية، ضمن التحضيرات لمشاركة قوات ليبية من الشرق والغرب في مناورات عسكرية في مدينة سرت، في إطار تمرين «فلينتلوك 26» خلال الربع الأول من العام المقبل، وفقاً لما أعلنته القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) مؤخراً.

ومن المقرر أن تبدأ التحضيرات الميدانية واللوجستية نهاية العام الحالي لتجهيز مواقع التدريب والبنية التحتية في سرت، التي اختيرت لتكون نقطة تدريب رئيسية، بهدف تعزيز التعاون بين الوحدات الليبية ودعم جهود توحيد المؤسسة العسكرية، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في ليبيا.

بموازاة ذلك، أعلنت مديرية أمن مصراتة في غرب البلاد، أنها باشرت مساء الأحد تنفيذ خطة أمنية شاملة لتأمين مطار مصراتة الدولي ومحيطه، وصولاً إلى جزيرة السكت جنوب المدينة، بناءً على تكليف من حكومة «الوحدة».

وأوضحت المديرية أن الخطة تستهدف حفظ الأمن والاستقرار داخل بلدية مصراتة، وحماية أرواح المواطنين والممتلكات العامة والخاصة.

ويأتي هذا التحرك الأمني عقب اشتباكات مسلحة عنيفة شهدتها الضواحي الجنوبية للمدينة مؤخراً بين قوة «العمليات المشتركة» والكتيبة «24 مشاة»، وهما تشكيلان تابعان لحكومة «الوحدة»، بعد توقيف أحد عناصر القوة، لتتطور سريعاً إلى تبادل كثيف لإطلاق النار استُخدمت فيه الأسلحة الثقيلة؛ ما أدى إلى إصابة 11 مدنياً على الأقل بينهم طفل واحد وأربعة مهاجرين، وتوقف حركة الطيران في مطار مصراتة الدولي، بسبب إغلاق الطريق المؤدي إليه.

وأثارت الاشتباكات التي امتدت إلى عدة أحياء سكنية قريبة حالة من الهلع بين المدنيين، وسط انتقادات واسعة لضعف سيطرة الحكومة على التشكيلات المسلحة، وتصاعد المطالب المحلية بإخضاع جميع القوى الأمنية والعسكرية لسلطة الدولة، وإنهاء مظاهر السلاح داخل المدينة. كما دعت منظمات حقوقية إلى فتح تحقيق رسمي في ملابسات الاشتباكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

في شأن مختلف، أكد رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، خلال اجتماعه مساء الأحد في العاصمة طرابلس مع رئيس المحكمة العليا المستشار عبد الله بورزيزة وأعضاء المحكمة، ما وصفه بموقف الحكومة الثابت في دعم المؤسسة القضائية، و«الرفض القاطع لأي محاولات تهدف إلى انقسامها أو المساس باستقلالها، باعتبارها إحدى ركائز دولة القانون والعدالة».

كما شدد الدبيبة على حرص حكومته على تقديم الدعم اللازم للمؤسسة القضائية، حفاظاً على وحدتها واستقلالها، وصوناً لدورها في تحقيق العدالة واستقرار البلاد، مشيراً إلى أن الاجتماع ناقش سبل تعزيز العمل القضائي وتمكين المحاكم من أداء مهامها بكفاءة، إلى جانب تهيئة الظروف الملائمة لتطوير بيئة العمل داخل المؤسسات العدلية.

وجاء هذا الاجتماع، الذي أدرجه الدبيبة في إطار التواصل مع المؤسسات القضائية وتعزيز التنسيق بينها وبين السلطة التنفيذية، وسط جدل قانوني حول تفعيل المحكمة الدستورية في بنغازي بقانون مجلس النواب رقم «5» لسنة 2023، الذي ألغى الدائرة الدستورية بطرابلس.

وحذرت المحكمة العليا من خطورة هذا القانون لتهديده وحدة القضاء واستقلاله، مؤكدة التزامها بالدفاع عن الشرعية، وداعية المؤسسات لدعم استقلال القضاء لضمان العدالة والاستقرار.

وكان المجلس الرئاسي قد اعتبر مؤخراً أن الأحكام التي أصدرتها الدائرة الإدارية بمحكمة استئناف بنغازي بعدم اختصاصها في النظر بالطعون المقدمة ضد المراسيم السيادية الصادرة عنه، ترسخ مبدأ الفصل بين السلطات، وتؤكد استقلال القضاء الليبي، مشدداً على ضرورة التزام الجهات الحكومية والسياسية بالمسار الدستوري الصحيح عبر اللجوء إلى المحكمة العليا في الطعون ذات الطبيعة السيادية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here