أفريقيا برس – موريتانيا. في الذكرى الثانية للطوفان المبارك، عادت موريتانيا لتجدد عهدها الأبدي مع فلسطين، ولتقول للعالم إن السابع من أكتوبر لم يكن يوماً عادياً في التاريخ، بل كان يوماً تحررت فيه العقول من الأكاذيب، وانهارت فيه أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»، ويوماً أعاد للأمة روحها، حسب الخطباء، وأحيا في القلوب جذوة الكرامة والجهاد.
وفي مشهدٍ يعكس عمق الإيمان والوفاء، أعلنت موريتانيا عن تبرع جماعي جديد لغزة يبلغ مليار أوقية، مؤكدة بذلك أن نبضها ما زال مع المقاومة، وأنها رغم بعدها الجغرافي في قلب معركة الشرف والحرية.
واحتشدت العاصمة الموريتانية، نواكشوط،على إيقاع الهتافات والرايات الفلسطينية في مشهدٍ مهيبٍ عبّر عن عمق الارتباط بين الشعبين الموريتاني والفلسطيني، وعن وفاء الموريتانيين لقضيةٍ اعتبروها قضية الأمة الأولى.
فتحت شعار «غزة.. عامان من الصمود والمقاومة»، نظمت الهيئات الشعبية الموريتانية المناصرة لغزة، مهرجانًا شعبيًا ضخمًا ضم الآلاف من مختلف فئات المجتمع، إحياءً للذكرى الثانية لانطلاقة معركة طوفان الأقصى التي غيّرت موازين الصراع في المنطقة وأعادت وهج المقاومة في وجه الاحتلال.
وفي خطاب حماسي مؤثر، قال الأمين العام للرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني، الشيخان ولد بيبه، إن ذكرى السابع من أكتوبر ليست مجرد تذكار لمعركة، بل ميلاد جديد للأمة وإعلان انتصارٍ لكرامة الإنسان الحرّ.
وقال: «إننا نقف اليوم لنحتفل ونُجدّد في ذكرى السابع من أكتوبر، يوم طوفان الأقصى، ولنعلنها بحمد الله مناسبة انتصارٍ للحق على الباطل، فهذا اليوم مباركٌ لأنه أخرج لنا معادن نفيسة، وكشف زيفًا طال تغطيته، وأحيا فينا روحًا كادت تنطفئ».
وأضاف الشيخان «أن انتفاضة السابع من أكتوبر كانت هزيمة استخباراتية ومعنوية للعدو الغاشم، إذ فندت الأساطير التي روّج لها الإعلام العالمي عن «جيش إسرائيل الذي لا يُقهر»، مؤكداً أن هذا اليوم «فضح النفاق الدولي، وأسقط الأقنعة عن اتفاقياتٍ كانت تُرفع شعارًا للسلام وهي في حقيقتها غطاءٌ للظلم».
وأوضح «أن طوفان الأقصى أحيا روح الجهاد والعزة في الأمة بعد سنواتٍ من الذل والهوان، وأعاد إليها الثقة بقدرتها على الصمود والتضحية».
وقال: «لقد قدّم شعب غزة نموذجًا في الصبر والصدق والالتزام، جسّدته المرأة الشريفة، والطفل الباسل، والمسن المكافح، والمجاهدون الأبطال من كتائب القسام وسائر الفصائل. كما جسّد الأحرار حول العالم نموذجًا في التضامن الإنساني والكرامة.»
وتوقف ولد بيبه عند دور موريتانيا قائلاً: «لقد أظهر هذا اليوم معدنَ المجتمع الموريتاني الأصيل، فقد وقف شعبنا موقفًا مشرفًا، قدّم التبرعات والعون، وتفاعل بروحٍ أخويةٍ صادقةٍ مع أشقائنا في غزة، فما قدمتموه من تضحيات وعطايا هو فخرٌ لنا جميعًا ومصدر عزّ أمام التاريخ».
وفي ختام كلمته، دعا الشيخان ولد بيبه إلى استمرار الدعم والمساندة، قائلاً: «ليس الهدف من هذا الكلام مجرد اعتزازٍ بالمواقف، بل هو دعوةٌ لاستكمال الطريق، فاستمروا في الدعم المادي والمعنوي، وكونوا صوتًا للحق والعدالة؛ وليكشف المثقفون والإعلاميون الزيف وليُبرزوا الحقيقة دون تزييف: إن هذا اليوم أخرج لنا خيرًا كثيرًا، وأبان معدن الأمة وأخلاقها».
وعقب المهرجان، نظم المشاركون وقفةً أمام السفارة الأمريكية في نواكشوط، نددوا خلالها بالدعم الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي، ورفعوا شعاراتٍ تُمجّد المقاومة وتدين العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني، مرددين هتافاتٍ تعبّر عن وحدة الموقف الشعبي العربي والإسلامي خلف غزة الصمود.
وفي لحظة مؤثرة خلال الوقفة، سلّم رئيس المنتدى الشيخ محفوظ ولد الوالد شيكًا بقيمة مليار أوقية موريتانية إلى ممثل حركة المقاومة الإسلامية حماس في موريتانيا، الدكتور محمد صبحي أبو صقر، ليكون هذا المبلغ هو المليار الثاني الذي يقدّمه المنتدى لصالح أهل غزة الصامدين خلال عامين من العدوان والحصار.
وأكد الشيخ محفوظ أن هذا الدعم «واجب شرعي وإنساني»، موجّهًا التحية للشعب الموريتاني الذي «ما بخل يومًا بعطائه، ولا تردد في نصرة المظلومين والمرابطين في القدس وغزة».
واختتم المنتدى الإسلامي الموريتاني المهرجان برسالة شكر وعرفان جاء فيها:
«شكرًا للشعب الموريتاني الكريم على بذله وعطائه، وجزاه الله خيرًا. هنيئًا لكم، فقد وصلت تبرعاتكم إلى إخوانكم في غزة.»
وبهذا تثبت موريتانيا رسميًا وشعبيًا، أنها ما زالت على العهد، تحمل راية التضامن والمقاومة، وتخلّد ذكرى الطوفان لا كحدثٍ عابر، بل كعنوانٍ خالدٍ على إرادة التحرر والصمود.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس