أفريقيا برس – موريتانيا. على وقع التضامن الشعبي المتصاعد مع أهالي غزة، يوجّه الموريتانيون جهودهم ووسائلهم هذه الأيام نحو هدف واحد: ضمان حضور نشط وفاعل في قافلة كسر الحصار المغاربية، التي تستعد للإبحار غدا الأربعاء نحو القطاع.
وبين استعدادات لوجستية وتعبئة جماهيرية وتبرعات سخية، تبرز موريتانيا كأحد أبرز المساهمين في هذا التحرك الإقليمي، لتؤكد مرة أخرى أن صوتها حاضر في ميادين النصرة والدعم الإنساني.
وفي مشهد تضامني إنساني فريد، تتعزز المشاركة الموريتانية في «أسطول الصمود العالمي» في محاولة لكسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني ووضع حد للإبادة الجماعية التي يتعرض لها منذ سنوات.
ومنذ البداية، انخرطت تنسيقية الصمود الموريتانية بفاعلية في مختلف الهيئات واللجان المنظمة، حاملةً لمستها الخاصة من خلال الشعارات والسترات التي ميّزت حضورها.
وكان العلم الموريتاني حيث يجب أن يكون، مرفرفًا عاليًا بين أعلام أكثر من 44 دولة ممثلة في الأسطول، إلى جانب نواب أوروبيين وشخصيات عامة.
وفي تونس، حيث يلتقي العالم نصرةً لفلسطين، ازدان الوفد الموريتاني بمشاركة حفيد الزعيم الإفريقي الخالد نيلسون مانديلا، الذي ذكّر بمسيرة جده في مقاومة الفصل العنصري، مضيفًا لمسة رمزية قوية للمشاركة الموريتانية.
و دعا العلامة مسموع الكلمة في موريتانيا، الشيخ محمد الحسن الددو، إلى المشاركة بالنفس والمال في أسطول الصمود، مؤكدًا أن مثل هذه المبادرات ستكسر الحصار وتُبقي القضية حيّة في وجدان الأمة. وأعلنت هيئة الأسطول عن تأجيل موعد الانطلاق من يوم الأحد 7 أيلول/سبتمبر 2025 إلى الأربعاء العاشر من سبتمبر الجاري، لأسباب تقنية ولوجستية خارجة عن الإرادة.
ورغم ذلك، يواصل المنظمون التحضير لانطلاقة قوية، حيث من المقرر أن تستمر الرحلة نحو ثلاثة أسابيع عبر المتوسط.
وحددت القافلة المغاربية أهدافها بوضوح مؤكدة أنها تتمثل في إغاثة أهل غزة، وفك الحصار الجائر، وتوجيه أنظار الإعلام الدولي إلى معاناة الفلسطينيين.
وتتألف القافلة من عشرات القوارب البحرية التي تحمل ناشطين من أكثر من أربعين دولة، بينهم شخصيات سياسية وحقوقية ورياضية وإعلامية.
وفي نواكشوط، عقدت تنسيقية الصمود اجتماعًا موسعًا بحضور جميع أعضائها، لمناقشة ترتيبات المشاركة الموريتانية. وخلص الاجتماع إلى تشكيل أربع لجان أساسية هي: لجنة الاتصال والتنسيق؛ ولجنة متابعة ملف المشاركين؛ ولجنة الإعلام والتعبئة، ولجنة المالية.
ويرأس التنسيقية النائب المرتضى ولد اطفيل، من حزب «تواصل»، ذي المرجعية لإسلامية، وتضم شخصيات من مختلف المشارب الفكرية والمهنية، من بينهم: الأستاذ ممادو الطيب صو، والأستاذ المعلوم ولد أوبك، والكاتب أحمد ولد جدو، والدكتور محمد الأمين ولد محمد المصطفى، والإعلامية اخديجة بنت المجتبى، والسيدة آمنة بنت محمد زيني، ورجل الأعمال سيدي محمد ولد الحنفي، والإعلامي محمد فال ولد الشيخ، والناشط الشبابي الشيخ ولد محمد.
وشهدت موريتانيا يومًا مفتوحًا للتعبئة والتبرع لصالح المشاركة في الأسطول، حيث قدم مئات الأشخاص وعشرات الهيئات تبرعات سخية لتنسيقية الصمود التي دعت كل الأحرار في موريتانيا إلى الانخراط في هذه المبادرة، سواء عبر التسجيل المباشر، أو التبرع المالي، أو المساهمة الإعلامية.
وبهذا الحضور النشط، تثبت موريتانيا أنها طرف أصيل في الموجة العالمية الهادرة نصرةً لفلسطين، وأن علمها سيظل يرفرف في مقدمة قوافل الحرية حتى ينكسر الحصار ويُرفع الظلم عن أهل غزة.
وبينما تتهيأ السفن للإبحار، يراهن الموريتانيون على أن مشاركتهم النشطة في القافلة ستشكل رسالة قوية ضد الحصار والخذلان الدولي، وتجسيدًا عمليًا للتضامن المغاربي مع القضية الفلسطينية.
ويأمل المنظمون أن يتمكن الأسطول البحري المرتقب من تجاوز جميع العقبات، ليصل إلى قطاع غزة، حاملاً رسالة تضامن شعبي مغاربي، ومساعدات إنسانية تشتد الحاجة إليها.
فمنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبدعم مباشر من الولايات المتحدة، يواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه المدمرة على غزة، في ما يصفه مراقبون بأنه إبادة جماعية مكتملة الأركان.
فقد بلغ عدد الشهداء حتى الآن 64 ألفًا و455 فلسطينيًا، إضافة إلى 162 ألفًا و776 جريحًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، بينما ما يزال أكثر من 9 آلاف شخص في عداد المفقودين.
وإلى جانب ذلك، نزح مئات الآلاف من السكان تحت القصف، فيما حصدت المجاعة أرواح 387 فلسطينيًا، بينهم 138 طفلًا.
ويعتبر القائمون على المجهود الإغاثي الساعي لفك الحصار أن مشاركة موريتانيا في «أسطول الصمود المغاربي» ليست مسعى شعبياً لكسر الحصار فحسب، بل هي مع ذلك، تأكيد على أن روح التضامن العربي لا تزال حية، وقادرة على صنع الفارق حين تتراجع المواقف الرسمية وتتقدم إرادة الشعوب.
إنها مشاركة تتجاوز الرمزية إلى الفعل، وتفتح أفقًا جديدًا أمام وحدة الشعوب في مواجهة الظلم، ليبقى شعار الموريتانيين: غزة ليست وحدها، فأمامها في كل لحظة تمر، بارقة أمل في استعادة الحرية والكرامة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس