أفريقيا برس – ليبيا. انضمت ليبيا رسميا إلى جنوب أفريقيا في القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، التي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، وجاء ذلك بعدما استوفت شروط التقدم للمحكمة.
ليست مجرد قضية
وتعتبر ليبيا من أبرز مناصري القضية الفلسطينية في الجامعة العربية وفي المبادرة العربية، منذ أيام الرئيس السباق العقيد معمر القذافي، وفقا للمحلل السياسي عصام الزبير، الذي أوضح أن ليبيا تعامل الفلسطينيين باعتبارهم مواطنين ليبيين وتمنحهم كل الحقوق.
وقال الزبير: “ليبيا مناصرة للقضايا الإنسانية، وقضية فلسطين ليست مجرد قضية عربية، وإنما تأتي على رأس القضايا الإنسانية، فالقتل والإبادة وقصف المدنيين والتعرض لهم وقصفهم وقصف المنشآت الصحية ومنشآت الدولة والبنية التحتية له تأثير بالنسبة للدولة التي لها حرية الرأي والمعتقد”.
وأضاف: “ليبيا تعاني من إشكاليات وعملية ضغوط عدة دول عليها حتى لا تبقى حرة في رأيها، مع ذلك لا تغير موقفها المناصر لفلسطين”.
وتابع المحلل السياسي أن “الكثير من الدول العربية قالت إنها ستدعم ملف جنوب أفريقيا في الجنايات والعدل الدولية، لكن ذلك يأتي في إطار بروباغاندا إعلامية لامتصاص غضب الشعوب، في بعض الأحيان”.
وأكد أنه “تم قبول طلب ليبيا رسميا، أمس الجمعة، ويعتبر هذا مناصرا لقضايا الإنسانية وقضية العرب وقضية مركزية للجامعة العربية التي تخلت عن فلسطين، والتي تمثل بندا أساسيا في كل خطابات العرب، رغم أنه لم يكن هناك تحرك سياسي كبير”، وفق قوله.
واعتبر عصام الزبير أن “ما حدث من ليبيا كبير ومؤثر خاصة إن رأت بعض الدول بأن ليبيا محفز لها، حيث سيكون ذلك مؤثرا في اتجاه القضية الفلسطينية حتى وإن كانت رئيسة المحكمة أمريكية”.
وأردف: “تأخرت هذه الخطوة كثيرا، خاصة بعد ما تعرضت له رفح وغياب التحرك الإنساني، حتى رأينا، يوم أمس، كيف أن عدد الدول التي لا تناصر حل الدولتين ولا تناصر وجود فلسطين في مجلس الأمن ولا في الجمعية العمومية هو 9 اعترضت على القرار وامتنعت دولتان، بينما أيدت نحو 130 دولة حصول فلسطين على عضوية كاملة بالأمم المتحدة”.
ويرى الزبير: “ثمنت القيادات الفلسطينية الدعم الذي وصل من ليبيا إلى قطاع غزة وموقفها مع الجنايات الدولية، وهذا يعد مناصر للشعب الفلسطيني بعيد عن أي تجاذبات سياسية”، مضيفا: “مناصرة القضية الفلسطينية تأتي على خجل، ومناصري إسرائيل يقدمون لهم الدعم اللوجستي، في حين أقفلت الدول العربية حدودها ولم تقدم لهم شيئا”.
وقال: “لا وجود حقيقي لدعم عربي حقيقي لفلسطين، وموقف جامعة الدول العربية ومنظمة العمل الإسلامي، يكاد يخلوا من مناصرة فلسطين”، على حد وصفه، مضيفا: “من الضروري إيقاف المعاملات الاقتصادية مع الدول الداعمة لإسرائيل، واتخاذ مواقف سياسية ضدها لأن هذا له دور كبير في مناصرة القضية الفلسطينية”.
واعتبر أن “الموقف العربي لم يكن داعما لفلسطين بل ساهم الموقف العربي بصمته في زيادة سعير الحرب لأنه تخاذل، مما سمح لإسرائيل أن تستغل كل إمكانياتها لقتل المدنيين وتدمير البنية التحيتة”.
دعم خجول
ومن جهته يرى المحلل السياسي والأكاديمي الليبي، إلياس الباروني، أن “الإبادة الجماعية مستمرة نتيجة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة وآخرها في رفح، وهذا يدل أن الجريمة مستمرة، وهذا الأمر مخالف للأعراف والاتفاقيات الدولية بمنع جرائم الإبادة الجماعية”.
وتابع الباروني: “كانت هناك قضية من جنوب أفريقيا بهذا الخصوص وانضمت ليبيا لها بناءً على المادة 63 التي حددها النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والتي تسمح للدول تفسير مبدأ مكافحة الإبادة الجماعية التي قد ترتكبها بعض الدول ومن بينها إسرائيل”.
وأكد أن “هذا الأمر سوف يؤثر هذه القضية في مجرى الأحداث التي تقوم بها إسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة ورفح، وتدعم القضية التي رفعت من أجلها، كما أن هناك دعم كبير من الجماهير التي خرجت من أوروبا وأمريكا وكل دول العالم كانت داعم للمطالب الدولية لوقف إطلاق النار ومحاسبة إسرائيل على هذه الجرائم التي ترتكب في حق المدنيين في فلسطين”.
وأوضح الياس الباروني أن “تأثير هذا الدعم سوف يكون قوي حتى في الدول الداعمة لإسرائيل كالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا التي كشفت ازدواجية المعايير التي تقوم بها هذه الدول في تعاملها مع حقوق الإنسان والعدالة وكذلك مكافحة الجرائم ضد الإنسانية كلها كانت مجرد دعايات لهذه الدول”.
وأضاف: “من خلال هذه الجرائم التي ارتكبت ضد الفلسطينيين كشفت الوجه الآخر لهذه الدول التي تتشدق بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وهذا التأثير سوف يكون قوي وفي ذات الوقت سيكون داعم لمحكمة العدل الدولية في هذه القضية، وكما نجحت في سبتمبر/ أيلول الماضي، وسوف تنجح هذه المرة، وهناك دول أخرى سوف تنضم إلى ليبيا وجنوب أفريقيا في هذا المطلب الإنساني”.
وقال الباروني: “على الرغم من الظروف التي تمر بها ليبيا من انقسام سياسي والتدهور الاقتصادي والأمني إلا أن القضية المركزية للشعب الليبي والحكومة الليبية هي القضية الفلسطينية”.
وأكد أن “من أبرز أسباب الأزمة الليبية هو تدخل إسرائيل في استمرار الأزمة في ليبيا حتى هذه اللحظة، لأن ليبيا تعتبر شرارة في دعم الشعوب ودعم حريتها”.
وأوضح أن “الشعب الليبي ثابت على موقفه منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في 1948، وكان في موعد في تقديم الدعم الكامل لفلسطين واستمر هذا الدعم على مدى نحو سبعة عقود ولا يزال، وهذا أقل شيء يقدم لفلسطين على الرغم من الظروف التي تمر بها ليبيا”، مضيفا: “من الضروري أن يكون هناك دعم إعلامي كبير للقضية الفلسطينية ودعم من مؤسسات المجتمع المدني تجاه هذه القضية، وعلى الدول العربية أن تكثف دعمها الشعبي تجاه القضية الفلسطينية”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس