أفريقيا برس – موريتانيا. عندما أطلقت شركة أوبن إيه آي السباق في مجال الذكاء الاصطناعي في أواخر عام 2022 مع برنامجها للمحادثة الآلية “تشات جي بي تي”، كانت الصين تصارع لتنافس التقنيات الناشئة التي طورتها الشركات أميركية. لكن الذكاء الاصطناعي الصيني في مرحلة أخرى الآن. ولأن الصين لا تستخدم التكنولوجيا الغربية، بل بَنَت عالماً إلكترونياً موازياً فصلته عن الإنترنت العالمي، فقد أطلقت شركة كوايشو مولد الفيديو الخاص بها “كلينغ” في الصين منذ أكثر من شهر، وللمستخدمين في جميع أنحاء العالم الأربعاء الماضي. وقبل وصول “كلينغ” بفترة قصيرة، أطلقت شركة إيه آي.01 الناشئة روبوت دردشة يقدّم نتائج مثل التقنيات الأميركية الرائدة.
شكل المصدر المفتوح حجر الزاوية في تطوير برامج الكمبيوتر والإنترنت ثم الذكاء الاصطناعي. لكن شركات أميركية تقول إن تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسرّع انتشار التضليل وتسبّب أضراراً خطيرة أخرى. ويقول المدافعون عن النموذج المغلق في الولايات المتحدة إن المصادر المفتوحة تسمح للمسيئين باستغلال تكنولوجيا قوية كسلاح من قبل دول مثل الصين، باستثناء شركة ميتا التي أطلقت روبوتاً توليدياً مفتوح المصدر. لكن المؤيدين يؤكدون أن التكنولوجيا تتقدم بشكل أسرع عندما يكون كود الكمبيوتر متاحاً مجاناً لأي شخص يمكنه فحصه واستخدامه وتحسينه.
وتبدو الشركات الصينية أكثر استعداداً لإطلاق تقنياتها للمستهلكين أو حتى مشاركة الأكواد مع الشركات الأخرى ومطوري البرامج. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن العشرات من الخبراء والباحثين في شركات التكنولوجيا الصينية أن تقنيات المصدر المفتوح كانت السبب الرئيسي وراء تقدم تطوير الذكاء الاصطناعي الصيني بهذه السرعة، ورأوا في الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر فرصة للبلاد لتولي زمام المبادرة في هذا القطاع.
لا يواجه الذكاء الاصطناعي الصيني الشركات الأميركية فقط، بل يواجه السلطات الأميركية نفسها. إذ تظل الولايات المتحدة في طليعة أبحاث الذكاء الاصطناعي. وفرض البيت الأبيض حظراً تجارياً يمنع الشركات الصينية من استخدام أقوى إصدارات الرقائق الحاسوبية، التي تعد ضرورية لبناء الذكاء الاصطناعي. وقدّم الكونغرس مشروع قانون من شأنه أن يسهل على البيت الأبيض التحكم في تصدير برامج الذكاء الاصطناعي التي بُنيَت في الولايات المتحدة. ويحاول آخرون الحد من تقدم تقنيات المصدر المفتوح التي ساعدت في تغذية صعود أنظمة مماثلة في الصين.
وفي هذا السياق، أفاد متحدث باسم لجنة في الكونغرس بأن الإمارات العربية المتحدة حالت دون عقد اجتماعات هذا الشهر بين موظفين من الكونغرس و”جي42″، بعدما عبّر مشرعون أميركيون عن مخاوف من أن تنقل شركة الذكاء الاصطناعي الإماراتية تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية المتطورة إلى الصين. وقال المصدر الذي تم إطلاعه على ما جرى من إلغاء للاجتماعات ورفض نشر اسمه، لـ”رويترز”، الثلاثاء، إن سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة “تدخل بشكل شخصي” لمنع موظفي اللجنة من مقابلة “جي42″ ومسؤولين من الحكومة الإماراتية. وكان مشرعون أميركيون قد أبدوا مخاوف بشأن استثمار قيمته 1.5 مليار دولار لـ”مايكروسوفت” في “جي42″، بسبب القلق من نقل التكنولوجيا الحساسة إلى الشركة الإماراتية التي تربطها علاقات ممتدة بالصين.
وأمام هذا التضييق، فإن عاملين في صناعة التكنولوجيا في الصين يعتقدون أن تكنولوجيا المصدر المفتوح يمكن أن تساعدهم على النمو على الرغم من هذه القيود. وإذا خنقت الهيئات التنظيمية الأميركية مشاريع المصدر المفتوح الأميركية، كما يناقش بعض المشرعين، فقد تكتسب الصين ميزة كبيرة. إذ جاءت أفضل تكنولوجيات المصدر المفتوح من الصين، ويمكن للمطورين الأميركيين بناء أنظمتهم على التقنيات الصينية.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن الرئيس التنفيذي لشركة هاغينغ فيس للذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر كليمنت ديلانغ أن “الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر هو أساس تطوير الذكاء الاصطناعي”. وأضاف أن الولايات المتحدة بَنَت ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال التعاون بين الشركات والباحثين، “ويبدو أن الصين يمكن أن تفعل الشيء نفسه”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس