ارتفاع سعر الوقود يضع النظام في مواجهة مرحلة عصيبة

18
موريتانيا: ارتفاع سعر الوقود يضع النظام الحاكم في مواجهة مرحلة عصيبة
موريتانيا: ارتفاع سعر الوقود يضع النظام الحاكم في مواجهة مرحلة عصيبة

أفريقيا برس – موريتانيا. يواجه نظام الرئيس ولد الشيخ الغزواني أصعب مرحلة مر بها منذ أن تولى الحكم أواخر عام 2019، حيث ازدادت الانتقادات الموجهة لأداء حكومته.

وجاء قرار ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 30%، ليهز الساحة السياسية المضروبة منذ أشهر بخيبة أمل شاملة لداعمي الرئيس ولمهادنيه من قادة المعارضة، حيث أجمعت أوساط الساسة والمدونين على أن قرار رفع أسعار الوقود، قرار جاء في الوقت الخطأ.

وتحدث محللون سياسيون كبار عن انهيار الأسس التي يقوم عليها نظام الرئيس الغزواني، وبخاصة الأس الخاص بالتهدئة السياسية الداخلية، والأس المتعلق بالإنفاق الاجتماعي وشراء العافية من المجتمع.

ودعت أحزاب ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي، وهي اتحاد قوى التقدم، وتكتل القوى الديمقراطية، وحزب التناوب الديمقراطي “الشعب الموريتاني إلى التعبئة السلمية لمواجهة هذه الإجراءات الجائرة، التي تهدد السلم الأهلي في موريتانيا”.

وأضاف الائتلاف في بيان أصدره الأحد وتلقت “القدس العربي” نسخة منه “أنه لمواجهة المخاطر الجسيمة الناتجة عن الإجراءات غير العادلة وغير الاقتصادية لزيادة أسعار المحروقات وغيرها من المواد الضرورية على السلم الأهلي والأمن العام، يحث السلطات العامة على وقف هذه الإجراءات، والانخراط، على الفور، مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين في محادثات من شأنها المساعدة في تخفيف معاناة السكان”.

ودعا الائتلاف “الحكومة إلى استلهام الإجراءات الإيجابية المتبعة في جميع أنحاء العالم، لا سيما في جوارنا الإقليمي، من خلال زيادة الإعانات المباشرة وغير المباشرة لدعم المواد الضرورية، بما في ذلك المحروقات”، مطالبا “السلطات بإعادة النظر في آليات دعم السكان الأكثر ضعفا، مع التركيز على الإجراءات التصحيحية الرامية إلى خفض أسعار السلع”.

وحث الائتلاف “على وضع وتنفيذ سياسة فعالة لمكافحة الفساد، والاحتكار وهدر الموارد الوطنية، الذي يعصف بالاقتصاد الوطني ويؤدي إلى انحراف أسعار الوقود”.

وتابع الائتلاف “في الوقت الذي تظل فيه الأولوية المطلقة للحكومات، في جميع أنحاء العالم، هي حماية القوة الشرائية للمواطن ومكافحة لا هوادة فيها للتضخم، فإن حكومة موريتانيا، تسير، للأسف في الاتجاه المعاكس؛ ففي حين أن أسعار جميع المواد الغذائية الأساسية تزداد، منذ عدة أشهر، بصفة مستمرة، حيث وصلت في بعض الأحيان إلى مستويات قياسية، ها هي الحكومة تعلن للتو، بصفة مفاجئة، عن ارتفاع أسعار الوقود بصفة مجحفة لم يسبق لها مثيل: حيث ارتفعت أسعار البنزين من 43،67 أوقية جديدة إلى 56،67، فيما ارتفعت أسعار المازوت من و38،46 أوقية جديدة إلى 49،96، وهو ما يعتبر قرارا صادما، يأتي على خلفية التعهدات الصاخبة، التي أُطلقت في أبريل الماضي، والمتضمنة المحافظة على استقرار أسعار هذه المواد الاستراتيجية لما لها من انعكاس حقيقي على تركيبة نظام أسعار المواد الغذائية الضرورية”.

“إن هذه الزيادة، يضيف الائتلاف، التي أقرت بمعدل يصل 30٪، وبشكل مفاجئ، لتعتبر بمثابة عمل استفزازي ضد المواطنين، بكافة فئاتهم الاجتماعية وخاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة”.

وتابع “على الرغم من الاتجاه الملحوظ لهبوط السعر العالمي في الأسابيع الأخيرة، فإن الحكومة تعلن عن زيادة صارمة، بدل التشبث بحركة الأسواق الدولية، ويبقى من الواضح أن أي زيادة تسمح للحكومة بجني فوائد ضريبية هائلة، دون أن تأخذ بعين الاعتبار العواقب الوخيمة المباشرة على المواطن، الذي بات بمثابة بقرة حلوب لسلطة لم تضع حتّى الآن، كما وعدت، حدّا لممارسات الرشوة والفساد”.

وفي تحليلات تناولت الأوضاع السياسية الحالية، قال أحمد هارون منسق نداء الثامن سبتمبر المعارض “إن الأزمة التي تواجهها موريتانيا اليوم لا تتحمل زيادة ولا إهمالا ولا تأخيرا، لتعدد جوانبها، ولتوفرها على عناصر التطور والتفاقم والانفجار، ظروف معيشية لا تطاق، ومضاربات التجار على أشدها دون رقيب، والفساد والإهمال سائدان شامخان، مع التدهور المتزايد لخدمات الدولة والتزاماتها، والانهيار الاقتصادي والإفلاس السياسي، وميوعة القرار”.

وأضاف أن “الحكومة عاجزة عن القيام بمسؤولياتها، ولا أحد يثق في وعودها ومعاذيرها، حتى عناصر الإدارة الإقليمية وقيادات الحزب الحاكم صاروا يسخرون من قراراتها وردود أفعالها، والنظام القائم تبين أنه لن يحدث أمرًا ولن يغير وضعا، ولو بعد ثلاثين سنة”.

وقال “من أجل هذا كله، واستباقا لردات فعل غير واعية، يتعين على النخبة الوطنية أن تتحرك وتقدم ما لديها وألا تنتظر من الجهات الرسمية ما لم يعد بيدها. بل تقطع عطلاتها، وتتناسى صراعاتها ومشروعاتها الخفيفة، من أجل عقد اجتماع عاجل لا يتجاوز جدول أعماله بضع نقاط، تتفق خلاله على أخذ زمام المبادرة ومواجهة الوضع بحراك مستنير، وخطاب جديد، وخارطة طريق واضحة، وعرائض مطلبية متماشية مع الظرفية”.

وزاد “قد لا يؤثر كلام رجل سياسي واحد أو اثنين. لكن عندما تتحرك شخصيات عدة وأحزاب ورموز وطنية في اتجاه واحد، وبمطالب شعبية واحدة لا بد للجميع أن يستمع لها ويتأثر بها”.

وذهب الدكتور أبو العباس برهام في تحليل نشره الأحد “إلى انهيار الركيزتين اللتين بني عليهما مشروع غزواني فالأولى: التفاهُم مع المجتمع السياسي، واستبدال طابع الخصومة معه، الذي سادَ منذ انقلاب 2008، والقيام بنظام تفاهم وطني؛ والثانية نوع من الإنفاق الاجتماعي متمثِلاً في توزيع نقدي وضمانات صحية وتخصيصات أجورية مع وعودٍ كبيرة بإغداق مالي وبتآزر وإنصاف اقتصادي للطبقات المغبونة”.

وقال “ارتكزت النقطتان على شراء العافية من المجتمع السياسي ومن المجتمع الأعَم. أما اليوم فلا يخفى على المراقبين انهيار هاتين الركيزتين بسرعة: في يونيو الماضي انهارت الركيزة لأولى غداة فشل الحوار الوطني وظهور الشرخ في الوئام مع حركة إيرا والمعارضة الكلاسيكية.؛ وسرعان ما عادت القوى السياسية إلى نظام ما قبل 2019: فيبدو أنّنا نتجِه إلى انتخابات أحادية يطبعها تحالف انتهازي مألوف بين شقّ من المعارضة والنظام، وإخراج البعض منها إمّا بارتجال، أو غياب ترخيص سياسي، أو بشروط مجحِفة وإقصائية”.

وأضاف “وانهارت ركيزة الثانية بتراجع النظام عن شقّ معتبَر من اقتصاد الدعم متمثِلاً في رفع الحماية حوالي 30% من دعم المحروقات، ما أطلَق الأسعار في عملية ارتفاع متسارع بدأ بزيادة أسعار النقل ثمّ الكلفة على المواد ثمّ بزيادة أسعار الطاقة.. واحنا لسّه فأول يوم، كما يقول سيّد مكاوي”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس