أفريقيا برس – ليبيا. بعد صمت طويل، أثارت تصريحات واعترافات وزيرة الخارجية الليبية المقالة نجلاء المنقوش، جدلاً واسعاً حول لقاءها السري مع وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق إيلي كوهين في روما، الذي تسبب في إقالتها بقرار حكومي تحت ضغط الشارع الليبي، وذلك بعد نشر وسائل إعلام عبرية هذا الخبر، وأنكر الدبيبة في حينها علمه بهذا اللقاء.
حول هذا الموضوع في حوار أجرته “أفريقيا برس” مع المحلل السياسي مفتاح الدبيب، أكد أن المنقوش حاولت من خلال تصريحاتها في هذا التوقيت أن تدق آخر مسمار في نعش حكومة الدبيبة.
وأشار إلى أن المنقوش اختارت الوقت المناسب لتصفية حسابها مع الحكومة التي تمر بأسوأ مراحلها. كما أوضح أن الحكومة بدأت تفقد أذرعها السياسية تباعاً، مما يزيد المخاوف بأنها قد تلجأ إلى فرض نفسها بالقوة، وهو ما سيعيد البلاد إلى المربع الأول.
وأضاف أن المظاهرات التي خرجت في عدة مدن أنها نار تحت الرماد تعبر عن الاستياء الشعبي من أداء الحكومة وكيفية تعاملها مع الملفات الحساسة، وتعتبر رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن الحكومة فقدت شعبيتها.
مفتاح الدبيب هو ناشط ومحلل سياسي ومدير المكتب السياسي لمنظمة شباب ليبيا من أجل الوئام.
كيف ترى تأثير تصريحات نجلاء المنقوش الأخيرة على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة؟
أرى أن المنقوش اختارت الوقت المناسب لتصفية حساباتها مع الحكومة التي تمر حالياً بأسوأ مراحلها، وحاولت إصابتها في مقتل من خلال وضعها في موقف محرج داخلياً ودولياً.
ومرد ذلك في وجهة نظري راجع إلى عزم البعثة الأممية إطلاق عملية سياسية شاملة للإطاحة بالحكومة الحالية وإنتاج حكومة موحدة متوافق عليها.
وبذلك يمكن القول إن المنقوش حاولت من خلال تصريحاتها الأخيرة أن تدق المسمار الأخير في نعش حكومة الدبيبة.
هل يمكن اعتبار إقالة المنقوش على خلفية لقائها مع وزير الخارجية الإسرائيلي السابق خطوة سياسية أو قانونية مدروسة من قبل الحكومة أم نتيجة ضغط من الشارع وذهبت المنقوش ككبش فداء لحكومة الدبيبة؟
بشكل عام، لم يكن لحكومة الدبيبة منذ توليها أي خطوة مدروسة حتى الآن.
بما في ذلك إقالة المنقوش التي جاءت نتيجة ضغط الشارع الليبي الرافض لأي شكل من أشكال التعامل مع الكيان الإسرائيلي.
أيضاً، سياسة الحكومة التي تتعمد التعامل مع مثل هذه الأمور بمبدأ كسب الوقت وكأنها تنتظر أي تغيرات غير متوقعة قد تنزل من السماء لتحل بها هذه الأزمات. المنقوش لم تذهب كبش فداء. من وجهة نظري اختارت الوقت الصحيح للظهور. حاولت مغازلة الشرق الليبي للدعم والحماية.
حاولت وضع كل اللوم على حكومة الدبيبة وتعليق كل اللوم عليها. حاولت أن تستدر عواطف الليبيين وأن تظهر بمظهر الشخص المضحوك عليه المغلوب على أمره.
وكل ذلك من أجل القفز من المركب الخشن إلى المركب الناعم الذي سيكتمل بناؤه قريباً.
في ضوء ما ذكرته المنقوش، هل يمكن اعتبار لقائها مع كوهين قد تم بعلم الدبيبة فعلاً؟ وما هي الدلالات السياسية لهذا التصريح؟
الكل يعلم منذ البداية أن لقاء المنقوش ومن معها كان بترتيب حكومة الدبيبة وهو من ضمن سلسلة لقاءات تم إجراؤها. والكل يعلم أيضاً أن وزيرة الخارجية مجردة من بعض الصلاحيات وبخاصة اتخاذ خطوة جريئة تضرب بالقوانين والأعراف الليبية عرض الحائط. لا يعني ذلك تبرئتها من المسؤولية بل كانت على علم بكل ما تقوم به حتى وإن كانت غير مسؤولة عن تنظيم وعقد اللقاء. أما الدلالات السياسية، فمن المتوقع أن تؤدي هذه التصريحات إلى مزيد من التوتر والاضطراب في المشهد السياسي الليبي وقد تؤدي إلى تصعيد الصراع بين الأطراف السياسية، وهذا الملاحظ من تصريحات بعض السياسيين الذين اعتبروا أن لقاء المنقوش يعتبر خيانة عظمى وتفريطاً في المقدسات.
كيف تفسر المظاهرات الشعبية التي انطلقت في مدن طرابلس ومصراتة والزاوية ضد حكومة الدبيبة بعد الكشف عن تفاصيل هذا اللقاء؟
أعتقد أن الاحتجاجات التي خرجت على خلفية تصريحات المنقوش هي نيران تحت رماد الغضب الشعبي. أيضاً تعتبر رسالة للمجتمع الدولي أن هذه الحكومة بدأت تفقد تأييدها الشعبي وأنها لم تعد محل قبول بالنسبة له.
ما هي تداعيات التصعيد الحالي على موقف حكومة الدبيبة داخلياً ودولياً؟ وهل يمكن أن يؤثر ذلك على استقرار الحكومة ويسرع من تشكيل حكومة جديدة بتوافق كل الفرقاء؟
داخلياً، الحكومة فقدت كل أوراقها الشعبية التي كان التعويل عليها كثيراً. كما أنها بدأت تفقد أذرعها السياسية تباعاً مما يزيد المخاوف بأنها قد تلجأ إلى فرض نفسها بالقوة وهو ما سيعيد البلاد إلى المربع الأول.
أما بالنسبة للمجتمع الدولي، فهو في انقسام بين مؤيد وداعم للقاء الليبي الإسرائيلي ويعمل على إقامة علاقات تعاون بينهما ويرى أن حكومة الدبيبة فشلت في ذلك.
وطرف آخر يرى أن بقاء هذه الحكومة قد يؤثر على مصالحه، فهو يسعى إلى استبدالها بأخرى. اختيار المنقوش لهذا الوقت بالذات قد يكون له أثر ودور كبير في تشكيل حكومة جديدة.
من الناحية القانونية، هل يعتبر اللقاء بين المنقوش وكوهين في إيطاليا خرقاً للقوانين الليبية أو السياسة الخارجية المعتمدة من الحكومة؟
قانونياً، يعتبر هذا اللقاء خرقاً للقوانين الليبية وبالتحديد قانون 62 لسنة 1957 الذي يحظر كافة أشكال التعامل مع أي طرف ينتمي إلى الكيان الإسرائيلي. الجميع ينتظر ويترقب موقف النائب العام والطريقة التي سيتعامل بها مع هذه القضية الخطيرة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس