قرار تشكيل إدارة جديدة لـ”الدعوة الإسلامية” يثير جدلاً واسعاً في ليبيا

22
قرار تشكيل إدارة جديدة لـ
قرار تشكيل إدارة جديدة لـ"الدعوة الإسلامية" يثير جدلاً واسعاً في ليبيا

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. في خطوة أثارت موجة من الجدل السياسي والقانوني، أقدم رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبد الحميد دبيبة، على تنفيذ قرار سابق بتشكيل مجلس إدارة جديد لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية.

هذا القرار لم يمر مرور الكرام، بل أصبح محور نقاش حاد داخل الأوساط السياسية الليبية، حيث اعتبره الكثيرون خطوة مثيرة للجدل في ظل الأوضاع السياسية المتأزمة التي تمر بها البلاد.

القانون والنظام – هل هناك مخالفة؟

الجمعية، التي تمثل إحدى أهم الهيئات المستقلة عن السلطات التنفيذية ولها استقلالية تامة وذمة مالية والمتخصصة في نشر الدعوة الإسلامية ودعم المسلمين حول العالم، نددت القرار بشدة. وأكدت في بيان لها أن هذا القرار لا يستند إلى أي أساس قانوني، موضحةً أن الجمعية تخضع لسلطة مجلس النواب وفقاً للقانون الليبي. وبناءً عليه، بدأ المجلس الحالي للجمعية في اتخاذ إجراءات قانونية للطعن في القرار، وأعلن عن تحركات مماثلة من قبل المجلسين الرئاسي والنواب.

ومع ذلك، يبدو أن المجلس المعين من حكومة الوحدة الوطنية لا يعترف بتلك الإجراءات القضائية، مما يعمق الخلاف بين الأطراف المختلفة.

تدخل الحكومة واتهامات بالسيطرة على الأموال

الجدل لم يتوقف عند الجانب القانوني فقط، بل امتد إلى التهديدات الموجهة للمؤسسة المالية للجمعية.

إذ أشارت الجمعية إلى أن المجلس الجديد يحاول فرض “سياسة الأمر الواقع” ويعمد إلى السيطرة على الأموال التي تمثل أموال الشعب الليبي، وهي أموال تُستخدم لدعم الأنشطة الإسلامية حول العالم.

وقد أبدت الجمعية قلقها من محاولات استغلال هذه الأموال بشكل غير قانوني، ما قد يؤدي إلى تهديد سمعتها الدولية والعلاقات التي تربطها بالعديد من الدول الإسلامية.

هذا الموقف دعمته تصريحات رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد عبد الحكيم حمزة، الذي اعتبر أن قرار حكومة الوحدة يعد انتهاكاً للقوانين التي تنظم عمل الجمعية، مشيراً إلى أن الجمعية كانت في السابق تتمتع بالاستقلالية التامة تحت إشراف مجلس النواب.

وفي السياق نفسه، أطلق عضو مجلس النواب، عيسى العريبي تحذيرات شديدة اللهجة حول محاولات العبث بأرصدة وأموال جمعية الدعوة الإسلامية.

وأعرب في تصريحات صحافية عن رفضه القاطع لما سماه “العبث” بأموال جمعية الدعوة الإسلامية، متهماً الأجهزة الرقابية بالتقاعس عن أداء دورها في حماية تلك الأرصدة.

وقال العريبي إن “الأجهزة الرقابية، بما في ذلك ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية في المنطقة الغربية، تتعرض لضغوط كبيرة من جهات نافذة في طرابلس، مما يعوقها عن أداء دورها الفعّال في مراقبة مؤسسات الدولة”.

وأضاف “إذا كانت هذه الأجهزة عاجزة عن القيام بواجبها تحت هذه الضغوط، فعليها أن تتحمل مسؤولياتها وتبلغ مجلس النواب ومكتب النائب العام بهذه التحديات”.

انتهاك القوانين واقتحام المقر الرئيسي

الأمر الأكثر إثارة للقلق كان ما كشفته الجمعية عن حادثة اقتحام مقرها الرئيسي في طرابلس بشكل غير قانوني من قبل أشخاص مجهولين، مما أثار حالة من الارتباك والخوف بين موظفي الجمعية.

كما أكدت الجمعية أن هذا الاقتحام قد جرى في غياب الرقابة من الأجهزة المعنية على الحسابات المالية للجمعية، الأمر الذي يعزز المخاوف بشأن إمكانية سرقة الأموال أو تلاعب في مستنداتها المالية.

آراء متباينة وسط المشهد السياسي المتأزم

في ظل هذا الجدل العميق، يظل المشهد السياسي الليبي معقداً للغاية. فالوضع الحالي في ليبيا يشهد تصاعداً للخلافات بين الأطراف السياسية المتناحرة، ولا يبدو أن التوصل إلى توافق قريب أمر سهل.

هذا القرار من حكومة دبيبة لا يقتصر تأثيره على الجمعية وحدها، بل قد يزيد من تعقيد الوضع السياسي في البلاد، ويؤثر على مساعي إعادة بناء الثقة بين مختلف القوى السياسية في ليبيا.

كما تزداد الأمور تعقيداً في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة وصراع على السلطة بين الحكومة المركزية والمؤسسات المحلية، بالإضافة إلى انقسام واسع في المؤسسات الحكومية الأساسية.

مخاوف من تأثير القرار على العلاقات الدولية

ورغم كل هذه التحديات الداخلية، تظل الجمعية مؤسسة ذات علاقات دولية واسعة وتعمل منذ أكثر من نصف قرن، حيث تضم مساهمات من أكثر من 50 دولة إسلامية وتتمتع بتمثيل دبلوماسي في أكثر من 20 دولة وقد حذرت الجمعية من أن التصرفات الأخيرة قد تؤدي إلى تدهور سمعتها على الساحة الدولية، وهو ما قد ينعكس سلباً على مصالح ليبيا في المجالين السياسي والديني

ويفتح قرار تشكيل إدارة جديدة لجمعية الدعوة الإسلامية العديد من الأسئلة حول شرعية التدخلات الحكومية في المؤسسات والهيئات التي لاتتبع الجهات التنفيذية ويزيد من تعقيد الأوضاع السياسية في ليبيا.

ومع تزايد التوترات، يبقى التساؤل الأبرز هل سيؤدي هذا النزاع إلى مزيد من التدهور في المشهد الليبي أم سيعزز من ضرورة إعادة ترتيب البيت السياسي بشكل يعيد الاستقرار للبلاد؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here