أفريقيا برس – ليبيا. وجّه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة كلمة إلى الشعب الليبي مساء السبت، كشف فيها عن تفاصيل ما وصفها بـ”العملية الأمنية الناجحة في منطقة أبوسليم”، مشددًا على أن حكومته تعمل على إنهاء سطوة المليشيات وبسط سلطة الدولة.
وقال الدبيبة إن حكومته “وجدت أمامها واقعًا صعبًا يتمثل في مليشيات أصبحت أقوى من مؤسسات الدولة”، مشيرًا إلى أن المدعو “غنيوة” كان يسيطر على ستة مصارف وعلى منطقة مكتظة بالسكان، ويتعامل بالقوة مع كل من يعارضه.
وأضاف أن عملية أبوسليم تم تنفيذها بدقة وفي وقت قياسي دون أضرار، متعهدًا لأهالي المنطقة بدعم أكبر، وقال: “الظلم رُفع عنكم”. وأعلن تعيين رئيس جديد لجهاز الأمن الداخلي لضمان عدم تكرار الانتهاكات.
وفي تصريح لافت، عبّر الدبيبة عن صدمته من تقرير محكمة الجنايات الدولية بشأن “أسامة انجيم”، متسائلًا: “كيف نأتمن من اغتصب فتاة عمرها 14 عامًا؟”، مؤكدًا أنه لم يعرفه أو يسعَ لإخراجه من إيطاليا.
واعتبر رئيس الحكومة أن ما جرى بعد عملية أبوسليم من تصعيد أمني كان نتيجة استعجال في تنفيذ القرارات، وقال: “لو كنت أنوي الحرب لما بقيت في منزلي بمنطقة الاشتباكات”.
وفي رسائل مباشرة، دعا الدبيبة: “أفراد المليشيات إلى الانضمام لمؤسسات الدولة، مؤكدًا أن أي طرف يختار الدولة سنرحب به، أما من يستمر في الابتزاز والفساد فلن نتركه”.
كما اتهم أطرافًا سياسية، من بينها عقيلة صالح وخالد المشري وقيادة الرجمة، بالسعي لإبقاء طرابلس تحت رحمة المليشيات لتحقيق مصالحهم.
وعن المظاهرات التي خرجت في العاصمة أكد الدبيبة بأنها أزعجته، بعضها حقيقي، والكثير منهم مدفوعي الأجر.
وفي ختام كلمته، عبّر الدبيبة عن أمله في أن تكون هذه المرحلة بداية النهاية لسلطة المليشيات، قائلاً: “لأول مرة أقولها: حلم دولة القانون بات قريبًا، وحاجز الخوف انكسر”.
وكان كل من نائب رئيس الحكومة ووزير الصحة المكلف رمضان أبوجناح، ووزير الحكم المحلي بدر الدين التومي، ووزير الإسكان والتعمير أبو بكر الغاوي، قد أعلنوا في وقت سابق، عبر حساباتهم الشخصية على موقع “فيسبوك”، استقالاتهم من حكومة الوحدة الوطنية، معلنين انحيازهم إلى مطالب الشارع الليبي في ضوء الاحتجاجات والاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس، وموجهين انتقادات حادة إلى أداء الحكومة وغياب الاستجابة للإصلاحات المطلوبة.
من جهتها، نفت حكومة الوحدة الوطنية، ما تم تداوله على بعض صفحات التواصل الاجتماعي بشأن استقالة وزيرين وعدد من وكلاء الوزارات، مؤكدة أن “هذه الأنباء لا أساس لها من الصحة وتهدف إلى تضليل الرأي العام وإثارة البلبلة في ظل ظرف حساس تمر به البلاد”.
وفي وقت سابق من الخميس الماضي، قال مصدر ليبي مسؤول رفيع المستوى في طرابلس إن “مظاهرات خرجت مساء يوم الأربعاء في العاصمة الليبية طرابلس، نظمها مواطنون طالبوا برحيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة”.
وأضاف المصدر أن “المتظاهرين واجهوا الرصاص الحي من قبل قوات مسلحة تابعة للحكومة أمام مقر رئاسة الوزراء في طريق السكة، وفي ميدان الشهداء، في محاولة لفض الاحتجاجات”.
وتأتي هذه الاحتجاجات بعد مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي الليبي عبد الغني الككلي، مساء الاثنين الماضي في طرابلس، حيث أفيد بأنه قتل داخل مقر اللواء 444 بمنطقة طرابلس العسكرية، والتابع لوزارة دفاع حكومة الوحدة.
واندلعت اشتباكات في طرابلس بين قوات جهاز الردع التي تتبع مباشرة للمجلس الرئاسي الليبي، واللواءين 444 و111 التابعين لمنطقة طرابلس العسكرية، وبعد ذلك أعلنت وزارة الدفاع الليبية، يوم الأربعاء الماضي، بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في جميع محاور التوتر داخل العاصمة طرابلس، وذلك في إطار الحرص على حماية المدنيين والحفاظ على مؤسسات الدولة.
وتعاني ليبيا من أزمة سياسية معقدة، في ظل وجود حكومتين متنافستين؛ الأولى في الشرق بقيادة أسامة حماد المكلف من قبل مجلس النواب، والثانية في الغرب بقيادة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا من خلال انتخابات.
وكان من المقرر إجراء انتخابات رئاسية في ليبيا في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، إلا أن الخلافات السياسية بين الأطراف المتنازعة، إضافة إلى النزاع حول قانون الانتخابات، حالت دون إتمامها.
ورغم المحاولات الدولية والمحلية المتكررة لتوحيد المؤسسات المنقسمة بين الشرق والغرب، لا تزال الجهود مستمرة لإيجاد حل سياسي يضع حداً للأزمة ويمهد الطريق نحو استقرار دائم.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس