
بقلم : ناصف الفرجاني
أفريقيا برس – ليبيا. ضمن التحركات الإقليمية المتسارعة، على الساحه الليبية كانت زيارة رئيس جهاز المخابرات المصرية العامة اللواء كامل عباس الى طرابلس ولقاءه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ، وفي اطار الدور المصري الفاعل والمنافس بل المتقاطع مع الدور التركي في القضية الليبية. الاطار الدبلوماسي والسياسي الظاهر للعيان هو تعزيز التعاون المشترك وتفعيل بنود الاتفاقية الليبية المصرية، والتي تتضمن تعاون مشترك في المجال الاقتصادي واعادة الاعمار، والتشاور في قضايا الامن القومي للبلدين، والتذكير بوثيقة القاهرة التي هي أحد أركان تسوية جنيف، وكانت محطة مهمة لانطلاق مسيرة الحل السياسي ، والتي تقضي في أهم بنودها على انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية، ولكن الاهم كان في كواليس الزيارة وهو ما يتعلق بعدم دعم هذة الحكومة لبقاء اي قوات أجنبية في مؤتمر برلين 2. وهذا ما طلبه وشدد عليه الوفد التركي الذي زار طرابلس برئاسة وزير الدفاع التركي وكانت الزيارة بشكل أثار حالة من الاحتقان في الشارع الليبي، حيث وصل الى طرابلس دون علم أو تنسيق مع سلطات طرابلس.
الهدف الثاني للزيارة كان لمراجعة ما تعتبره القاهرة أخطاء سياسية وإعلامية ارتكبها الدبيبة حيث اصطحب كل أعضاء حكومته في زيارة الى تركيا فور توليه السلطة ووقع اتفاقات أمنية وتجارية رغم أنه سلطة مؤقتة في رضوخ للضغط التركي من ناحية ومخالفة لبنود جنيف وتجاوز لدور البرلمان.
وفي اطار المواقف السياسية وترجمتها إعلاميا فالدبيبة لم يتطرق الى تركيا كقوة أجنبية بل اعتبرها قانونية وتخدم مصالح ليبيا. في حين تعامل بكل فتور اتجاه الحكومة المصرية رغم أنها هي الطرف الإقليمي الاكثر تأثيرا في الساحة الليبية.
وعلى الصعيد العسكري قام بتكليف رئيس أركان اللواء الحداد بشكل موازي لرئيس الاركان السابق المكلف من البرلمان، وهي السلطة التشريعية التي شرعنت حكومة الوحدة الوطنية.
كل هذه العوامل خلقت حالة من الاحتقان في برقة فزان، أضف الى ذلك أنه يتهرب من زيارة بنغازي لتفادي لقاء المشير خليفة حفتر وهروب من هذا الاستحقاق بعد أن تلقى تحذيرات من المجموعات المسلحة وكان قد غير وجهته جوا بعد أن أقلعت طائرته من مطار طبرق بنغازي التي تبعد نصف ساعة طيران عن طبرق .خاصة أن مدينته مصراته تمثل الثقل العسكري المعارض لحفتر في غرب البلاد. وتضم عدد من التنظيمات المسلحة مثل أنصار الشريعة، و زيارته للرجمة (مقر القائد العام للجيش حسب قرار البرلمان) قد تكلفه اسقاط حكومته.
كما رفض الدبيبة حضور احتفال واستعراض عسكري في بنغازي تحت إشراف حفتر في حين حضر احتفال عسكري في مصراتة و يسمي قوات بركان الغضب وهي اسم لعملية التصدي لقوات الكرامة عندما حاولت اقتحام طرابلس..
كل هذه التراكمات عززت حسب المراقبين صورة الدبيبة كطرف سياسي وليس رئيس حكومة وحدة وطنية.. وانعكست سلبا على خطوات اعتماد الميزانية.. ومخاوف لدى عدد كبير من النواب من جدوى اعتماد ميزانية وتنفيذها بشكل نزيه وفعال لحكومة لم يبقي من عمرها سوى ستة أشهر. لاسيما شطب بند ميزانية الجيش في الشرق في مقابل منح مخصصات المسميات وإجسام ذات طابع عسكري وأمني وهي في حقيقتها مجاميع مسلحة عير خاضعة لاي سلطة وتسيطر على القرار السياسي والاقتصادي والأمني في غرب البلاد بشكل مواز للسلطة التي أفرزتها حوارات جنيف.
و أمام حالة الاحتقان في الشرق والجنوب مع حكومة الدبيبة وعدم قدرة حكومته في المناطق الواقعة تحت سيطرة المشير خليفة حفتر والتي تمثل 70%من مساحة البلاد ، أصبحت شعبية ومصداقية الحكومة تتراجع وتكاد تصل الى طريق مسدود. من هنا جاء طلب الدبيبة وساطة مصرية مع المشير حفتر وأنه على استعداد إلقائه و أن ما حدث كان سحابة صيف ويجب أن تمر.
تجدر الإشارة الي ان رئيس المخابرات المصري التقي محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي في نفس الزيارة والذي وجه بدورة دعوة الى الرئيس السيسي لزيارة ليبيا ودعوة للشركات المصرية للمساهمة في اعادة الاعمار خاصة في مجال الطاقة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أجرى رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي، زيارة رسمية لطرابلس، برفقة 11 وزيرا، لتعزيز التعاون بين البلدين الجارين في المجالات المختلفة. وفي يناير/كانون الثاني 2020، استضافت برلين مؤتمرا شاركت فيه دول ومنظمات دولية وإقليمية، للمساهمة في حل النزاع الليبي. وشددت مخرجات المؤتمر على ضرورة احترام حظر الأسلحة ودفع الأطراف المتحاربة الليبية للتوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار.
ومنذ أشهر، تشهد ليبيا، البلد الغني بالنفط، انفراجا سياسيا، ففي 16 مارس/آذار الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل. ولعدة سنوات، عانت البلاد صراعا مسلحا، بدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب.
وفي زيارة كامل الى الرجمة، طرحت مسألة اللقاء ولم ترشح اي معلومات عن خطوات تحقيق هذة الوساطة..
ولكن يبقي السؤال الاهم: هل يستطيع الدبيبة الخروج من عباءة تركيا وتحمل ردة فعل المجموعات المسلحة المعادية لحفتر ..!!