علماء: الشمبانزي يغير رأيه ويفكر بعقلانية

1
علماء: الشمبانزي يغير رأيه ويفكر بعقلانية
علماء: الشمبانزي يغير رأيه ويفكر بعقلانية

أفريقيا برس – موريتانيا. كشفت تجارب جديدة عن أن الشمبانزي ليس مجرد قرد ذكي يعرف طريقه إلى الطعام، بل يمتلك شكلا من التفكير العقلاني يشبه ما نراه عند الأطفال الصغار.

ففي دراسة نشرت يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في دورية “ساينس”، كشف فريق دولي -يضم باحثين من جامعة كاليفورنيا في بيركلي الأميركية، وجامعة أوتريخت الهولندية، عمل في محمية جزيرة نغامبا للشمبانزي في أوغندا- عن أن الشمبانزي قادر على تغيير رأيه عندما تظهر أدلة أفضل، ولا يظل أسير الانطباع الأول.

وتعد الفكرة التي اختبرها الباحثون بسيطة في ظاهرها: وضع صندوقين أمام الشمبانزي، في أحدهما قطعة طعام. في البداية، حصل الحيوان على إشارة تدله على الصندوق الصحيح، فاختاره.

بعد ذلك، قدم له الباحثون إشارة أقوى تشير إلى أن الصندوق الآخر هو الذي يحتوي على المكافأة. بعد ذلك، غيّر كثير من الشمبانزي اختياره وانتقل إلى الصندوق الثاني.

ويعني هذا السلوك أن الشمبانزي لم يتمسك بالمعلومة الأولى، بل قارن بين قوة الإشارتين ومال إلى الأرجح، وهو بالضبط ما يفعله طفل في الرابعة عندما تعطيه دليلا أوضح.

القرود قيّمت قوة الدليل

تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة إيميلي سانفورد -الباحثة المشاركة من مختبر الأصول الاجتماعية في جامعة كاليفورنيا في بيركلي- إن ما رأوه عند الشمبانزي “هو نوع المرونة الذهنية التي ننسبها عادة إلى الأطفال”.

وأضافت في تصريحات للجزيرة نت أن إثبات هذا السلوك في الرئيسيات أمر مثير، لأنه يقوض الفكرة القديمة التي تجعل العقلانية حكرا على البشر.

الأهم أن الفريق لم يكتف بالملاحظة المباشرة، بل استخدم نماذج حسابية لمقارنة سلوك الشمبانزي بإستراتيجيات مختلفة لاتخاذ القرار، كما أوضحت سانفورد.

لو كان ما حدث مجرد ميل إلى آخر إشارة (انحياز الحداثة)، أو انجذاب إلى الإشارة الأكثر وضوحا، لكانت النتائج ظهرت بطريقة مختلفة، حسب الباحثة، التي أضافت أن النماذج أوضحت أن قرارات الشمبانزي أقرب إلى إستراتيجية مراجعة المعتقدات بناء على قوة الدليل، وهي الإستراتيجية نفسها التي يعتمدها الإنسان عندما يفكر منطقيا.

وتضرب هذه النتيجة في صميم إحدى المسلمات في علم الإدراك، التي تقول إن الإنسان يقف على قمة منعزلة بفضل قدرته على تكوين الأفكار وتعديلها، لكن الدراسة تقول العكس تقريبا.

دروس من عقول الرئيسيات

للدراسة أيضا انعكاسات تربوية وعقلية مثيرة، إذ تشير سانفورد إلى أن البشر، حتى في طفولتهم المبكرة، يأتون إلى العالم ومعهم “محرك استدلالي” يعمل، ولا ينتظر المدرسة كي يشتغل.

إذا كان الشمبانزي يعدل توقعاته من تجربة إلى أخرى، فكيف بالأطفال؟ هذا يقترح أن بيئات التعلم يجب أن تغذي هذا الاستدلال الطبيعي، بدلا من التعامل مع التلاميذ على أنهم صفحات بيضاء.

في الاتجاه نفسه، يمكن لمطوري الذكاء الاصطناعي الاستفادة من هذا النوع من المهام، لأنها تقدم مثالا طبيعيا على خوارزمية بسيطة، لكنها فعالة لمراجعة التوقعات عند ظهور معلومة أفضل.

اللافت أن هذه ليست نهاية القصة، إذ بدأ الفريق البحثي بالفعل في تطبيق المهمة نفسها على أطفال بين عامين و4 أعوام لمقارنة سرعة التعديل ودقته بين الشمبانزي والبشر. إذا تقاربت النتائج، فسيكون ذلك دليلا أقوى على أن القدرة على تغيير الرأي عند ظهور دليل جديد ليست امتيازا إنسانيا خالصا، بل خاصية معرفية أقدم بكثير.

وكما أشارت سانفورد فإن “الحيوانات ربما لا تعرف ما هو العلم، لكنها تتصرف بطريقة ذكية وقابلة للتكيف في بيئات معقدة، وهذا شيء يستحق أن ننتبه له”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس