نور الدين محمدو: نرغب في حوار وطني يختلف عن الحوارات الفاشلة والمجهضة

3
نور الدين محمدو: نرغب في حوار وطني يختلف عن الحوارات الفاشلة والمجهضة
نور الدين محمدو: نرغب في حوار وطني يختلف عن الحوارات الفاشلة والمجهضة

أحمد إمبيريك

أفريقيا برس – موريتانيا. قال رئيس حزب موريتانيا إلى الأمام، نورالدين محمدو، إن الحوار المرتقب يفتقر إلى ضمانات حقيقية من شأنها نجاحه والمساعدة في تنفيذ مخرجاته على أرض الواقع.

وأضاف في حوار مع “أفريقيا برس”، «حتى الآن لا توجد ضمانات، والبوادر الأولية بعضها مقلق، ومن ذلك عدم حيادية منسق الحوار الذي اختاره النظام».

وفي سؤال حول موضوع الهجرة الذي أثار موجة من الجدل الشعبي في موريتانيا تزامنًا مع تصريحات حكومية متباينة، قال نور الدين محمدو إن الهجرة بحد ذاتها لا تشكل خطرًا، وإنما يكمن الخطر في فوضويتها وعدم ضبطها بما يتلاءم مع المنظومة الديموغرافية الهشة للشعب الموريتاني. ودعا إلى ضرورة الالتزام بالقوانين والنظم المعمول بها في التعامل مع المهاجرين واستقبالهم، وعدم الرضوخ للاتفاقيات الأوروبية، “لأن البلاد ليست بوابة للاتحاد الأوروبي”.

أين وصل ملف تشريع الحزب؟ وهل شاركتم في الاجتماع الأخير الذي نظّمته وزارة الداخلية تحضيرًا لإقرار قانون الأحزاب؟ وما موقفكم من هذا القانون؟

شكرًا على الاستضافة. ملف حزب “موريتانيا إلى الأمام” الممنوع من الترخيص منذ عام ألفين وسبعة عشر، قمنا بتحيينه قبل أيام تبعًا للقانون الجديد، وهو الآن في لمساتِه الأخيرة؛ وبعد أيام قليلة سيتم توثيقه، ثم رفعه على المنصة التابعة لوزارة الداخلية.

شارك الحزب في اجتماع واحد بدعوة من وزارة الداخلية؛ فقد أُرسلت الدعوة الأولى عبر الواتساب ولم نطلع عليها، ثم أُرسلت الدعوة الثانية فاطلعنا عليها وحضرنا الاجتماع. ونُظِّم اجتماع آخر حضره وزير الداخلية، ولم نحضره لعدم اطلاعنا على الدعوة.

فيما يخص موقفنا من القانون المتعلق بالأحزاب، فإننا لا نراه ضروريًا؛ لأنه يتضمّن تراجعًا في المكتسبات الديمقراطية لموريتانيا. فقد كان القانون المُعدَّل بمثابة تصريح، حسب خبراء القانون، إذ كانت المادة رقم اثنتا عشرة تلزم وزارة الداخلية بالردّ على أي طلب جرى تقديمه خلال ستين يومًا، وفي حال انقضاء هذه المدة دون ردِّ الوزارة، يُعتبر الترخيص ساريًا بحسب القانونيين.

أمّا القانون الأخير فيُعَدّ نكسة دستورية؛ إذ أصبح الترخيص إلزاميًا، بالإضافة إلى أن وزارة الداخلية والنظام الحالي وضعا شروطًا وقيودًا كثيرة، ظاهرها تحسين المؤسسة الحزبية وباطنها – حسب فهمنا – تحجيم الساحة السياسية ومنع الأحزاب الممكن منعها.

وفتح القانون الباب واسعًا أمام الجهاز التنفيذي، ممثَّلًا بوزارة الداخلية، لمنع من تشاء وقبول من تشاء؛ فبعض مواده يترك آجالًا غير محدودة للردّ، ويمنح الوزير حقَّ منع الأحزاب بمرسوم وزاري بسيط، كما أتاح له اشتراط شروط إضافية على المتقدمين للترخيص، وهذا تجاوز للسلطة التشريعية ومخالفة صريحة لروح الدستور وبعض الاتفاقيات الدولية التي اعتمدتها بلادنا.

ما الإضافة التي سيقدمها حزب شبابي مثل حزبكم؟ وهل ترون أن إشراك الشباب اليوم ضرورة في ظل ديمقراطية فتية؟

في اعتقادي أن مشاركة الشباب باتت ضرورة الأمس واليوم وغدًا، إذ تمثل فئات الشباب، وفق جميع الإحصاءات الدولية والمحلية، ما يزيد على سبعين بالمئة من السكان. والسؤال الحقيقي هو: هل يُعَدُّ منع الشباب الموريتاني من المشاركة السياسية كارثةً تستحق المواجهة؟ والجواب: نعم، إنه كارثة وفضيحة وظلم وتهميش.

إن مشاركة الشباب ضرورة يفرضها الواقع، ولا منَّة لأحد عليهم، كما تقتضيها طبيعة الشعب ومتطلبات الديمقراطية. والديمقراطية الناشئة تحتاج إلى الشباب أكثر من غيرهم. وبكل تواضع، نرى أن حزب موريتانيا إلى الأمام سيكون إضافة نوعية، لأنه ينشط في أوساط موريتانية واسعة، وله حلفاء من المنتخبين والمرشحين الرئاسيين السابقين، واتصالات مع شخصيات بارزة في الموالاة. ويمتلك حضورًا قويًا على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما بين الشباب والفئات العمرية المتوسطة وحتى في صفوف الطبقة الوسطى. كما هو حاضر في المؤسسات الجامعية والأكاديمية وبين الطلاب بشكل ملفت، وقد أُنشئت عدة صفحات باسم الحزب تعبيرًا عن التعلق ببرنامجه ومشروعه الكبير. وسيحقق حزبنا حضورًا نوعيًا في الساحة السياسية إذا ما تمَّ ترخيصه.

التقيتم كرئيس حزب معارض (قيد الترخيص) مع منسق الحوار موسى فال تحضيرًا للحوار، فما رؤيتكم لهذا الحوار؟ وهل ستشاركون فيه؟ وما أبرز النقاط التي دارت خلال اللقاء؟ وهل ترون وجود ضمانات حقيقية لإنجاحه؟

التقينا منسق الحوار المُعيَّن من قبل الرئيس محمد ولد الغزواني، موسى فال، بدعوةٍ منه؛ فشكرناه وحضرنا الاجتماع. تناول اللقاء القضايا العامة المتعلقة بالحوار من دون الخوض في التفاصيل.

أعلمنا أن الرئيس فوض منسق الحوار بفتح الباب أمام جميع الفرقاء الراغبين في المشاركة، على أن يقدموا تصوراتهم حوله. وإننا في حزب موريتانيا إلى الأمام وزملاءنا في المعارضة نطالب بتنظيم حوار وطني يختلف عن الحوارات السابقة التي فشلت أو أُجهضت في عهود الرئيس الحالي والرؤساء السابقين. والمثل يقول: «من الغباء تكرار تجربة جديدة بأساليب فاشلة سابقة»، لذا لن يضيف الحوار الجديد شيئًا إذا استند إلى المنطلقات عينها. نحن مستعدون للحضور والمشاركة شرط توافر شروط وضمانات واضحة، وسنكشف عن مقترحاتنا لاحقًا إن شاء الله.

ومن أبرز ما تداولناه خلال اللقاء: الأهداف المتوخاة من الحوار، ونوعية وطبيعة المشاركين (معارضة وموالاة)، والآليات والجدول الزمني، وكيفية التسيير، والمحاور والورشات المصاحبة. واقترحنا ضرورة وضع آليات صارمة للمتابعة، باعتبارها نقطة محورية لتجنُّب مصير الحوارات السابقة التي أُجهضت لغياب آليات واضحة لتنفيذ مخرجاتها، كما حدث في حوار داكار عقب انقلاب سيدي ولد الشيخ عبدالله.

حتى الآن لا توجد ضمانات حقيقية، والبوادر الأولى مقلقة، لا سيما عدم حيادية منسق الحوار الذي اختاره النظام، فقد عُيّن رئيسًا لمجلس إدارة إحدى المؤسسات الحكومية وشغل وظيفة أخرى هو وأفراد من أسرته. بناءً عليه، ننظر إلى الحوار بحذر، وسنشارك فيه إذا توفرت ضمانات واضحة.

يُشار إليكم في أوساط كثيرة كوجه سياسي شاب وربما بديلاً عن الأحزاب التقليدية، فهل ترون أنكم على استعداد لتكونوا بديلاً جاهزًا في الساحة السياسية الموريتانية؟

لا نزكي أنفسنا، لكننا نرى أن الحزب يضم وجوهاً شبابية مهيأة لممارسة السلطة واقتحام المؤسسات الدستورية وغيرها عبر صناديق الاقتراع والبرلمان. وقد حققنا نتائج جيدة إذا استُثني منعنا من الحصول على ترخيص حزب سياسي. ورغم ذلك، تفوقنا في انتخابات ألفين وثمانية عشر على نصف الأحزاب السياسية في قائمة أنواكشوط. ومؤخرًا أحرزنا تقدمًا أكبر، إذ إن القائمة التي كنت أقودها في أنواكشوط الشمالية احتلت المركز الثامن من أصل خمسة وعشرين حزبًا، وكانت الوحيدة المعترف بها، فشهدنا تقدمًا ملحوظًا في هذا الخضم.

في الانتخابات الرئاسية الماضية مُنِعنا وقُزُّم دورنا، ولم نُنحَ التزكية لأول مرة في تاريخ موريتانيا، ما أدى إلى ثورة حقيقية في الأوساط الشبابية وتقلص الدوائر التقليدية في الموالاة. وكنا نتوقع مفاجأة كبيرة في هذه الانتخابات، لكن النظام بمخابراته ووزيره الأول ومدير ديوانه احتاط لذلك بمنعنا مع مرشح آخر من المشاركة، حتى يتسنى لرئيسهم النجاح في الشوط الأول. وقد واجه ولد الغزواني مشاكل كبيرة في ذلك، والقادم أفضل، وربما نشكل حقًا بديلاً جاهزًا أو جزءًا من بديل جاهز.

نشطتم في الأيام الأخيرة حول موضوع الهجرة، فهل للحزب موقف مفصل حيال هذا الموضوع؟ وما تصوركم للآليات الكفيلة بتجاوز هذا التحدي الذي يواجه البلاد في ظل فضاء مضطرب؟

للحزب منذ سنوات رؤية واضحة بشأن الهجرة؛ فنحن نمسك العصا من المنتصف. نعتقد أن موريتانيا لا يجب أن تكون ضد الهجرة مبدئيًا، لأنها جزء من الإقليم والعالم، وتاريخيًا كانت همزة وصل بين المغرب العربي وإفريقيا السوداء أو ما يُسمّى بالساحل الإفريقي. ومن ثمّ، فمن المتوقع أن تكون موريتانيا منطقة عبور وحتى استقرار للأشقاء الأفارقة من النيجر وبوركينا فاسو ومالي، مرورًا بالسنغال وسواحلها والإخوة العرب.

ولكن إذا استحضرنا التحديات الكبرى التي يواجهها البلد، والمتمثلة في تركيبةٍ ديموغرافية هشة وعددٍ قليلٍ من السكان مقارنة بالدول المجاورة، فإنّ إغراق هذه التركيبة بأعداد كبيرة من المهاجرين – مع مراعاة الطبيعة الموريتانية سهلة الاختراق – قد يؤدّي إلى مشاكل حقيقية ويسبب عبثًا بأحوال البلاد.

ما نريده هو ضبط الهجرة، وجعلها مسايرة للنمو الديموغرافي للبلد، عبورًا أو استقرارًا. أما بالنسبة لعبور المهاجرين، فهناك تحديات أمنية؛ إذ يتخفف العابر غالبًا من ضوابط بلد العبور، مما يسهّل عليه ممارسة بعض الأعمال وارتكاب الجنح، لأن البلد لا يشكّل أرض استقرار بالنسبة له.

لا نريد أن نكون بوابةً إلى الاتحاد الأوروبي مقابل اتفاقيات تضرّ أكثر مما تنفع، فنحن في غنى عنها سياسيًا واقتصاديًا. ولا نريد أن تتحمّل بلادنا وشعبنا ما لا يطيق، ولا أن نكون ضحية للهجرة غير المنظمة، ونرفض ذلك رفضًا باتًّا. وفي المقابل، لا ندعو إلى فكرٍ راديكاليٍ إقصائي في موريتانيا ضدّ الوافد والمهاجر إلينا؛ فرفضنا للفوضى في الهجرة لا يعني رفض لونٍ بعينه، أو مجموعةٍ من دولةٍ أو كيانٍ أو دينٍ، بل هو رفضٌ لحالة تنذر بالخطر، وتعبيرٌ وطنيٌّ عن حب الوطن وخوفٍ عليهٍ ومسؤوليةٍ تجاه مصالحه الكبرى.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس