أفريقيا برس – ليبيا. مرة أخرى تعود الأوضاع الأمنية في العاصمة طرابلس إلى التدهور وتتجدد الاشتباكات ليلاً بين المجموعات المسلحة مختلفة التبعية والتوجه، في وقت تشهد فيه ليبيا بأكملها انقساماً وصراعاً على السلطة بين حكومتين، وفراغاً أمنياً أنتجه التفاتهم إلى معركة الكرسي.
اندلعت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين مجموعتين مسلحتين، إحداهما تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، وهي قوة الردع الخاصة، والأخرى من جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي، مساء الأربعاء.
وعلى إثر هذه الاشتباكات، أكدت مصادر صحية لـ “القدس العربي” مقتل 4 أشخاص بينهم مدني وأصيب 3 آخرون، في الاشتباكات التي حدثت بالأسلحة الخفيفة في منطقة الدهماني المكتظة بالسكان، وسط العاصمة الليبية طرابلس.
وأظهرت مشاهد ومقاطع فيديو تسبب الاشتباكات في تدمير سيارة تابعة للمجلس الرئاسي، فيما تسببت الاشتباكات بمجموعة من الأضرار المدنية التي طالت ممتلكات ومحال المواطنين، فيما انتشرت مقاطع أخرى للاشتباكات.
وفي السياق ذاته، تشهد منطقة تاجوراء هي الأخرى توتراً ملحوظاً بين قوات المجلس الرئاسي وكتائب من المنطقة على خلفية إطلاق سراح أحد المطلوبين لكتائب تاجوراء.
وعلى إثر ذلك، قام عدد من المسلحين، الخميس، بإغلاق عدد من الطرق الرئيسية في محيط منطقة تاجوراء وسوق الجمعة وسط توقعات بتجدد الاشتباكات ليلاً.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها العاصمة طرابلس مواجهات مسلحة كهذه، حيث شهدت منتصف أيار/مايو الماضي اشتباكات بين قوات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى موالية لفتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، عقب دخول الأخير العاصمة في محاولة منه لتسلم السلطة.
كما عاش سكان المدينة خلال الشهر الجاري حالة من الذعر بعد اندلاع اشتباكات بين مجموعتين مسلحتين في محيط ما يُعرف بجزيرة سوق الثلاثاء بقلب العاصمة، وهي من المناطق الأكثر ازدحاماً في المدينة واندلعت على إثرها موجة من التنديدات أبرزها من البعثة الأممية.
وتزايدت وتيرة التوترات الأمنية مع انتهاء أجل خريطة الطريقة الموضوعة من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبي، فضلاً عن فشل الحوار الدستوري في القاهرة.
وعلى إثر ذلك، خرجت الأمم المتحدة عن صمتها، مع تردي الأوضاع الأمنية، حيث حثت الأمم المتحدة القادة الليبيين على الامتناع عن استخدام تاريخ 22 حزيران/يونيو كأداة للتلاعب السياسي.
وقال نائب المتحدث الأمم المتحدة فرحان حق، إن تاريخ 22 حزيران/يونيو حدد موعداً لنهاية خريطة الطريق شريطة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل هذا التاريخ، وهو ما لم يحدث.
وأكد فرحان حق، أن الأمم المتحدة ما زالت على قناعة راسخة بأنّ الانتخابات هي السبيل الوحيد لتجديد الشرعية لجميع المؤسسات في ليبيا.
وذكر حق، أن أولويات الأمم المتحدة في ليبيا تتمثل في تسهيل إجراء الانتخابات، على أساس قاعدة دستورية وقانونية متوافق عليها، معرباً عن أسف الأمم المتحدة لضياع عدد من تفاهمات ملتقى الحوار على مدار عام 2021. ودعا فرحان حق، القادة الليبيين إلى مضاعفة جهودهم للحفاظ على الهدوء والاستقرار في هذا المنعطف الحرج في التحول السياسي في ليبيا.
وفي المقابل، قال رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا، الخميس، إن خريطة الأمم المتحدة انتهت دون نجاح، مؤكداً التزامه بإجراء انتخابات ديمقراطية بدعم أممي.
وأضاف في تغريدة له على حسابه في موقع تويتر، قائلا: “انتهت خريطة الأمم المتحدة دون نجاح. أثني على جهودهم المبذولة على مدى السنوات الـ11 الماضية”، مؤكداً أن الوقت قد حان للحل الليبي، وعبر رئيس الحكومة المكلف عن تطلعه للعمل مع الأطراف المعنية لتنفيذ خريطة الطريق نحو التعافي التي أطلقها أخيراً.
وعلى صعيد المسار الدستوري، فقد أعلنت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، قبول رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، دعوتها للاجتماع في مقر الأمم المتحدة في جنيف في الفترة 28 إلى 29 حزيران/يونيو، بغية مناقشة مسودة الإطار الدستوري بشأن الانتخابات.
وأرسلت التحية إلى رئاستي المجلسين لالتزامهما بإنجاز التوافق بشأن المسائل المتبقية عقب اجتماع لجنة المسار الدستوري المشتركة الأسبوع المنصرم في القاهرة، حسب تغريدة على حسابها في موقع تويتر، الخميس.
وتأتي دعوة وليامز للقاء بعد انتهاء الجولة الأخيرة للجنة المسار الدستوري، حيث قالت وليامز حينها، إن الخلافات ظلت قائمة بشأن التدابير المنظمة للمرحلة الانتقالية المؤدية إلى الانتخابات .
ومع اقتراب انتهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أعضاء مجلس الأمن الدولي بترشيح وزير الخارجية الجزائري السابق، صبري بوقادوم، لمنصب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، حيث ينتظر ردهم قبل اليوم على القرار.
وأبلغ السكرتير العام للأمين العام، الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي اعتزامه ترشيح بوقادوم مندوب الجزائر الدائم السابق لدى الأمم المتحدة لقيادة منصب البعثة في ليبيا، والذي ينتظر تأكيدهم وموافقتهم على القرار في أجل أقصاه اليوم، وفق ما كشفت وثيقة لوفد الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة، ويأتي ذلك بعد تحرك دولي واسع لتعيين شخصية إفريقية لولاية البعثة الأممية خلفاً لكوبيتش .
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس