فتح الدكتور غريغوري أفتانديليان، الأستاذ المُحاضر بالجامعة الأميركية في واشنطن، في نقاش مطول عبر برنامج USL على شاشة 218news، ملف التدخلات الأجنبية وتشابك المصالح في ليبيا، ومستقبل الدبلوماسية الأميركية في ليبيا وارتباطها بالانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.
ليبيا في “عهد بايدن”
رأى أفتانديليان أنه من المنتظر حدوث تغيّر في السياسة الأميركية تجاه الملف الليبي في حال فوز جو بايدن، الذي قال إنه سيتبعُ خطًا أكثر صرامة في مواجهة سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر ممّا فعل الرئيس الحالي دونالد ترامب.
وحول السقف الذي سيتعامل به بايدن مع التدخل في ليبيا، أوضح أن بايدن سيكون أكثر انتقادًا لوجود تركيا في ليبيا وسيحاول العمل مع الناتو لإرغام جميع القوات الأجنبية على مغادرة البلاد.وأضاف أن بايدن سيلوّح بالتهديد بالعقوبات على تركيا بسبب شراء الأسلحة الروسية.
سياسة “التجميد” الأميركية في ليبيا
قال المحاضر بالجامعة الأميركية إن ترامب لم يعترض عندما أرسل أردوغان القوات التركية والمرتزقة السوريين إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق، مبيناً أن الموقف الرسمي الأميركي الآن هو تحقيق وقف إطلاق نار يفترض أن يقود إلى اتفاق سياسي.
واعتبر أن ليبيا بالنسبة لترامب معقدةً للغاية ويصعب تحقيق مكسبٍ دبلوماسي فيها قبل الانتخابات المقبلة، مضيفاً أن سياسة الولايات المتحدة تقوم على محاولة تثبيت استقرار الوضع حتى لا يتطور إلى صراع أوسع.
وكشف أن جانباً من سياسة الولايات المتحدة في ليبيا كان السماح للقوات التركية والمرتزقة السوريين المتحالفين مع تركيا بالدخول إلى البلاد بهدف الحد من النفوذ الروسي هناك.
وأضاف أفتانديليان أنه لو قامت الولايات المتحدة بدور أقوى وكان لها وجود دبلوماسي أمريكي في ليبيا لم يكن ليأتي الكثيرُ من هؤلاء اللاعبين الأجانب إلى ليبيا، لكن ترامب منشغل بقضايا أخرى كأزمة وباء كورونا وعلاقته المضطربة مع الصين في الوقت الحالي، وكذلك الوقوف في وجه التهديد الإيراني.
التصادم المصري التركي في ليبيا
وشكك المحاضر في الجامعة الأميركية في واشنطن في امتلاك حكومة الوفاق ومجلس النواب، لفكرة أو رؤية عن كيفية الانخراط في مسار المصالحة بينهم، مؤكدا أن مسألة الوصول إلى حل سياسي في ليبيا، سيستغرق وقتًا طويلاً.
وأضاف أن المواجهة بين تركيا ومصر في ليبيا احتمال قائم، قائلا إن مصر قلقة من أنه إذا تحركت القوات المدعومة من تركيا شرقاً في ليبيا، فستتبعها الجماعات الإسلامية المتطرفة، وذلك يعني مشكلة أمنية لمصر.
وتطرق إلى خلفية علاقات أنقرة المتوترة مع مصر، مشيراً إلى أنها نتيجة دعم تركيا للإخوان المسلمين المصريين الذين يبثون منها إلى مصر رسائل معادية للسيسي.
وبشأن التدخل في ليبيا الذي لوح به الرئيس المصري في وقت سابق، شدد على أنه ينبغي على السيسي أن يَحسب مخاطر تدخله في ليبيا بعناية فائقة.
ليبيا.. قضية الشرق الأوسط
قال الدكتور غريغوري إن ليبيا الآن هي القضية الرئيسة في الشرق الأوسط، لكنها ليست هي الأولوية القصوى لإدارة ترامب، إلا أنها لفتت انتباه الإدارة الآن بسبب دخول العامل الروسي.
وعن سبب زيادة اهتمام أميركا بالأزمة الليبية، قال إن زيادة التوتر بين عضوي الناتو فرنسا وتركيا وتهديد المصريين بالحرب وراء هذا الاهتمام.
برلين.. “حبر على ورق”
وتابع الدكتور غريغوري حديثه قائلا إنه ربما يكون الأوروبيون الآن أكثر جدية في إيقاف تدفق الأسلحة إلى ليبيا والتأكد من أن المرحلة التالية هي الوصول إلى حل سياسي، رغم أن كل الكلمات اللطيفة والمنمقة والتعهدات في مؤتمر برلين، لم توقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا، بحسب وصفه.
ورأى أنه يجب على أميركا والاتحاد الأوروبي توحيد الجهود واستخدام العقوبات لأن التهديد بفرض عقوبات سيكون له تأثيرٌ فعلي على سياسة وقف توريد السلاح إلى ليبيا.
وأشار إلى أن العقوبات بمشاركة أميركا سيكون لها قوة أكبر بكثير مما لو فرضها الأوروبيون لوحدهم، فيما ستساهم هذه العقوبات بمنع انتشار الصراع إلى دول أخرى، وسيساعد إيقاف تدفق الأسلحة على إيجاد حل دبلوماسي.
المرتزقة.. أزمة معقدة تتطلب ضغطا مضاعفا
تطرق أفتانديليان إلى مشكلة المرتزقة في ليبيا مؤكداً أن حلها يتطلب الضغط من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي والناتو بوجوب مغادرة المقاتلين الأجانب للأراضي الليبية، مبيناً أن القوات التي يتعين أن تغادر ليبيا تشمل القوات التركية، والمرتزقة السوريين، وكذلك مجموعة فاغنر التي تدعم المشير خليفة حفتر.
وفي إشارة إلى صعوبة تراجع مرتزقة تركيا، لفت إلى الحوافز المقدمة لهم للبقاء والقتال في ليبيا بعد وعود أردوغان بمبالغ خيالية وبالجنسية التركية.
وفيما يخص تشابك المصالح الروسية التركية في ليبيا قال: “على مدى السنوات العديدة الماضية، كان أردوغان وبوتين يمارسان هذا النوع من المغازلة السياسية. فيتفقان على بعض القضايا، ويختلفان حول أخرى”.