أفريقيا برس – موريتانيا. بينما تمضي التحضيرات لحوار سياسي شامل بوتيرة وُصفت بـ «البطيئة»، تشهد المعارضة الموريتانية حراكًا لافتًا يجمع بين نقاشات داخلية تبحث مستقبلها وآليات تأثيرها في المشهد الوطني، إلى جانب تأسيس تشكيلات سياسية جديدة في الساحة، مع تحركات خارجية تعزز حضور رموزها في الفضاء الدولي.
ففي نواكشوط، استعرض ائتلاف قوى الشعب واقع المعارضة الديمقراطية في موريتانيا والآفاق المفتوحة أمامها، في ندوة فكرية جمعت قيادات ومناضلين من مختلف التيارات السياسية المعارضة، والتجربة المعارضة منذ بداية التعددية السياسية في موريتانيا مطلع التسعينيات، مع تقييم فاعليتها في المشهد السياسي الراهن.
وشدد المشاركون على ضرورة إعادة صياغة رؤية استراتيجية موحدة للمعارضة الموريتانية، بهدف تعزيز دورها كقوة رقابة وتوازن، وسط ما وصفوه بـ»تراجع الفعالية الانتخابية» في ظل استمرار النظام القائم.
ودعا النائب ديوب آمادو تيجان، القيادي في تحالف «أمل موريتانيا» المعارض، «إلى تنظيم مؤتمر شامل للمعارضة قبل الدخول في أي حوار وطني»، بينما أكد الدكتور لو غورمو عبدول، نائب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، «أن وحدة الصف المعارض باتت شرطًا أساسيًا لأي تأثير حقيقي، في مواجهة تحديات كبرى من بينها إدارة التنوع، استغلال الثروات، محاربة الفساد، وتجديد العقد الوطني».
وبالتوازي مع هذا، يواصل النائب بيرام الداه اعبيد، رئيس حركة «إيرا» والقيادي في المعارضة الراديكالية، جولة واسعة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حظي باستقبالات كبيرة من الجاليات الموريتانية في عدة مدن، بينها نيويورك، وواشنطن، وسينسيناتي، إضافة إلى لقاءات مع نشطاء حقوقيين وأكاديميين.
ووجّه النائب بيرام الداه اعبيد نداءً مباشرًا إلى الشباب الموريتاني، دعاهم فيه إلى الوحدة والانخراط في نضال سلمي من أجل التغيير.
وقال أمام حشد من أبناء الجالية «إن على الشباب أن ينهضوا في وجه الطغمة الحاكمة التي استأثرت بثروات الوطن، واحتكرت المناصب لصالحها وورّثتها لأبنائها وأصهارها، وكأن البلاد ملكية خاصة».
وشدد على أن الوقت قد حان «لكسر هذا الجدار السميك من الفساد والاستبداد، وإعادة الكلمة للشعب»، مؤكدًا «أن التغيير لن يأتي إلا من خلال تلاحم وطني جامع يعيد الاعتبار لقيم المواطنة والعدالة».
واختتم بيرام جولته بمهرجان خطابي شهد حضورًا واسعًا، قال أمام الحاضرين: «موريتانيا نهبتها على مدى عقود أنظمة تضم مفسدين غير وطنيين ينتمون لكل شرائح المجتمع، ولن ينقذ البلد منهم سوى اتحاد أبناء جميع شرائح المجتمع وتغليب المصالح العامة على الخاصة».
وشدد بيرام الداه، التأكيد على أن «معركة التغيير يجب أن تقوم على وحدة وطنية شاملة لا تقصي أحدًا، وعلى مواجهة شبكات الفساد بمعزل عن الخلفيات الفئوية أو الجهوية».
وفي سياق هذا التنشيط، يتواصل اتساع مشهد التأسيس الحزبي داخل المعارضة الموريتانية، مع الإعلان مؤخرًا عن تأسيس ثلاثة أحزاب سياسية جديدة يقودها سياسيون شبان ونشطاء من خلفيات متنوعة، يؤكدون انخراطهم في مشروع يسعى إلى تجديد الطبقة السياسية، وخلق بدائل وطنية تعبّر عن تطلعات الأجيال الجديدة.
وفي هذا السياق، اختتمت أعمال المؤتمر التأسيسي لحزب «تجديد الحركة الديمقراطية «تحدي»، الذراع السياسية لحركة «كفانا»، بعد يومين من النقاشات أفضت إلى انتخاب قيادة الحزب والمصادقة على وثائقه التأسيسية.
وأكد رئيس الحزب الأستاذ يعقوب أحمد لمرابط، أن «تحدي» يمثل رؤية وطنية جديدة لا تسعى إلى تكرار تجربة الأحزاب التقليدية، بل إلى بناء مشروع بديل قائم على الكفاءة والمواطنة والعدالة».
من جهته، أعلن النائب البرلماني السابق عبد الرحمن ولد ميني، عن تأسيس حزب «صيانة المكتسبات الديمقراطية «حصاد»، موضحاً «أن الحزب يأتي تتويجًا لمسار طويل من التأمل في تجربة العمل السياسي، وأنه يطمح إلى لعب دور نوعي في بلورة حلول وطنية من خلال خطاب مدني ومقاربة واقعية تُعلي من قيم المواطنة والتعددية، وتُفسح المجال أمام الكفاءات والفئات المهمشة».
ويعكس هذا التوجه المتنامي نحو تأسيس كيانات جديدة داخل صفوف المعارضة تغيرًا نوعيًا في الديناميات السياسية الوطنية، في ظل تزايد الدعوات لتجديد الواجهة السياسية، وخلق بدائل حزبية تتماشى مع متطلبات الحوكمة الرشيدة والمشاركة الفعلية في مسار التحول الديمقراطي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس