كيف يدمر الحاسوب الشخصي جسم الإنسان

21
كيف يدمر الحاسوب الشخصي جسم الإنسان
كيف يدمر الحاسوب الشخصي جسم الإنسان

أفريقيا برسموريتانيا. للتفكير في خطر الحواسيب يجب الابتعاد عن التفكير في التكنولوجيا والتفكير بدلا من ذلك بالجسم، فالمخاطر هنا أكثر هدوءا ويصعب تتبعها، فلا يمكن تتبع تاريخ الاعتياد والروتين والاستخدام والعمل، فهذا الألم في رقبتك والتنميل في أصابعك له تاريخ أكثر انتشارا وتأثيرا من أي تكنولوجيا حديثة ظهرت، حيث لا يوجد جهاز تقني واحد غيّر العالم، لكن ألم الحاسوب غيرنا جميعا.

و اكتشف مستخدمي الحاسوب الشخصي الأوائل في الثمانينيات، أن الشاشات تسببت في إجهاد العين أو بعبارة أدق، يُجهد العيش مع أجهزة الحاسوب العيون بشكل روتيني، ذلك أن مشاكل الرؤية كانت هي الشكوى الوحيدة حينها للتفاعلات بين أجساد البشر والتكنولوجيا قبل أن تتطور الحرب لتتعدى البصر إلى وظائف أخرى.

الحاسوب أخطر من التلفاز

جلبت ثورة الحاسوب المزعومة معها عالما من الألم للبشرية لم يكن معروفا من قبل، وذلك قبل عقود من انتشار ما يُسمى بـ “إجهاد زوم”، حيث لم يسبق لنا مشاهدة ما فعله الجمع بين الجلوس والنظر إلى شاشة الحاسوب في جسم الإنسان في كل تاريخ التفاعل الإعلامي، وذلك على عكس مشاهدة التلفاز التي تتطلب مسافة أكبر بين الشخص والشاشة، كما أنه لا يحتاج إلى التفاعل.

فاستخدام الشاشة في التلفاز يتطلب من المُشاهِد مجالا قصيرا وحركات العين المتكررة تكون قليلة أيضا، وتناسب مجموعة متنوعة من وضعيات الجلوس وأنواع المقاعد والمسافات من الشاشة مشاهدة التلفاز، بينما تطلب الحواسيب الشخصية من الجسم البشري البقاء بقربها عادة أقلّ من 2-3 أقدام، وهذا مع تمديد الذراعين لاستخدام لوحة المفاتيح أو الفأرة.

الألم الصامت منذ السبعينيات

كان الألم المرتبط بالحاسوب بالطبع موجودا قبل وصول أجهزة الحاسوب الشخصية الأولى من فئة المستهلك في أواخر السّبعينيات، فمن المعروف أن الحواسيب الكبيرة والحواسيب الصغيرة واسعة النطاق مع استهلاكها العالي للطاقة واحتياجات التبريد ومحركات الأشرطة الدوارة والطابعات اليدوية تسبب إجهادا للنظام السمعي، حيث تُعتبر هذه المعلومات هي إلى حد كبير قصصية وذلك نظرا للعدد الصغير نسبيا من الأشخاص الذين تعاملوا مباشرة مع منشآت الحوسبة قبل السبعينيات.

وسيتحول موضع المخاوف الصحية من السمع إلى النظر، وذلك بمجرد أن تبدأ أنظمة الحوسبة في التقارب مع شاشات “سي آر تي” (CRT) في السّبعينيات، حيث أدى استبدال الكتابة الواضحة على الورق بدقة ضبابية لشاشة معرضة للوهج أو ما يسمى بـ”تيلي تيبس غلاس” أو “تيلي تايب تيرمنلز” أو (“دمب تيرمنلز “لأنّ هذه الشّاشات تحتوي على القليل من قوة المعالجة الخاصّة بها أو لا تحتوي عليها إطلاقا.

الخطر الهادئ الذي تأقلمنا مع وجوده

في الثمانينات أجرى باحثون دراسات خصصت لقضية تأثير أجهزة الحاسوب في مكان العمل، وأجرو مقابلات ووزعوا استبيانات على كل من العاملين “المحترفين” و”الكتابيين” في العديد من الشركات، وذلك لإجراء تحليلهم، حيث استُخدمت شاشات الحواسيب، كما أجرى الباحثون مقابلات ووزعوا الاستبيان نفسه على العمال الذين شاركوا في نفس النوع من العمل.

ووجد الباحثون عند تحليل بياناتهم أن “مستخدمي شاشات الحاسوب الكتابيين أظهروا مستويات أعلى بكثير من الشكاوى الصحية البصرية والعضلية الهيكلية، بالإضافة إلى مستويات ضغط وظيفية أعلى مما أظهره الأشخاص الخاضعون للتحكم والمهنيون الذين يستخدمون شاشات الحاسوب”، حيث ارتفعت نسبة الشكاوى بين العاملين الكتابيين المتمركزين في محطات الحاسوب في كل فئة من الشكاوى الصحية بدءا من الإغماء إلى آلام المعدة والضغط على الرقبة ووصولا إلى تقلصات اليد، وغالبا ما يتضاعف العدد 3 أو 4 مرات.