جزائري يطوّر “طائرات بيئية” لتشجير الغابات

10
جزائري يطوّر
جزائري يطوّر "طائرات بيئية" لتشجير الغابات

أفريقيا برس – موريتانيا. طوّر المهندس الجزائري عادل محمد بالعربي تقنيات جديدة في مجال إعادة التشجير وزرع شتلات الأشجار في أعالي الغابات والجبال، باستخدام طائرات من دون طيار قادرة على حمل شتلات بأحجام مختلفة، وإطلاقها بسرعة تسمح بغرسها في التربة.

ونجح عادل، الذي تخرج من معهد الطيران في كلية البليدة قرب العاصمة الجزائرية عام 2006 في تخصص هياكل الطائرات، في تطوير نماذج ناجحة لطرق التشجير باستخدام طائرات من دون طيار. ودفعته الحرائق الكبيرة التي شهدتها مناطق عدة، خاصة منطقة القبائل، صيف العام الماضي، والتي ألحقت خسائر بمساحات كبيرة من الغابات، إلى البحث عن حلول من أجل تسريع عملية إعادة إحياء الغابات وتشجيرها، خاصة في المناطق التي تقع في أعالي الجبال والغابات التي يصعب الوصول إليها.

ويشرح عادل تقنية التشجير التي توصل إليها، ويقول لـ”العربي الجديد”: “تشمل العملية اطلاق كريات بذور وقذائف شتلات، وهي طريقة ناجحة تستخدم في العالم، لكن النسخة التي طورتها تسمح بأن تبقى البذور محمية داخل شرنقة لأزمنة طويلة في انتظار هطول المطر، وكذلك بأن تحتفظ بالرطوبة لوقت طويل، وأن تتحمل درجات عالية من صدمات الارتطام بالأرض”.

يضيف: “كريات البذور خفيفة جداً، ولا يتجاوز وزنها 7 غرامات، ما يسمح للطائرة الواحدة بأن تحمل كميات كبيرة منها في كل تحليق. ويمكن أن يحمل مشروع الطائرة 5700 من كريات البذور في كل طلعة، وإطلاق 91 ألفاً من الكريات يومياً. وحتى باحتساب نسبة نجاح ضئيلة، 10 في المائة مثلاً، تستطيع طائرة واحدة تشجير حوالي 10 هكتارات يومياً. ويرتفع الرقم في حال كانت نسبة النجاح أكبر، وتحمل أكثر من بذرة واحدة في كل من الكريات. وحقق اختبار هذه الطريقة نتائج مبهرة، وأنا أهتم حالياً بتطوير خط إنتاج مكثف لهذه الكريات للتغلب على النسق المرتفع الذي قد يفرضه اعتماد هذه التقنية”.

ويكشف عادل وجود طريقة ثانية يمكن أن تستخدم، وتشمل دمج شتلات في عبوات ذات شكل قذيفة مجنحة وإلقائها من علو ملائم وسرعة مناسبة تتيح انغراسها في التربة الرطبة بعد هطول المطر. وهذه التقنية لا تزال قيد التجربة دولياً، علماً أنها أقل كثافة من التقنية السابقة، لكن نسبة نجاح الشتلات أعلى فيها، والنماذج التي نطوّرها لا تزال قيد الاختبار والتحسين”.

واستحسنت السلطات الجزائرية المشروع الذي يعمل عليه المهندس عادل باعتباره يحسّن تشجير الغابات. وقررت توظيفه لخدمة المشاريع البيئة، واستدراك النقص الذي تعاني منه البلاد في مجال الغطاء الغابي. وواكبت هيئات حكومية تطوير وتحسين المشروع الذي أطلق عام 2019، وجرى عرضه على أعلى الهيئات المدنية والعسكرية التي دعمته، ووافقت وزارة الزراعة على تغطية تكاليف مراحل التطوير والتجربة، وتحسين المشروع حتى الوصول إلى منتج نهائي.

ومن أجل تطوير مشاريعه المتخصصة في مجال التصميم الصناعي والطيران غير المأهول والتكنولوجيا الحيوية، افتتح عادل مكتب دراسات متخصص في البحث والتطوير في مدينة سيدي بلعباس غربي الجزائر. ويتفرغ المكتب منذ العام الماضي لمحاولة إيجاد حلول تقنية لمشاكل حقيقية غالبيتها ذات طابع بيئي، مثل التصحّر وانبعاثات غازات الدفيئة وحرائق الغابات، وتطوير الطائرة من دون طيار متعددة الاستخدامات قد يفيد في تحديد بؤر الحرائق وإخمادها وأيضاً، والعمل على إعادة التشجير بتقنيات عدة.

وإلى عمليات التشجير، أكد عادل انه يعمل على عدة مشاريع لاقتراح حلول لتطوير استخدام الطائرات من دون طيار في أغراض ذات طابع إنساني، مثل البحث والإنقاذ وتوفير مستلزمات الإسعاف والإغاثة، وإيصال معدات للحماية من الأوبئة، والعثور على المهاجرين والسياح التائهين في الصحراء والبحر وإسعافهم، إضافة إلى تطوير آلات ومعدات مرتبطة بالتكنولوجيا الحيوية لتصفية المياه وحبس غازات الدفيئة، وتطوير عتاد للحماية شخصية والتعقيم الطبي منخفض الكلفة، والتشجير الكثيف، ومعالجة تلوث المياه”.

ويتعاون عادل مع جامعات وكليات متخصصة في المجال العلمي ذاته، من خلال تدريب طلاب ووضع خبرته التي تراكمت عبر السنوات الماضية وإنجازاته تحت تصرفهم. ويقول “نكلف الطلاب بجزء كبير من المهمات ضمن مشاريع التخرج، من أجل تحويل التعليم النظري الذي تلقوه الى مشاريع وتطبيقات عملية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس