أحمد إمبيريك
أفريقيا برس – موريتانيا. قال الأمين العام لجمعية المستقبل الشيخ سيدي الحاج ولد سيدي الحاج في تصريح لـ “أفريقيا برس” إن “الجمعية تسعى للمساهمة “في المجهود الوطني للتوعية والتثقيف.. وبث روح التآخي والمحبة”، منوها إلى أن العطلة الدراسية شكلت فرصة لتنويع أنشطة الجمعية وبرامجها في الداخل.
وحسب الأمين العام فإن عددا من المدرسين والدعاة تم توزيعهم داخل المدن والقرى إلى جانب فرق جوالة للتوجيه والإرشاد، وأشار إلى أن الجمعية حققت انتشارا واسعا من خلال الفروع والأقسام والمراكز في الداخل، كما غطت من خلال برنامج “النفير الدعوي” لهذا العام 52 مقاطعة ووصلت إلى 554 قرية.
وقال ولد سيدي الحاج إن الجمعية رغم تركيزها على النشاط الدعوي “تحصينا للمجتمع وحفاظا على هويته”، فإنها معنية أيضا بالثقافة والتعليم، وتنظيم الندوات والملتقيات الثقافية والتوعوية.
وكانت السلطات الموريتانية قد حظرت أنشطة جمعية المستقبل للثقافة والتعليم وذلك في عهد الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، لكنها استعادت أنشطتها لاحقا بعد صدور حكم قضائي بذلك، وقد أُنشأت الجمعية مطلع العام 2008 تحت رئاسة الشيخ محمد الحسن الددو، للعمل في مجالات الدعوة والثقافة والتعليم.
الشيخ سيدي الحاج ولد سيدي الحاج هو قارئ موريتاني بارز وأمين عام جمعية المستقبل، يجمع بين النشاط الدعوي والفكري والاجتماعي.
عُرف بتلاوته للقرآن الكريم برواية قالون عن نافع، وله مساهمات مؤثرة في نشر الفكر الوسطي وتعزيز القيم الإسلامية.
سياسياً، يُعد من الأصوات الداعمة للاستقرار والحوار، ويشارك في فعاليات وطنية تهدف إلى بناء مجتمع متماسك ومتسامح.
ما تقييمكم لأعمال الجمعية بعد رفع الحظر عنها، وهل شكلت إضافة في مجالاتها؟
نشكركم على إتاحة هذه الفرصة، ونحيي من خلالكم جمهور المتابعين، ونقول: إن جمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم عادت للعمل بعد رفع الحظر التعسفي الذي فُرض عليها أكثرَ من سبع سنوات بغير حقٍّ، وصدر الحكم القضائي ببطلان الإجراءات ضدّها، ولكنه لم يُنفذ أيّام النظام السابق حتّى جاء الرئيس الحاليُّ فرفع الظلم عنها، وهنا نسجّل كل الشكر والتقدير لرئيس الجمهورية.
شرعت الجمعية فورا في وضع خططها وتحديث برامجها العلمية والدعوية والتربوية والثقافية، وانطلقت بوتيرة أكبر ممّا كانت عليه، فافتحت فروعها وأقسامها ومراكزها التعليمية خاصة “مراكز بلال” التابعة للجمعية في جميع ولايات الوطن وفي أغلب مقاطعاته ومراكزه الإدارية، وتُشرف على هذه الفروع والأقسام والمراكز طواقمُ من كوادر وأطر الجمعية، وهم صفوة من خيرة أبناء البلد علما وديانة ووعيا.. نسأل الله أن يبارك فيهم ويتقبّل منهم.
نعم، تُعتبَر الجمعية أكبر جمعية دعوية في موريتانيا وأوسعها انتشارا وتُغطِّي أنشطتها مدُن وقرى موريتانيا بالدروس والمحاضرات والحلقات القرآنية والإفتائية والليالي والأيام التربوية والأماسي والندوات الثقافية والفكرية، مساهمة في المجهود الوطني في التوعية والتثقيف ومحو الأمية وبث روح التآخي والمحبة وتعزيز اللحمة المجتمعية، وتتميز ببنيتها المؤسسية حيث تعمل وفق خططها المرسومة ونظمها المنبثقة عن هيئاتها المعتمدة.
ما هي أهم الأنشطة التي قدمت الجمعية خلال الموسم الفارط، وما طبيعتها؟
خلال الموسم الفارط واستفادة من العطلة الصيفية التي يعود الناس فيها إلى قراهم، أطلقنا سلسلة من الأنشطة والبرامج المتنوعة فقد دأبت الجمعية على تنظيم مواسمَ دعويةٍ وثقافية في العُطَل تُكثَّف فيها الأنشطة والرحلات، ويتوجّه فيها ثِقل العمل إلى الدّاخل؛ تفاعلا مع الموسم واستغلالا للعطلة، وقد تم التركيز على النشاط التعليمي والتوجيهي فتم تسيير الرحلات الدعوية وتم توزيع مدرّسين ودعاة قارّين في مدن وقرى، وهناك آخرون يتجوّلون في مناطق للتدريس والتوجيه والإرشاد؛ إضافة لعدد من الدورات والندوات والملتقيات..
يرى البعض أن مجالات الدعوة حضرت بقوة على حساب الثقافة والتعليم ما صحة ذلك، وما هي الجهود المبذولة في هذين المجالين الأخيرين؟
لا شك أن الدعوة بمعناها الشامل تعتبر المهمة الرئيسية للجمعية وشعورا بتعاظم التحديات التي تواجه مجتمعنا في عصر العولمة وفي ظل الوسائط المفتوحة مما يحتم مضاعفة الجهود لتحصين المجتمع والحفاظ على هويتنا وقيمنا وتلك غاية الدعوة لذا فمن الطبيعي أن تبرز الأنشطة الدعوية، ومع ذلك فلتعلیم والثقافة مكانتهما في جمعية المستقبل حيث إن للجمعية أمانتين مركزيّتين تُعنيان بالثقافة والتعليم، ولكلّ منهما خطّة وعمل منتظم، فمثلا في المحور الثقافي من عملنا تنظّم الجمعية صالونها الثقافيّ كلّ شهرين، ونظّمت في العام الماضي ثلاث ندوات ثقافية وفكرية كبيرة، كما شاركت في التظاهرات الثقافية الوطنية كمهرجان مدائن التراث في شنقيط، والاحتفاء بتظاهرة “نواكشوط عاصمة الثقافة الإسلامية” والأنشطة المخلّدة لشهر اللغة العربية، كما نظّمت ملتقى المستقبل الأدبي عن القضية الفلسطينية وشارك فيها مفكرون ومنشدون وشخصيات وطنية وعربية، وكان من أكبر الأنشطة التي نُظّمت على المستوى الوطني في الفترة الأخيرة، كما أصدرت الجمعية مجلّتها الثقافية الفكرية، وكتُبا أخرى والعمل جار على عدد من الإصدارات الثقافية.
وعلى مستوى التعليم قدمت الجمعية إسهامات متنوعة في مجالي التعليم الأصلي والعصري شملت دورات وورشات تكوينية وتطويرية موجهة للطواقم التربوية والتأطيرية ودورات مكثفة موجهة للأقسام الإشهادية في الإعدادية والثانوية وكذا دورات فقه الحج التي استفاد منها العديد من الحجاج هذا العام، وتلعب مراكز بلال دورا مهما في هذا المجال من خلال برامجها التعليمية المبسطة والموجهة للفئات والمناطق الأقل حظا في التعليم والتي تستهدف محو الأمية الشرعية ومثلها محاظر الجمعية المنتشرة على المستوى الوطني وكان التركيز خلال هذه السنة على مناطق الداخل ذات الأولوية حيث ناهزت 50 ما بين مركز ومحظرة
ماهي الخلاصة التي تخرجون بها مع توديع موسم مضى وافتتاح موسم جديد؟
نخرج بخلاصة مفادُها أنّ التحديات الماثلة أمام مجتمعنا تتطلب مزيدا من تضافر الجهود الرسمية والشعبية وأن التهديدات التي التي تواجه شبابنا وهوّيتَنا تستوجب عملا دعويا وثقافيا وتعليميا مؤسّسيّا يحفظُ الهُوّيّة ويحصن الشباب ويحمي الناشئة ويكون قياما بواجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انطلاقا من التوجيهات القرآنية والنبوية{وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةࣱ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} “الدين النصيحة” وقد لمسنا من خلال الخطة الصيفية أن الساحة متعطّشة إلى عمل جمعية المستقبل وهو ما سعينا للتجاوب معه حسب المتاح.
مع تدني الجهود التوعوية في الداخل هل اتخذت الجمعية آليات للمساهمة في التغلب على ذلك وهل لديها فروع في الداخل وما عددها؟
نعم هذه قضية حاضرة بقوة عندنا وتوجد فروع الجمعية اليوم في أغلب المقاطعات وتتبع لهذه الفروع كما أشرنا قبلُ أقسامٌ ومراكزُ تعليمية، وعلى طواقم هذه الفروع ولجانها تعتمد الجمعية في تنفيذ خطّتها التي صادق عليها مجلسُ شوراها في 22 يوليو الماضي، وهي خطّة شاملة وطموحة وتسعى للاستجابة لتلك التحدّيات ومن بينها ما ذكرتم، وفي هذا الصدد نفذنا هذه السنة مشروع النفير الدعوي حيث غطى 52 مقاطعة ووصل إلى 554 قرية وأطلقنا برنامجي الداعية المقيم والداعية المتجول وهما برنامجان تعليميان توعويان
ماهي رسالتكم لجمهور ورواد الدعوة والثقافة والتعليم؟
رسالتنا إليهم أن تعالوا لنجعل أيدي بعضنا في أيدي بعض لنتعاون على الخير ونبني بلدنا ونقوي تماسك مجتمعنا على أساس متين من الإخاء والتضامن والتلاحم والتعاون والتكافل انطلاقا من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا” {وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا ومرحبا بمن التحق بركب جمعية المستقبل؛ لتربُّوا أنفسَكم وتتعاونوا مع إخوانكم على البرِّ والعمل الصالح الذي ينفع الناس ويمكث في الأرض ويبني الوطن.
فأبواب جمعية المستقبل مشرعة لكل من يشاطرنا هذا الهم ويبادلنا هذه الإرادة في نشر هذه الرسالة السامية وهذه الأهداف النبيلة. والله الموفّق والهادي إلى سواء السبيل.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس
