تصريحات مغربية، هل هي بداية استقطاب لموريتانيا على حساب الجزائر؟

95

بقلم : محمد عبد الرحمن أحمد عالي

أفريقيا برسموريتانيا. العلاقات الموريتانية المغربية ليست وليدة لحظة سياسية عابرة بل تعود جذورها لماقبل استقلال البلدين فالتاريخ يثبت أن هذه العلاقة ظلت قائمة متطورة نظرا لعوامل عديدة منها الموقع الجغرافي المتميز للبلدين والتاريخ المشترك بينهما. ويرى الباحث الموريتاني أحمد محمد أنداري، في مقال له بعنوان “العلاقات الموريتانية المغربية محددات التواصل ومبررات القطيعة” أن هناك أهمية متبادلة بين البلدين، مشيراً إلى وجود عدد من العوامل السياسية التي تدفع الطرفين إلى محاولة تحسين العلاقات بينهما، وعدم السماح لأي خلاف أن يتفاقم ليصل إلى إحداث قطيعة كاملة في العلاقات؛ ولعل من بين تلك العوامل أن البلدين يشتركان في كونهما عضوين، في عدد من المنظمات الإقليمية والدولية.

وأضاف أن لكل من الدولتين جواراً جغرافياً غنياً بالطاقة بحيث يجعل من المنطقة هدفاً دائماً لتصارع المصالح بين القوى الكبرى، وما يؤكد ذلك، بحسب الباحث، التنافس الأميركي – الأوروبي الحالي على هذه المنطقة‏، وبالتالي فإن أياً منهما ليس بإمكانه أن يبني سياسته الإقليمية الخاصة أو أن يرسم سياسته الخارجية من دون أن يأخذ في الحسبان رقابة الدول الكبرى وحاجاتها، وتلك الدول لن تسمح لأي خلاف بين الطرفين أن يتفاقم ليصل إلى الإضرار بمصالح تلك القوى في المنطقة، لا سيما أن تعطيل التعاون بين الطرفين أو تجميده لبعض الوقت قد تكون له انعكاسات مهمة على مصالحها، سواء في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب أو الهجرة السرية، وكلاهما من الملفات التي ينهض فيها البلدان بدور مهم على المستوى الإقليمي.

من جانبه، يعتبر الباحث المغربي في المجال السياسي، نجيب الأضادي في مقابلة له مع مجلة الأندبيندنت البريطانية أن “المغرب بعد أن استجمع قواه واستكمل ترتيبات القوة الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية في المنطقة سينزل الآن، بلا شك، بكامل هذا الثقل لدعم الجارة الجنوبية في رفعها لتحدي التنمية البشرية”، مشيراً إلى وجود مؤشرات كثيرة تؤكد ذلك، أهمها عودة العلاقات الدبلوماسية إلى طبيعتها بين الطرفين، إذ يتم التنسيق في مجال القضايا الاستراتيجية الثنائية على أعلى مستوى، إضافة إلى زيارة وزير الخارجية الموريتاني الأخيرة اللتي حمل خلالها رسالة من الرئيس الموريتاني للملك المغربي محمد السادس، والتقى خلالها برئيس الحكومة سعد الدين العثماني، كما تباحث مع نظيره المغربي في جملة من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأشار الأضادي إلى أن موريتانيا تقع في قلب المجال الحيوي الاستراتيجي للمملكة، والعكس صحيح، وهو ما يعتبره سبباً في غاية الأهمية “ليدفع كل من المغرب وموريتانيا إلى تشكيل حزام استراتيجي واحد وقوة ردع ضاربة للتصدي لكل المخاطر الأمنية وغيرها من التحرشات التي قد تتسلل إلى المنطقة باسم أوهام انفصالية أو أية طموحات زعاماتية أخرى”.

أما الدكتور عبد الرحمن أحمد طالب أستاذ التعليم العالي ونائب رئيس الرابطة الموريتانية لخريحي المعاهد والمدارس والجامعات المغربية، فيرى أن هذه التصريحات الأخيرة لرئيس حزب الإستقلال جاءت في وقتها المناسب وتأتي استقطابا لموقف الحكومة الموريتانية في ظل الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب وهي تلويح وإشارة بأن ما يجمع موريتانيا والمغرب يجب أن لا يتأثر بالعلاقات الثنائية المغربية الجزائرية، والتحولات التي تشهدها.

وشدد هي علاقات تمتاز بكثير من المصالح المتبادلة وهناك تطلعات إلى أن تكون هناك شراكة اقتصادية موسعة وهنا تبرز مطالب ملحة في هذا السياق منها رفع الحواجز الجمركية ورفع التأشيرة وهناك الكثير من اتفاقيات التعاون التي تربط بين البلدين في إطار التعليم والصحة وغير ذلك فالمملكة المغربية لديها باع كبير في مجال الزراعة والسياحة ومجالات متعددة مثل المقاولات والأشغال العمومية والبنى التحتية وموريتانيا تتطلع إلى مرحلة من البناء والتنمية وهذا سيكون عامل إيجابي .

ويلتقي البلدين في إطار شراكة اقتصادية موسعة ربما تكون الرافعة الحقيقة نحو شراكة مغاربية تساهم في تطوير العلاقة بين اتحاد دول المغرب العربي. المغرب أيضا عزز موقفه في قضية الصحراء حينما عاد إلى الاتحاد الإفريقي عودة قوية وموفقة واستطاع أن يستجلب أغلبية الدول الإفريقية للوقوف في صالحه . في إطار وحدته الترابية وهذا أيضا كان مؤشرا على أن المغرب لن يخرج عن الحاضنة الإفريقية في الوقت الذي انشغلت فيه الجزائر لفترات طويلة بالصراعات ومشاكل داخلية تعاني منها الجزائر نتيجة عدم الإستقرار الذي تشهد الحياة السياسية الجزائرية .
بينما تشهد المغرب نوعا من الإستقرار السياسي والتنموي وتشهد انتخابات محلية على كل حال مايجمع موريتانيا والمغرب أكبر بكثير ويتطلع لبلادنا إلى علاقات أعمق تكون فيها موريتانيا بوابة على أوربا من خلال المغرب وعمق المغرب في إفريقيا .

وحجم التبادل التجاري الذي يمثله معبر الكركارات يعبر عن مستوى العلاقة الاقتصادية بين البلدين حيث تعتمد موريتانيا في وارداتها على السوق المغربية وهناك عوامل أخرى ستجعل هذه العلاقات واعدة خصوصا أن هذا التصريح من حزب الاستقلال يعتبر نقلة نوعية خصوصا أنا إذا عدنا للتاريخ نجد أن حزب الاستقلال كان من بين الأحزاب المغربية التي كان لها موقف اتجاه استقلال موريتانيا في محطة من محطات التاريخ السياسي لا نريد العودة لها . وخلاصة القول أن هذه التصريحات الأخير لرئيس لهذا السياسي المغربي ستنعكس بشكل إيجابي على علاقات البلدين.