عبد الرحمن البكوش
أفريقيا برس – ليبيا. بعد زيارته إلى بنغازي، أكد سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، أهمية الوصول إلى مؤسسات موحدة وشرعية وإجراء انتخابات وطنية في ليبيا. وقال السفير الأوروبي في منشور عبر حسابه بمنصة “إكس”: “سنعمل على بحث فرص تعزيز التعاون من خلال برامج الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تحسين إدارة الحدود الجنوبية”، مؤكدًا دعم الاتحاد الأوروبي الكامل للمبعوثة الأممية الجديدة هانا سيروا تيتيه.
حول هذا الموضوع، وفي حوار أجرته “أفريقيا برس” مع الناشط والمحلل السياسي جمال الفلاح، أوضح أن الخطوة الأساسية التي يجب أن يتبناها الاتحاد الأوروبي هي دعم المؤسسات الليبية بدلاً من دعم الأفراد والجماعات. وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يلعب دورًا محوريًا في دعم الاستقرار في ليبيا، نظرًا لموقعها الجغرافي كحدود جنوبية للاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن التحول في سياسة إيطاليا مؤخرًا تجاه الملف الليبي يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الأوروبي في ليبيا.
جمال الفلاح هو سياسي وناشط مدني ومدافع عن حقوق الإنسان ومن داعمي مشروع السلام والمصالحة في ليبيا.
كيف ترى دور الاتحاد الأوروبي في دعم عملية التسوية السياسية في ليبيا في ظل التطورات الأخيرة؟
يلعب الاتحاد الأوروبي دورًا محوريًا في دعم الاستقرار في ليبيا، نظرًا لموقعها الجغرافي كحدود جنوبية للاتحاد الأوروبي. يعتبر الاتحاد أن استقرار ليبيا أمر بالغ الأهمية للحفاظ على أمنه، ويعكس هذا الاهتمام من خلال محادثات المبعوث الأوروبي في مجلس الأمن، حيث يركز على أمن الحدود الجنوبية للاتحاد. وفي ظل التطورات الأخيرة، خاصة التوغل الروسي في الشرق والتركي في الغرب، يجد الاتحاد الأوروبي نفسه أمام تحديات كبيرة، إذ إن هذه الأطراف تدافع عن مصالحها عبر تواجد قواتها في ليبيا. على الرغم من هذه التحديات، يستمر الاتحاد الأوروبي في دعم العملية السياسية وتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات كوسيلة لتحقيق الاستقرار.
ما هي الفرص المتاحة أمام الاتحاد الأوروبي لتعزيز استقرار ليبيا في الفترة القادمة؟
للأسف، يعاني الاتحاد الأوروبي من انقسامات داخلية حول الملف الليبي. خلال حرب طرابلس، دعمت بعض الدول الأوروبية أطرافًا متصارعة، مما عرقل جهود التسوية. وفقًا لتصريحات غسان سلامة، المبعوث الأممي السابق، فإن التدخلات الأوروبية في الشأن الليبي كانت أحد الأسباب الرئيسية لتأزيم الوضع. وفي هذا السياق، أكد عبد الله باثيلي، المبعوث الأممي المستقيل، ضرورة توحيد صوت الاتحاد الأوروبي. إذا تمكن الاتحاد الأوروبي من التوصل إلى توافق داخلي حول دعم خارطة الطريق الأممية، فإنه يمكنه المساهمة في تحقيق الاستقرار وإجراء الانتخابات في ليبيا.
ما هي التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي في محاولته لتعزيز التعاون مع الأطراف المختلفة في ليبيا؟
يمثل التحول في سياسة إيطاليا خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الأوروبي في ليبيا. في الماضي، كانت إيطاليا تميل إلى دعم أطراف معينة في غرب ليبيا، لكن الحكومة الإيطالية الحالية تسعى للتعامل مع جميع الأطراف بشكل متساوٍ، خاصة في إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية. تشير تسريبات الاستخبارات الإيطالية إلى تهديدات كبيرة من الهجرة إلى أوروبا، مما دفعها لتعديل سياساتها. ومع ذلك، يظل التواجد الروسي والتركي في ليبيا تحديًا رئيسيًا، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي، من خلال البعثة الأممية، إلى حل هذه العقدة وتحقيق الاستقرار.
كيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يساهم بشكل فعال في توحيد المؤسسات الليبية في ظل هذه الانقسامات الحالية؟
الخطوة الأساسية التي يجب أن يتبناها الاتحاد الأوروبي هي دعم المؤسسات الليبية بدلاً من دعم الأفراد والجماعات. ينبغي أن يكون الدعم الأوروبي موجهًا نحو تعزيز المؤسسات القادرة على قيادة البلاد نحو الاستقرار. كما يجب أن يسهم الاتحاد في تفكيك المجموعات المسلحة وإعادة إدماجها في المؤسسات الأمنية بشكل فردي، وهذا يتطلب تغيير السياسات السابقة التي دعمت الأفراد على حساب المؤسسات، وهو ما ساهم في تعميق الانقسامات.
هل تعتقد أن دعم الاتحاد الأوروبي للمبعوثة الأممية حنا تيتيه سيكون له تأثير إيجابي على عملية السلام في ليبيا؟
نعم، دعم الاتحاد الأوروبي للمبعوثة الأممية حنا تيتيه سيكون خطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار. بعد الانقسامات السابقة، يسعى الاتحاد الأوروبي الآن إلى توحيد موقفه ودعم المبعوثة الأممية لتحقيق تسوية شاملة في ليبيا، وهذا يمكن أن يسهم بشكل كبير في إنهاء الانقسام العسكري والسياسي وخروج القوات الأجنبية، مما يفتح الطريق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
في رأيك، هل يمكن أن يسهم الاتحاد الأوروبي في تنظيم الانتخابات الوطنية في ليبيا في حال استمر هذا الانقسام السياسي؟
نعم، الاتحاد الأوروبي يواصل دعم العملية الانتخابية في ليبيا، كما كان الحال في انتخابات 2020-2021، وكان داعمًا أيضًا للجنة المركزية للانتخابات البلدية. رغم الانقسامات الحالية، يمكن تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية بإشراف الاتحاد الأوروبي وتحت ضمانات دولية. وقد تتضمن هذه الانتخابات مراقبين دوليين لضمان نزاهتها، مما قد يؤدي إلى خروج الوجوه السياسية التي ساهمت في تأزيم الوضع واستقرار ليبيا على المدى الطويل.
يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة في تحقيق الاستقرار في ليبيا، لكن فرص النجاح ما زالت قائمة إذا تمكن من توحيد موقفه ودعم العملية السياسية بطريقة فعالة تركز على دعم المؤسسات بدلاً من الأفراد.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس