كيف يغير الذكاء الاصطناعي المفتوح مستقبل التقنية؟

3
كيف يغير الذكاء الاصطناعي المفتوح مستقبل التقنية؟
كيف يغير الذكاء الاصطناعي المفتوح مستقبل التقنية؟

أفريقيا برس – موريتانيا. تسببت البرمجيات مفتوحة المصدر في العديد من النقاشات والجدالات الواسعة على مستوى المستخدمين والمطورين على حد سواء بين من يراها مفيدة لصناعة البرمجيات ومن يراها مضرة أو ذات أثر سلبي.

ولم يسلم الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر من هذا الجدال، فهناك من يرى أن طرح نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر يفيد الصناعة بشكل عام ويجعلها في متناول الجميع.

وعلى الصعيد الآخر، يرى المعارضون أن فلسفة البرمجيات مفتوحة المصدر لن تفلح مع تقنيات الذكاء الاصطناعي لأنها يجب ألا تقع في أيدي الأشخاص الخطأ خوفا من الاستخدامات السيئة لها.

واستطاعت الشركات الصينية إيقاف هذا الجدال الفلسفي لفترة من الزمن، وذلك بفضل طرحها لمجموعة من النماذج مفتوحة المصدر التي يمكن لأي مستخدم الوصول إليها.

ودفع هذا “أوبن إيه آي” وللمرة الأولى منذ بزوغها في السنوات الست الماضية لطرح نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر بالكامل، وهو الأمر الذي أيدته إدارة ترامب وطالبت الشركات الأميركية باتباع خطاها.

ولكن فيما تختلف نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر عن نماذج الذكاء الاصطناعي المعتادة؟ وهل تؤثر فعلا في مستقبل تقنيات الذكاء الاصطناعي حول العالم؟

ما هي البرمجيات مفتوحة المصدر؟

يجب توضيح الفرق بين البرمجيات مفتوحة المصدر بشكل عام والبرمجيات المعتادة، وذلك قبل الحديث عن الفارق بين تقنيات الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر وغيرها.

ويمكن القول إن البرمجيات مفتوحة المصدر كما يوحي اسمها هي برمجيات يمكن التعديل عليها وتخصيصها بأي شكل يرغب فيه المبرمج دون العودة للشركة المطورة.

وتشمل هذه التعديلات تحسينات على البرمجيات وفي الكثير من الأحيان تعديلات كاملة تغير شكل البرنامج وآلية استخدامه بشكل كبير.

وتضم فئة البرمجيات مفتوحة المصدر العديد من الأمثلة الناجحة والتي نستخدمها بشكل شبه يومي، ومن بينهم متصفح “كروم” الشهير الخاص بشركة “غوغل”، إذ بنته الشركة فوق نواة “كروميوم” مفتوحة المصدر التي تعتمد عليها العديد من المتصفحات الأخرى.

وكذلك نظام تشغيل “أندرويد” للهواتف المحمولة، إذ يعد من أنظمة التشغيل مفتوحة المصدر رغم أنك تحتاج لتحميل برمجيات “غوغل” لاستخدامه بكفاءة كاملة، ولكن يظل خيار استخدامه دون “غوغل” موجودا.

وتؤكد مبادرة “أوبن سورس” (Open-Source) التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها أن جميع المطورين والمستخدمين يملكون حرية التعديل على البرمجيات مفتوحة المصدر وتخصيصها.

ولا يختلف الأمر كثيرا في برمجيات الذكاء الاصطناعي، إذ توضح المبادرة أن المطورين يجب أن يقوموا بتزويد المستخدمين بالبيانات اللازمة من أجل تعديل النموذج وتخصيصه بشكل ملائم دون الحاجة لهم.

وتضيف المبادرة أن نماذج الذكاء الاصطناعي حتى تصبح مفتوحة المصدر يجب على الشركة المطورة لها أن توضح تفاصيل البيانات التي تدربت عليها وآلية التدريب الخاصة بها.

كما أن نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر تتيح للمستخدمين والمطورين تدريبها على مجموعة جديدة من البيانات، مما يجعلها بشكل جوهري تختلف عن النموذج الأصلي الذي أضافته الشركة.

من الشركات التي توفر نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر؟

توجد العديد من نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر من مختلف الشركات الرائدة حول العالم مثل “ميتا” و”ميسترال” الفرنسية، وذلك إلى جانب الشركات الصينية أيضا.

وتعد “ميتا” أشهر شركة تقدم نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر، إذ إن الكود المصدري لنماذج “إل لاما” متاح مجانا رغم غياب البيانات الموضحة لآلية تدريب النموذج.

كما أن الشركة واجهت عدة انتقادات من مبادرة “أوبن سورس” بسبب آليات الترخيص الخاصة بها وإتاحة هذه النماذج للاستخدام التجاري.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، طرحت شركة “ديب سيك” نموذج الذكاء الاصطناعي الثوري الخاص بها الذي تم بناؤه على نواة مفتوحة المصدر وأتاحته بشكل مفتوح المصدر أيضا.

وكانت “أوبن إيه آي” من أواخر الشركات التي طرحت نماذج مفتوحة المصدر لتقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وهي نماذج “جي بي تي أو إس إس 120 بي” (GPT oss 120b) و”جي بي تي أو إس إس 20 بي” (GPT oss 20b) في أغسطس/آب الماضي.

كما أن “آبل” طرحت في الوقت ذاته نموذجين لذكاء اصطناعي مفتوح المصدر تحت اسم “فاست في إل إم” (FastVLM) و”موبايل كليب 2′′ (MobileCLIP2).

ما فوائد نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر؟

يرى مناصرو التقنيات مفتوحة المصدر أن الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر يساهم في نشر التقنية بشكل كبير ويسرع معدل تبنيها من مختلف الجهات والفئات حول العالم.

وذلك لأن التقنيات مفتوحة المصدر تتوفر بسعر أقل كثيرا من التقنيات المعتادة وربما مجاني في بعض الحالات، وهو ما يجعل معدل تبني التقنية أسرع من المعتاد.

كما أن إتاحة النماذج بشكل مفتوح المصدر يضع المطورين والشركات تحت رقابة أكثر وضوحا من حالة البرمجيات المغلقة والخاصة بالشركات، وذلك بفضل إمكانية مراجعة آليات التدريب وآليات عمل النماذج مفتوحة المصدر بكل سهولة وقبل أن تصل للجمهور بعكس النماذج المغلقة.

وتستفاد الشركات أيضا من مثل هذه التقنيات رغم أنها لا تباع للمطورين والمستخدمين الآخرين، وتتجسد هذه الفائدة في انتشار التقنية واعتياد المبرمجين والمطورين عليها، مما يجعلهم يتجهون لاحقا إلى الحلول المدفوعة الخاصة بهذه الشركات.

هل هناك مخاطر للنماذج مفتوحة المصدر؟

يوجه منتقدو مبادرات البرمجيات مفتوحة المصدر مجموعة انتقادات مختلفة للشركات التي تعمل على تطويرها، ومن ضمن هذه الانتقادات هو غياب التأمين الكافي للتقنية.

ويتصاعد الأمر مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ إن النماذج مفتوحة المصدر قد تضم برمجيات تعقب كما يرى بعض الخبراء في الولايات المتحدة.

ويعتقد سياسيو واشنطن أن إتاحة الشركات الأميركية لبرمجياتها بشكل مفتوح المصدر يكشف عن الأسرار التقنية الخاصة بالولايات المتحدة، وهو ما لا يرغبون به.

ويظل هناك احتمال أن تستخدم جهات سيئة نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر في تطوير برمجيات خبيثة ونماذج ذات استخدام سيئ من البداية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس