غزواني وسانشيز يؤكدان على توسيع التعاون المشترك

2
غزواني وسانشيز يؤكدان على توسيع التعاون المشترك
غزواني وسانشيز يؤكدان على توسيع التعاون المشترك

أفريقيا برس – موريتانيا. وصفت الزيارة التي أنهاها الخميس لموريتانيا، رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، بـ «المهمة»، ليس فقط على مستوى ما تمخضت عنه من توطيد العلاقات الثنائية بين موريتانيا وإسبانيا، بل أيضًا لما حملته من إشارات سياسية وإنسانية أثارت اهتمام الرأي العام المحلي.

فقبيل لقاءاته الرسمية، تسلّم سانشيز رسالة ترحيب شعبية موقعة من مئات الشخصيات الموريتانية، من أساتذة جامعيين وصحافيين ورؤساء أحزاب ومنظمات أهلية وفاعلين في المجتمع المدني، عبّروا له فيها عن امتنانهم العميق لمواقفه «الشجاعة والنبيلة» في دعم القضية الفلسطينية، وإدانته الواضحة والمستمرة لما وصفوه بـ «العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني الأعزل».

وأكد الموقعون على أن زيارة سانشيز «ليست مجرد زيارة رسمية»، بل «زيارة لشعب يقدّركم ويحترم مواقفكم»، مشيدين بشجاعته في اتخاذ موقف مبدئي «في وقتٍ التزم فيه كثيرون الصمت أو تواطأوا مع الإبادة الجارية في غزة».

واعتبر موقعو الرسالة «أن موقف سانشيز أعاد الأمل في أن يكون لصوت الضمير والعدالة مكان في دوائر القرار الدولي، وقالت إن ما تحمله من مبادئ هو ما يجعل من زيارته حدثًا يستحق الترحيب والاحتفاء».

وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، تحدث سانشيز عن الدور الحيوي الذي لعبته الهجرة في تنمية إسبانيا، مشيراً إلى أن «التقدم الاقتصادي الإسباني لا يمكن فصله عن إسهامات المهاجرين الذين اختاروا إسبانيا لتكون موطنًا جديدًا لهم».

لكنه شدد على «ضرورة أن تكون الهجرة «آمنة ومنظمة ومنسجمة مع احتياجات الدول المستقبلة»، داعيًا إلى «تعزيز التعاون مع موريتانيا لضمان إدارة رشيدة لملف الهجرة، بما يخدم مصالح البلدين».

ورحب الرئيس الغزواني من جانبه بالضيف الإسباني، وأكد على متانة العلاقات بين نواكشوط ومدريد، مشيدًا بالدور الإيجابي الذي تلعبه إسبانيا في دعم السلم والتنمية في المنطقة.

وقال: «إن مباحثات مع رئيس الحكومة الإسبانية تناولت ملفات استراتيجية تتعلق بالأمن والهجرة والطاقة والتعاون الاقتصادي».

وتعكس تصريحات سانشيز في نواكشوط تحوّلاً في الخطاب الأوروبي بشأن الهجرة، يقوم على الاعتراف بمساهمتها في التنمية بدل التركيز فقط على التحديات الأمنية؛ كما أظهرت الزيارة أن موريتانيا باتت شريكًا استراتيجيًا في ضبط حركة الهجرة، خاصة في ظل احتدام النقاش داخل الاتحاد الأوروبي بشأن سياسات استقبال المهاجرين، واشتداد الضغوط لوقف تدفقهم عبر المسارات غير النظامية.

وأبرزت الزيارة التركيز على الهجرة الدائرية كخيار عملي يسعى إلى التوفيق بين ضرورات النمو الاقتصادي في أوروبا وتطلعات الشباب الإفريقي إلى فرص عمل وحياة كريمة، بعيدًا عن مخاطر الموت في عرض البحر.

وتمخضت زيارة بيدرو سانشيز لموريتانيا عن توقيع أربع اتفاقيات تعاون تغطي مجالات النقل والبنية التحتية، والحماية الاجتماعية، والأمن السيبراني، والبيئة، وهو ما يعكس إرادة الطرفين في ترسيخ شراكة متجددة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وتأتي هذه التحركات في سياق أوسع تقوده مدريد لتنظيم الهجرة وفق نموذج «الهجرة الدائرية»، القائم على استقبال عمال أفارقة مؤهلين وفق احتياجات الاقتصاد الإسباني، في إطار اتفاقيات ثنائية تضمن الأمان القانوني والبعد الإنساني لهذه العملية.

لكن خلف هذا الطموح الإصلاحي، تقف أرقام قاتمة؛ إذ تشير إحصائيات منظمة «كاميناندو فرونتيراس» إلى أن أكثر من 10 آلاف مهاجر فقدوا حياتهم أو فُقدوا في البحر خلال عام 2024 وحده، أثناء محاولتهم العبور نحو جزر الكناري.

ومع ذلك، تشير بيانات وزارة الداخلية الإسبانية إلى تراجع بنسبة 34.4% في أعداد الوافدين بين يناير ومنتصف مايو 2025، ما يعكس تحسنًا نسبيًا في ضبط المسارات، يُعزى جزئيًا إلى التعاون المتزايد مع دول العبور مثل موريتانيا.

وحملت زيارة سانشيز لنواكشوط أبعادًا سياسية وإنسانية تتجاوز العلاقات الثنائية التقليدية، فقد مثّلت من جهة محطة لتوطيد الشراكة بين البلدين في ملفات حيوية، ومن جهة أخرى، جسّدت لحظة تقدير نادرة لقائد أوروبي اختار الوقوف إلى جانب الحق في ظرف دولي مضطرب، ليترك بذلك أثرًا واضحًا في الذاكرة السياسية الموريتانية.

وتأتي الزيارة التي قادت رئيس الحكومة الإسبانية إلى بلد يُعد أحد أبرز نقاط انطلاق المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء نحو السواحل الأوروبية، في سياق جهود إسبانية لتكثيف التنسيق مع دول المنطقة بشأن ملف الهجرة، خاصة بعد تصاعد أعداد المهاجرين القادمين إلى جزر الكناري، وتزايد الكوارث الإنسانية الناجمة عن رحلات البحر الخطرة.

وكان سانشيز قد أطلق في أغسطس 2024 جولة شملت عدة دول في غرب إفريقيا، من بينها موريتانيا، بهدف الدفع بمبادرة «الهجرة الدائرية»، التي تسمح باستبدال الهجرة غير النظامية بجلب عمال أفارقة إلى إسبانيا بشكل قانوني ومؤقت، تلبية لحاجات الاقتصاد الإسباني، مع توفير ضمانات قانونية وإنسانية لهؤلاء العمال.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس