التقارب التركي وفتح قنصلية في بنغازي.. أبعاد وآثار الزيارة على العملية السياسية الليبية

21
التقارب التركي وفتح قنصلية في بنغازي أبعاد وآثار الزيارة على العملية السياسية الليبية
التقارب التركي وفتح قنصلية في بنغازي أبعاد وآثار الزيارة على العملية السياسية الليبية

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. في إطار التطورات السياسية والاقتصادية التي تشهدها ليبيا، أثارت زيارة الوفد التركي إلى بنغازي وفتح قنصلية تركية في المدينة، العديد من التساؤلات حول أهداف هذه الخطوة وأبعادها السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى تأثيرها على العملية السياسية في البلاد.

ولإلقاء الضوء على هذه الزيارة، أجرى موقع “أفريقيا برس” حوارًا مع الباحث الأكاديمي في الدراسات الاستراتيجية والسياسية محمد امطيريد الذي تناول في إجاباته محاور متعددة حول زيارة الوفد التركي إلى بنغازي.

دوافع تركيا وراء زيارة الوفد التركي إلى بنغازي

في بداية الحوار، تطرق امطيريد إلى الدوافع السياسة التركية التي تقود تحركاتها في مختلف الملفات الليبية.

وقال: “دوافع السياسة التركية في ليبيا تتسم بالتركيز على المصالح الاقتصادية، وهي دائمًا ما تتماشى مع تحقيق أهداف تركيا والشعب التركي”.

كما أشار لزيارة ابوالقاسم حفتر إلى تركيا مؤخرا، وبصفته رئيس صندوق البناء والإعمار في بنغازي. وقد لاقت هذه الزيارة ترحيبا واهتماما كبيرين لدى السلطات التركية، وهذا مايعكس رغبة تركيا في التقارب مع شرق البلاد وتدويب الجليد بين الطرفين

محمد امطيريد، باحث أكاديمي في الدراسات الاستراتيجية والسياسية

دور حكومة حماد في التقارب التركي

من جهة أخرى، أشار امطيريد إلى أن التقارب بين تركيا وحكومة حماد، لا يعني بالضرورة الدعم المباشر للحكومة في بنغازي أو الاعتراف بها، ولكنه يعكس دعمًا غير مباشر يعزز من موقفها في المستقبل.

وقال: “حكومة حماد لا تحظى باعتراف دولي واسع، ولا تمارس نفوذًا كبيرًا على الساحة الدولية، لكن التقارب مع تركيا يسهم في تقوية موقفها داخليًا من خلال التعاون الاقتصادي والسياسي”.

أضاف امطيريد: “لكن الحديث هنا يدور حول السلطات الحاكمة والمسيطرة على الشرق الليبي بشكل عام، أي القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، التي تمتلك القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية الفاعلة على الأرض”.

وبيّن أن هذه التحركات تأتي في سياق تعزيز العلاقات بين هذه الاطراف في شرق البلاد وتركيا من خلال التعاون الاقتصادي والتنموي والمساهمة في عملية البناء.

أبعاد فتح القنصلية التركية في بنغازي

فيما يخص فتح قنصلية تركية في بنغازي، أكد امطيريد أن هذه الخطوة تحمل أبعادًا اقتصادية ودبلوماسية هامة كما ذكرنا، خاصة في سياق سعي تركيا لتحقيق مصالحها في المنطقة. وقال: “فتح القنصليات يعني فتح جميع القنوات السياسية والدبلوماسية، وهذا يُعد خطوة كبيرة نحو تقوية حضور تركيا في الشرق الليبي، ولم يعد الامر يقتصر على زيارة عابرة أو تبادل لزيارات أو تحميل رسائل عبر وسطاء، حيث وجود قنصلية سيسهم في تقوية العلاقة مع السلطات الحاكمة والمتمثلة في القيادة العامة”.

وأوضح أن تركيا تسعى إلى دعم الاستقرار في المناطق التي تملك فيها مصالح اقتصادية، وهو ما يعكسه وجود تركيا في بنغازي، خاصة أن المدينة تشهد أنشطة اقتصادية حيوية قد تدفع تركيا إلى الاستثمار فيها.

كما اعتبر أن هذه الخطوة ستسرع من تحسين علاقاتها مع سلطات الشرق الليبي.

أهداف تركيا من تعزيز حضورها في بنغازي

وفي معرض الحديث عن الأهداف التركية من تعزيز حضورها في بنغازي، أفاد امطيريد بأن تركيا تركز على تعزيز قدراتها الاقتصادية في ليبيا بشكل عام، خاصة في مجالات الطاقة والبناء.

وقال: “تركيا تسعى أيضًا لمصالح استراتيجية أخرى في ليبيا، مثل استثمارات في قطاع الطاقة والنقل، وهذا جزء من سعيها لتحقيق نفوذ طويل الأمد في المنطقة”.

وأضاف أن “تركيا تسعى كذلك إلى تأمين مصالحها الأمنية في المنطقة، خصوصًا في ضوء التحديات التي تواجهها في البحر المتوسط والشرق الأوسط بشكل عام”.

آثار التقارب التركي على العملية السياسية في ليبيا

أحد أبرز محاور الحوار كان حول آثار التقارب التركي على العملية السياسية في ليبيا، خاصة في ظل الانقسام المستمر بين حكومة طرابلس وحكومة بنغازي والصراع السياسي والمؤسسي المحتدم والمستمر.

أوضح امطيريد أن التقارب مع تركيا قد يسهم في تخفيف حدة الانقسام بين الأطراف الليبية، حيث قال: “كل طرف في ليبيا يسعى لتعزيز قدراته على جميع الأصعدة، خاصة الاقتصادية والتنموية، وهذا يشجع الأطراف المختلفة على البحث عن علاقات متوازنة مع القوى الدولية”.

كما أضاف أن “التعاون التركي مع السلطات في الشرق قد يسهم في تقليل التوتر بين الأطراف الليبية، ويؤدي إلى تسوية تدريجية للمسائل الأمنية، مثل ملف المرتزقة وملف التواجد العسكري الأجنبي لدى كافة الأطراف”.

وأشار إلى أن التقارب الاقتصادي بين تركيا والشرق قد يسهم في تحسين المناخ السياسي وعودة الثقة بين الأطراف الليبية، مما يفتح المجال أمام حوار سياسي حقيقي يقود إلى حل الأزمة الليبية وبشكل كلي.

رأي المجتمع الدولي والأطراف الإقليمية في التقارب التركي

فيما يتعلق برأي المجتمع الدولي في هذه الخطوة، قال امطيريد إن “معظم الأطراف الدولية بدأت تتقبل الوجود التركي في الشرق الليبي، إذ إن تركيا تعتبر اليوم طرفًا فاعلًا في ملف الأزمة الليبية”، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات تأتي ضمن إطار المصالحة الإقليمية بين تركيا ومصر.

واختتم امطيريد حديثه بأن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، حيث من الواضح بأنه ستبدأ الأطراف الليبية في حوار جديد ووضع سياسي جديد وتغير مفصلي في المسار السياسي الليبي.

في الختام، يبقى تقارب تركيا مع السلطات في شرق البلاد وفتح قنصلية في بنغازي خطوة مهمة في سياق تعزيز حضور تركيا في ليبيا.

هذه الخطوة تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية واقتصادية تسهم في استقرار البلاد والمنطقة بشكل كامل، ويمكن أن تمهد الطريق لتسوية سياسية أوسع.

ومع تطور هذه العلاقات، قد تجد ليبيا نفسها أمام فرصة حقيقية للخروج من أزمتها السياسية والأمنية، شريطة أن تتواصل جهود المصالحة بين الأطراف المختلفة في البلاد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here