أفريقيا برس – موريتانيا. أحيت موريتانيا، الأحد، اليوم العالمي للغة العربية الذي اعتمدته اليونسكو عام 2012 تنفيذاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر يوم 18 كانون الأول/ديسمبر 1973، بإدراج اللغة العربية ضمن مجموعة اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.
ولإحياء هذا اليوم ولتأكيد التشبث الكامل باللغة العربية، تضافرت جهود عدة هيئات ومؤسسات موريتانية، بينها وزارة الثقافة ومجلس اللسان العربي، والمركز الموريتاني للغة العربية، في تنظيم احتفالية بيوم اللغة العربية حضرها جمع غفير من رجال الفكر والأدب والنواب والمنتخبين وممثلي جمعيات الدفاع عن لغة الضاد.
وأكد خليل النحوي رئيس مجلس اللسان العربي في مداخلة افتتاح للاحتفالية «أن الاحتفال باللغة العربية اليوم يجري بوصف هذه اللغة لغة العالم»، مضيفاً قوله «لسنا وحدنا في هذا الاحتفال والاحتفاء باللغة العربية، فالأخبار التي وصلت اليوم تتحدث عن احتفالات باللغة العربية في فيتنام، وآخرون يحتفون بها في طوكيو، وثمة آخرون يحتفون بها في بكين وشانغهاي، وآخرون في الولايات المتحدة الأمريكية».
وأضاف: «ممن يحتفل اليوم باللغة العربية أيضاً، منظمة اليونسكو التي وضعت الاحتفال تحت شعار «إسهام اللغة العربية في الحضارات والثقافات الإنسانية»، مسلطة الضوء على المساهمات الغزيرة للغة العربية في إثراء التنوع الثقافي واللغوي للإنسانية، فضلاً عن مساهمتها في إنتاج المعارف».
وقال النحوي: «إننا نحتفل باللغة العربية بصفتها لغة إفريقيا كذلك، حيث إن عدداً كبيراً من المفكرين الأفارقة أكدوا في كتبهم وبحوثهم أن العربية هي اللغة الوحيدة القادرة على توحيد غرب إفريقيا».
وأضاف: «نحن في موريتانيا جزء من إفريقيا التي تعتبر اللغة العربية لغتها العالمية الأولى، ونحن معنيون بهذه اللغة من باب أولى؛ لأن اللغة العربية هي كنزنا المشترك وكنزنا الدفين الثمين الذي فتحنا به أعماق إفريقيا وصلنا وجلنا به في أركان العالم كله».
وزاد: «ونحن إذ نعد لإصلاح جديد للتعليم، نحتاج إلى أن ننصف هذه اللغة، وهنالك أمر مهم يجب أن نعترف به، وهو أن الفرنسية لم تكن لغة فرنسا الأصلية بل كانت لغة بعض أقاليمها، لكن الفرنسيين أدركوا أنه لا بد من لغة جامعة، فقررت تعميم اللغة الفرنسية ليتوحد الشعب الفرنسي حولها، ولتصبح فرنسا بلغتها أمة من أمم العالم الكبرى».
واتخذت الاحتفالات بيوم اللغة العربية هذه السنة طابعاً خاصاً في موريتانيا، بتركيزها على المطالبة بتطبيق المادة 6 من الدستور الموريتاني الناصة على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، مع تشديد الحث على التخلي عن اللغة الفرنسية التي ما زالت مستخدمة على نطاق واسع في الإدارة الموريتانية.
واختار الساسة والمدونون الموريتانيون وسم #معا_لتفعيل_المادة6، عنواناً مشتركاً للتدوين حول يوم اللغة العربية العالمي، وللتنبيه على خطورة التمسك بالفرنسية التي أكد كثيرون أنها «في حالة أفول، مع الحث على «إعطاء اللغة العربية مكانتها، والسعي لأن تكون لغة العربية هي لغة الإدارة والعمل في موريتانيا».
وكتب المفكر الإسلامي الكبير محمد جميل منصور: «اللغة العربية لغة عظيمة في ذاتها، جليلة القدر بقيمتها الدينية والإنسانية، كانت وعاء لمختلف أنواع العلوم والآداب، تستحق على أبنائها (الذين تعدّ عندهم لغة أم) الخدمة وإعلاء الشأن، وعلى غيرهم من المسلمين التعلم والتعليم، فهي لسان كتابهم (القرآن الكريم) ومستودع معارفهم الدينية، وعلى المنصفين من الآخرين الاحترام والتقدير، فكم قدمت من خدمة للإنسانية علماً وثقافة وأدباً».
أما حرمه عبد الجليل، رئيس حزب الصواب (البعث الموريتاني)، فقد دون كاتباً: «من الغباء أن يجتمع رؤساء دولنا لبحث سبل تطوير لغة أجنبية (الفرنسية) في زمن تعيش فيه غروبها الكوني وتقلصها العالمي بدل تطوير لغاتهم الوطنية في وقت يتقلص بعضها لأسباب مرتبطة بالإهمال الذاتي والاستلاب والهجرة والاحتلال، وبعضها يتفوق على الفرنسية في الواقع، وتؤكد الدراسات اللغوية استمرار تفوقه الكاسح في مستقبل اللغات العالمي».
وأضاف: «على العرب والأفارقة التخلي عن عقدة بحث مستقبل اللغة الفرنسية والبحث بدلاً من ذلك عن المستقبل في لغاتهم».
وعلق القاضي محمد المختار فقيه على يوم اللغة قائلاً: «ظنوا أنهم قد اغتالوك إذ حنطوك مجرد مادة في الدستور، ثم استلوا خنجر الفرنسة فأثخنوا جسدك الطاهر بالطعنات».
وزاد: «خاب سعيهم؛ فأنت أبقى، أنت أقوى، أنت أرقى: أنت لغة الملة، والهوية، والمستقبل».
وتساءل الدكتور المصطفى افاتي: «ما الداعي للتواصل باللغة الفرنسية في بلد كل الناس يتكلمون فيه باللغة العربية؟ وهل هذا من صميم الحضارة أم من الأمراض النفسية التي تعتري بعض الأشخاص الذين يشعرون بالنقص والحرمان، ويحاولون جاهدين أن يظهروا بصورة تميزهم عن غيرهم من المساكين» .
ودونت أم كلثوم حامدينو قائلة: «لا أعتقد بوجود مولود على هذه الأرض يناهض اللغة العربية ويناصبها العداء ويعمل على إحلال لغة أخرى محلها، وإن وجد فهو مبتور الجذور وممسوخ حضارياً».
وكتب كريم بوريان: «من حقنا كمواطنين أن نطالب بتفعيل استخدام لغتنا الرسمية التي نفهمها في جميع المجالات، لأن من يستعمل لغة أخرى في معاملاته أو تواصله مع المواطن هو بالضرورة مخالف لدستور البلاد وقوانينها، وهو يعاني من استلاب ثقافي».
وقال: «كمواطنين، نريد أن يتم التعامل معنا بلغتنا العربية التي تمثل هويتنا، كما يتعين علينا كمواطنين نشر الوعي بهذه المسألة، لأن كل شعوب العالم تتعامل وتتعلم بلغتها الأم، باللغة التي تفهمها وتتقنها».
وكتب عبد اللطيف محمد فال: «تشير بعض الدراسات إلى أن الفرنسية بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة في القارة السمراء، التي تشهد إقبالاً جاداً على تعلّم اللغتين العربية والإنجليزية؛ أما في موريتانيا فإن كل العوامل القانونية والحضارية والثقافية تصبّ في صالح التمكين للغة العربية، ولا يحتاج الأمر إلا إلى قرار سيادي، وإرادة جادة».
هذا ونظم على هامش الاحتفالية معرض أظهر أن اللغة العربية يتحدث بها أكثر من 422 مليون نسمة حول العالم، وأنها اللغة السادسة في الأمم المتحدة، وعدد كلماتها 12.3 مليون كلمة مقابل 600 ألف كلمة للغة الإنجليزية، كما أن للعربية 16 ألف جذر لغوي مقابل 700 جذر لغوي للغة اللاتينية، وأن الخط العربي من أجمل فنون الخط عالمياً.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس