ردود فعل الموريتانيين حول “قانون الرموز”

3
ردود فعل الموريتانيين حول
ردود فعل الموريتانيين حول "قانون الرموز"

أحمد إمبيريك

أفريقيا برس – موريتانيا. أثار قانون حماية الرموز ردود فعل واسعة في موريتانيا، بعد مصادقة البرلمان عليه في 9 نوفمبر 2021، وهو القانون الذي تقدمت به السلطات الموريتانية لتجريم ومعاقبة المساس بهيبة الدولة ممثلة في حماية الرموز أو المساس باللحمة الوطنية، وقد بررت الحكومة الموريتانية ممثلة في وزير العدل محمد محمود ولد بيه القانون معتبرة أنه جاء ليسد فراغا تشريعيا في المنظومة الجنائية الموريتانية، وذلك في حالات: منها الاعتداء على الرموز الوطنية، والمساس بهيبة الدولة.

وقال الوزير خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي للحكومة في 14 من يوليو 2021، إن السلطات الموريتانية تتمسك في تشريع هذا القانون بالثوابت الحقوقية المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وكافة المواثيق الدولية التي تكرس المبدأ الإنساني في حرية التعبر، مع التشبث بقيم الجمهورية حسب تعبيره، وقال الوزير أيضا إن صون الوحدة الوطنية واحترام قيم المواطنة، دواعٍ من شأنها أن تفرض على المشرع الموريتاني وضع أدوات قانونية مناسبة لذلك، وأشار الوزير في حديثه إلى أن هيبة وسيادة الدولة تعكسهما رموزها الوطنية وحمايتها واجبة، إلى جانب حماية الأفراد والوقوف أمام المساس بوحدة الشعب.

مضامين القانون

المادة الأولى من قانون الرموز أوضحت أنه يهدف إلى تجريم الأفعال العمد التي تمس بهيبة الدولة، ورموزها، والأمن الوطني، والسلم الأهلي، واللحمة الاجتماعية، والحياة الشخصية وشرف المواطن؛ باستخدام تقنيات الإعلام والاتصال الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي، فيما فسرت المادة الثانية المساس بهيبة الدولة ورموزها بإهانة شخص رئيس الدولة أو العلم أو النشيد، وجعلت المادة العقاب المقرر لهذه الجريمة هو الحبس من سنتين إلى أربع سنوات، وبغرامة مالية من مائتي ألف أوقية إلى خمسمائة ألف أوقية، دون المساس بالعقوبات الأشد المقررة في قوانين أخرى.

وحدد القانون في مادته الثالثة المساس بالأمن أنه أي نشر أو توزيع نصي أو صوتي أو مصور عبر استخدام التقنيات الجديدة والمنصات؛ يستهدف الروح المعنوية للقوات المسلحة والأمن أو زعزعة ولائهم للدولة، وتراوحت العقوبة بين سنة إلى ثلاث سنوات سجنا، وغرامة مالية بين مائتي ألف أوقية إلى أربعمائة ألف أوقية (11 ألف دولار).

واستثنت هذه الفقرة من العقوبات التقاط الصور خلال الاستعراضات العامة، أو المنشور على المنصات والنوافذ الرسمية للعسكر والأمن الوطني.

فيما عاقبت المادة الرابعة القذف التجريح السب للجهات الوطنية ومكونات الشعب بث الكراهية بالحبس سنتين إلى خمس سوات وغرامة مالية من مائتي ألف إلى أربعمائة ألف أوقية

وتضمنت المواد الأخرى إفشاء الاسرار وتجريح المسؤولين العموميين، فيما أشارت المادة السابعة إلى النيابة العامة “تمارس الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون بشكل تلقائي كما يمكنها ممارستها بناء على شكاية من المتضرر”، فيما تضمنت المادة الثامنة إلغاء الأحكام السابقة المخالفة لهذا القانون.

ردود الفعل

ممثلو منظمات المجتمع المدني، وبعض الإعلاميين رأوا في هذا القانون انتكاسة في الحريات الوطنية، التي كرسها الدستور الموريتاني، وطالبوا رئيس الجمهورية محمد ولد الغزواني والمشرع الموريتاني بمراجعة هذا القانون، وفي هذا السياق قال الكاتب الإعلامي أحمد ولد جدو في تصريح لافريقيا برس إن قانون الرموز يعتبر سيرا “من طرف نظام محافظ لخنق أيّ فرص لانتقاد رأس الدولة، فولد الغزواتي لا يحب الانتقاد أيا كان نوعه، وفي هذا القانون – يضيف ولد جدو- نزوع خطير نحو تقديس غير المقدس، ووضع شخص الرئيس مع مقدسات الدولة والشعب، وهذا خطير على حرية التعبير، ويكرس تمييزاً واضحاً بين المساس بعرض المواطن العادي، والمساس بعرض رئيس الجمهورية، مما يتعارض مع المبادئ الدستورية المُكرِّسَةِ للمساواة، والضامنة للحريات، هذا بالإضافة إلى أن مثل هذه القوانين خطير وجودها في ظل سلطة انتقائية في تطبيق القانون، تعمل على تصفية الحسابات من خلال القضاء.

من جهته قال المحامي بالمحاكم الموريتانية الحسين ولد بلال لـ”أفريقيا برس” إن القانون جاء سادا لثغرات في القانون ينتظر منها أن تواكب التطورات الجديدة في العولمة، وأضاف المحامي أن الشق المتعلق بالموظف العمومي كرمز لا يمكن المساس به، سبق لهيئة دفاع السجين ولد صمبه أن طعنت في دستوريته، كما طعنت في دستورية القانون من أصله، فيما وافق المجلس الدستوري الهيئة في الفقرة المتعلقة بالموظف العمومي، وأثبت دستورية الفقرات الأخرى من القانون.

وقال المحامي ولد بلال إن مما يختص به هذا القانون أنه يتيح للنيابة تحريكه تلقائيا ضد أي شخص قد يخالف مقتضاته حسب النيابة، مع الإشارة إلى أسبقية مواد هذا القانون من حيث التطبيق في حال تقاطعها مع القوانين الأخرى”، وهو –بحسب رأيه- مؤسس من الناحية القانونية.

المعارضة الموريتانية وعدد من النواب البرلمانيين عبروا عن امتعاضهم من هذا القانون، معتبرينه رجعة انتكاسة في الحريات العامة، من شأنها أن تخلق فضاء سياسيا، واجتماعيا، وحقوقيا يسوده التوجس، والخوف، وانتهاك الحرمات بدعوى حماية الرموز، مما يعود على حياة الموريتاني سلبا، وقد أشار الناشط السياسي الدكتور المختار ولد عابدين في تصريح لـ”أفريقيا برس”، إلى أنَّ حمايةَ حقوق المواطنة وكرامته مطلوبة، لكن واقع بلاد ينتشر فيها التملق لا يقتضي البحث عن قانون يقدس رأس الدولة، وقال ولد عابدين أن ذلك من شأنه سد باب النقد، وتركب الحبل على الغارب لتفسيرات تنتهك بها الحريات تحت دعوى حماية “الرمز الوطي” حسب تعبيره.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس