عصام الزبير: مقتل الككلي يفتح الباب لتحولات في المشهد الليبي

68
عصام الزبير: مقتل الككلي يفتح الباب لتحولات في المشهد الليبي
عصام الزبير: مقتل الككلي يفتح الباب لتحولات في المشهد الليبي

آمنة جبران

أفريقيا برس – ليبيا. دخلت العاصمة الليبية مرحلة من الغموض والتوتر الأمني بعد تصفية عبد الغني الككلي وحل جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، الذي تأسس في يناير 2021 من قبل رئيس الحكومة السابق فايز السراج.

وأعقب مقتل الككلي، الذي يعد رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية والعسكرية في غرب ليبيا وفقًا لإجماع المحللين والمتابعين، حالة من التوتر الأمني والحشد العسكري المتبادل بين الجماعات المسلحة المسيطرة على العاصمة طرابلس ومدن أخرى في غرب ليبيا.

وأشار المحلل السياسي الليبي عصام الزبير، في حواره مع “أفريقيا برس”، إلى أن “مقتل الككلي سيكون له تداعيات على المشهد الليبي على الصعيدين الأمني والسياسي، كما يشير إلى بداية تحجيم نفوذ الميليشيات المنتشرة في الغرب”، لافتًا إلى أن “مثل هذه الجماعات تسعى إلى إقامة دولة داخل دولة من خلال محاولاتها السيطرة على مؤسسات الدولة واحتكار بعض مقراتها”.

واستبعد الزبير تحقيق اللجنة الاستشارية التابعة للبعثة الأممية في ليبيا أي نتائج إيجابية فيما يخص صياغة دستور جديد والذهاب نحو انتخابات، مستندًا إلى الفشل الذريع للمبعوثين الدوليين في ليبيا، وإلى تعمد مجلس النواب والمجلس الرئاسي رفض مخرجات اللجنة بهدف إطالة أمد الأزمة لضمان البقاء في السلطة لفترة أطول.

يذكر أن عصام الزبير هو كاتب صحفي ليبي، ومراسل لوكالات أنباء دولية، ومحلل سياسي يظهر في القنوات العربية والمحلية.

كيف تقرأ المستجدات في المشهد الليبي مع عودة التوتر الأمني في طرابلس؟

عودة التوتر الأمني إلى العاصمة طرابلس تعود إلى وجود قوى تسعى لتكون فوق الدولة، وتطمح لاحتكار بعض مقراتها ومؤسساتها والسيطرة على منابع الثروة، بالإضافة إلى محاولة فرض نفوذها في توزيع المناصب والكراسي. هذه القوى تهدف إلى إقامة “دولة داخل دولة”، مما يعقد عملية الاستقرار بشكل كبير.

هل برأيك سيضعف اغتيال الككلي الجماعات المسلحة في طرابلس مقابل فسح المجال لتمكين الدبيبة من السلطة؟

كان الككلي يتمتع بنفوذ كبير في السيطرة، خاصة على منطقة أبو سليم ذات الكثافة السكانية العالية في العاصمة طرابلس، حيث تمكنت قواته من فرض سيطرتها هناك، ما جعله قادرًا على الضغط على الحكومة لتحقيق المكاسب والنفوذ الذي يسعى إليه. كما كانت له تحالفات مكنته من الهيمنة على المشهد الأمني في العاصمة. ومع مقتله في ضربة استباقية سريعة ومفاجئة، باتت التساؤلات مطروحة حول تأثير ذلك على توازن القوى في طرابلس، وسط دهشة واستغراب المراقبين.

هل برأيك تعكس هذه الحادثة جزءًا من صراع النفوذ على مؤسسات الدولة بين الجماعات المسلحة المتنافسة؟

في الواقع، لا يوجد في ليبيا جيش حقيقي، حتى الجيش الموجود في الشرق يمكن وصفه بأنه ميليشيات تابعة لخليفة حفتر، إذ لا يوجد جيش يمتثل للقانون أو الدستور. ما نشهده اليوم من ارتباك أمني وفوضى هو دليل على هذا الوضع، خاصة مع استمرار اختفاء بعض النواب ونشطاء المجتمع المدني، مما يعكس استنساخًا لنظام القذافي.

أما في طرابلس، فهناك كتائب مسلحة لا تلتزم بأوامر الدولة، لكن هناك قوتين تعتبران مقربتين من الجيش، وهما قوة اللواء 444 بقيادة محمود حمزة، وقوة اللواء 111 بقيادة عبد السلام الجوبي. وقد زار كلاهما الولايات المتحدة مؤخرًا، حيث عقدا لقاءات مع مسؤولين من الإدارة الأميركية، إلى جانب مشاركة صدام حفتر الذي يرأس القوات البرية، في إطار المساعي الأميركية لتوحيد الجيش الليبي.

وفيما يتعلق بصراع هذه الميليشيات، فإن سببه يعود إلى البنية الضعيفة للدولة، وغياب الكفاءات على رأس الحكومة القادرة على احتواء وتحجيم نفوذ هذه المجموعات المسلحة، بالإضافة إلى انتشار العصبية القبلية والمناطقية. ومع المستجدات الأخيرة عقب مقتل الككلي، من المتوقع أن تنحصر الأمور في قوتين رئيسيتين فقط، وهما قوة اللواء 444 وقوة اللواء 111، مع احتمال بروز القوة المشتركة التي يقودها بوغدادة، والتي تحظى بدعم كبير من رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة.

هل برأيك الوساطة مطلوبة ومهمة الآن من أجل نزع فتيل الحرب الأهلية؟

أي ميليشيا في العالم تتصارع من أجل النفوذ والمكاسب والمال، لكن مقتل الككلي يشير إلى بداية تحجيم نفوذ هذه الميليشيات. نزع فتيل الحرب مطلوب، لكن من غير المتوقع أن تتطور الأوضاع إلى حرب أهلية. صحيح أن هناك مناوشات في بعض المناطق، لكنني أستبعد فرضية نشوب حرب أهلية، ويجب الإشارة إلى أن مثل هذه المناوشات منحصرة فقط في العاصمة.

الشارع السياسي والشعبي في ليبيا يترقب مخرجات اللجنة الاستشارية التي تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، هل من الممكن أن تحقق نتائج حاسمة فيما يخص الانتخابات والدستور، حسب تقديرك في ظل مناخ سياسي وأمني مرتبك؟

الشارع الليبي لم يعد يترقب أي شيء من البعثة الأممية. لقد سبق وأن تحمس لوجود مبعوثين دوليين، لكنهم لم يقدموا النتائج المرجوة، مما أفقد الشعب الليبي ثقته في البعثة الأممية. لم يقدم المبعوثون أي شيء لليبيا، حتى الدستور ما زال في أدراج مجلس النواب.

وبخصوص اللجنة الاستشارية، نتساءل: كيف يمكن لها أن تدعم الدستور في الوقت الذي تؤكد فيه البعثة الأممية أنها مجرد لجنة فنية وغير ملزمة؟ هذا يعني أنها ستزيد من إضاعة الوقت، ولن ننجح في صياغة الدستور المنشود.

ولا نتوقع أن تحقق أي نتائج في هذا الصدد، خاصة أن هناك خلافات بين الليبيين حول بعض القوانين. فالمنطقة الغربية لا تريد الاعتراف بمزدوجي الجنسية، ولا تريد العودة إلى الحكم العسكري بوجود قادة عسكريين في الانتخابات.

كما أستبعد موافقة المجلسين – أي برلمان الشرق والمجلس الأعلى للدولة – على مخرجات هذه اللجنة، لأنهما يريدان إطالة أمد الأزمة لضمان بقائهم في السلطة فترة أطول.

كيف يمكن تجاوز مرحلة الانقسام السياسي القائمة في البلاد منذ سنوات طويلة؟

لتجاوز الانقسام في ليبيا، يتطلب ذلك وضع حد للتدخل الخارجي الذي يدفع أطرافًا محلية لتأجيج الانقسام بدل الذهاب نحو التوافق. لقد رأينا تداعيات ذلك على الوضع العسكري في البلاد، حيث يتحدث البعض عن وجود عناصر من الجيش الروسي داعمة للشرق، فيما يتحدث آخرون عن قوة تركية داعمة للمنطقة الغربية. لذلك نحن في صراع وخلافات مع هؤلاء المرتزقة، ولا يوجد استقرار أمني إلى الآن.

كما أن مقتل ككلي سيكون له تداعيات على المشهد الليبي، مثل تواصل الفساد والنهب والإفلات من العقاب، مما يساهم في توتير الأوضاع أكثر.

البعثة الأممية لم تقدم أي دعم فعلي لليبيا، بل ساهمت في زيادة التوتر في المشهد السياسي. المجتمع الدولي لم يساعد ليبيا على حل الأزمة، بل عمقها أكثر، وهناك توقعات بفرض عقوبات اقتصادية مرتقبة على الدولة، وهو ما سيكون له تداعيات على الشارع الليبي وأوضاعه المعيشية، حيث سيكون المواطن هو من سيدفع ثمن كل هذا.

وفي تقديري، لا يوجد حل للأزمة

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here