أثار قرار مجلس الأمن والخزانة الأميركية بفرض عقوبات على آمر ما يسمّى بـ”لواء الصمود” صلاح بادي، عدة تساؤلات بشأن دلالاته وتوقيته. وقالت وزارة الخزانة الأميركية إنها فرضت عقوبات على القائد العسكري الليبي صلاح بادي، متهمة إياه بتقويض الأمن عبر توجيه هجمات على جماعات موالية لحكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من الأمم المتحدة.
وأضافت الوزارة في بيان أن قوات الفصيل المسلح التابع لبادي استخدمت صواريخ غراد شديدة التدمير في مناطق مرتفعة الكثافة السكانية خلال الجولة الأخيرة من القتال بالعاصمة طرابلس في سبتمبر.
وقالت سيجال ماندلكر وكيلة وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية “الهجمات التي شنّتها ميليشيا صلاح بادي لفترة طويلة في عاصمة ليبيا دمرت المدينة وعرقلت السلام”. وأضافت “وزارة الخزانة تستهدف في ليبيا العناصر المارقة التي أسهمت في الفوضى والاضطرابات التي تقوّض حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا”.
وكانت وزارة الصحة الليبية ذكرت في أواخر سبتمبر الماضي أن 115 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب 383 آخرون، خلال اشتباكات استمرت شهرا بين فصائل متنافسة في طرابلس. وعقب تلك الاشتباكات التي شارك فيها بادي، توصّلت بعثة الأمم المتحدة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وأمرت بتنفيذ الترتيبات الأمنية. وهدّد المبعوث الأممي غسان سلامة بفرض عقوبات على مخترقي الهدنة ومعرقلي الترتيبات الأمنية التي تهدف إلى إخراج الميليشيات من العاصمة وتعويضها بقوات نظامية من الجيش والشرطة.
واتهمت حكومة الوفاق الوطني الليبية أيضا بادي، ومعه قائد آخر لفصيل مسلح، بالمسؤولية عن الهجوم في طرابلس في مايو من العام الماضي. وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن بادي لعب دورا حاسما في معارك في عام 2014 دمرت تقريبا المطار الدولي الرئيسي في طرابلس، وأجبرت الكثير من السكان على الفرار من منازلهم. وتحظر عقوبات وزارة الخزانة على الأميركيين بشكل عام إجراء معاملات مع بادي، وتجمد أي ممتلكات قد يملكها في الولايات المتحدة.
وفي سبتمبر استهدفت الوزارة قائد فصيل مسلح ليبي آخر هو إبراهيم الجضران بعقوبات لقيادته هجمات على الموانئ النفطية، الواقعة تحت سيطرة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر. وتحالف الجضران خلال تلك الهجمات مع خصوم حفتر من المتطرفين وخاصة ما يسمّى بـ”سرايا الدفاع عن بنغازي”.
ويقول مراقبون إن هذه العقوبات تعكس توجّها دوليا جديدا سيقصي الجماعات المتطرفة. ويربط هؤلاء هذا التوجّه الجديد بدخول الولايات المتحدة على خط الأزمة، وهو ما اتضح بتعيين سفيرتها السابقة في ليبيا ستيفاني ويليامز نائبا للمبعوث الأممي غسان سلامة.
وعلّق إبراهيم الدباشي مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة على فرض عقوبات على إبراهيم الجضران قائلا “غيّرت بريطانيا موقفها وأعلنت ا في مجلس الأمن دعمها لإجراء الانتخابات في ليبيا هذه السنة، ومنذ يومين أضافت لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن إبراهيم الجضران إلى قائمة العقوبات بعد أن رفعت بريطانيا اعتراضها”.
وتساءل قائلا “ما الذي حدث؟ هل دخلت الولايات المتحدة بثقلها على ملف ليبيا في مجلس الأمن بعد تعيين ستيفاني وليامز مساعدة لغسان سلامه؟ الأيام ستوضح ذلك”. وتثير هذه العقوبات تفاؤل الليبيين الذين كانوا قد فقدوا الأمل في إمكانية تطبيق الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعهداته بالتصدي للمتطرفين في ليبيا.
وكان ترامب قد تحدث بإسهاب عن ليبيا خلال حملته الانتخابية وانتقد سياسة بلاده إزاء ما يحدث فيها. وانتقد ترامب خلال حملته الانتخابية طريقة تعاطي بلده مع الأحداث التي شهدتها ليبيا خلال السنوات الماضية، واتخذ منها وسيلة لمهاجمة منافسته هيلاري كلينتون التي كانت شاهدة على ما حصل في ليبيا عندما كانت وزيرة للخارجية مع إدارة أوباما، ووعد ترامب في حال فوزه بتدخل ناجع من أجل إيجاد حلّ للأزمة.
وكان مستشار السياسة الخارجية الأميركية وليد فارس قد أكد أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستدعم الجيش الوطني الليبي والبرلمان المنتخب. وأضاف فارس في فبراير 2017 أن “إدارة ترامب ستتعاطى مع المؤسسة الوطنية العسكرية الليبية بقيادة الجنرال حفتر، فهذا الجيش هو المعترف به رسميا من الإدارة، على الرغم من الخلافات السياسية العالمية، ووجود مشاريع لإنشاء جيوش أخرى”.
لكن خرج بعد شهر بتصريحات كرّست الغموض بشأن موقفه من الأزمة في ليبيا. وقال في مؤتمر صحافي مع رئيس الحكومة الإيطالية السابق باولو جنتيلوني “إنه لا يرى دورا للولايات المتحدة في ليبيا باستثناء هزيمة متشددي تنظيم الدولة الإسلامية”. وأضاف “أرى دورا في القضاء على داعش. نحن ناجعون جدا في ذلك الشأن… أعتبر ذلك دورا أساسيا وذلك هو ما سنفعله سواء في العراق أو ليبيا أو أي مكان آخر”.