لماذا تعزز الصين نفوذها في القرن الأفريقي؟

15
لماذا تعزز الصين نفوذها في القرن الأفريقي؟
لماذا تعزز الصين نفوذها في القرن الأفريقي؟

أفريقيا برس – موريتانيا. بعد عقود طويلة اعتمدت الصين مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحلفائها عبر العالم، كسياسة خارجية ترسم معالم علاقاتها الخارجية، وخاصة في إفريقيا، تجنبًا لحدوث صدام بينها وبين القوى المهيمنة من جهة، ومنعًا لإثارة التوترات الداخلية ضد مشاريعها الاقتصادية في إفريقيا وصونًا لحضورها المتنامي من جهة ثانية، وحرصت على الالتزام بمبادئ سياستها الخارجية، إلا أن بيجين جنحت أخيرًا إلى تجربة الانغماس في الشأن السياسي، عبر بوابة تعزيز الحوار ورعاية المفاوضات، لتفكيك معضلات إفريقيا الأمنية والسياسية، إدراكًا منها أن الوقت قد حان للعب دور سياسي أكبر في إفريقيا بشكل عام وفي منطقة القرن الإفريقي تحديدًا، عبر توظيف اقتصادها القوي وتحالفاتها العريقة مع دول المنطقة، لملء الفراغ الذي أحدثه التراجع الغربي في المشرق الإفريقي، بحكم أن الجغرافية السياسية في المنطقة لا تحتمل الفراغ أكثر من ثلاثة عقود.

في هذه الورقة، نناقش التوجه السياسي الصيني في القرن الإفريقي، ودوافع بيجين لتعيين مبعوث جديد للقرن الإفريقي، واحتمالات عودة الصراع بين الغرب والصين، إلى جانب استشراف تحديات توسع الحضور الصيني في المنطقة، ورصد مستقبله في منطقة لا تزال متخمة بالصراعات السياسية والأمنية، وتحتاج إلى شريك دولي قوي يقدر على إخماد حرائقها التي تشتعل في عواصم عدة، مثل الخرطوم ومقديشو وأديس أبابا.

الحضور الصيني في إفريقيا: مقاربة تاريخية

تعود جذور العلاقات الدبلوماسية بمنطقة القرن الإفريقي إلى بداية الستينات من القرن الماضي، عندما كانت دول المنطقة في مرحلة انعتاق وتحرر من المستعمر الأوروبي، وانتهجت بيجين دبلوماسية دعم حركات التحرر والنضال للشعوب الإفريقية في سبيل تحقيق الاستقلال، ومعارضة التدخل الأجنبي وحماية سيادة البلاد، مما أكسب تلك الدبلوماسية الصينية بُعدًا جديدًا في كسب ثقة وصداقة الأفارقة، وهي الصداقة التي تُوِّجت في ما بعد ببناء علاقات دبلوماسية مع 51 دولة إفريقية من إجمالي 54 دولة في إفريقيا، منذ زيارة أول وفد صيني لإفريقيا في مارس/آذار، عام 1957؛ حيث زار أكثر من 30 شخصًا من كبار قادة الصين، على مستوى عضو مجلس الدولة فما فوق، أكثر من 40 بلدًا إفريقيًّا. يشمل ذلك زيارة ثلاثة من رؤساء الصين ونائب للرئيس وزيارة ثلاثة رؤساء لمجلس الدولة أكثر من 30 دولة إفريقية، ومع عهد الانفتاح الصيني نحو إفريقيا في السبعينات من القرن الماضي، تبنَّت بيجين استراتيجية جديدة لتحقيق أربعة مبادئ لتوطيد علاقاتها مع دول إفريقيا، وهي: “المساواة والمنفعة المتبادلة والاهتمام بالنتائج الواقعية وتنويع وسائل التنمية المشتركة”(1).

وأخذت استراتيجية تمدد النفوذ الصيني في القارة الإفريقية في الصعود منذ نشأة هذه العلاقة الدبلوماسية بين القارة السمراء والصين بحذر، مركِّزة في مجملها على القضايا المتعلقة بحماية استقلال وسيادة دول القارة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والاهتمام بالتنمية الداخلية عبر التبادل التجاري والمنفعة المتبادلة بين بيجين وعواصم القارة الإفريقية. ومن أجل تعزيز العلاقات بين الصين والدول الإفريقية، طرح الرئيس الصيني الأسبق، يانغ شانغ كون (Yang Shangkun) (1993-1988)، عام 1992، عدة مبادئ تتمحور حول دعم الصين للدول الإفريقية في جهودها لحماية سيادة الدولة والاستقلال الوطني ومعارضة التدخل الأجنبي والتنمية الاقتصادية؛ واحترام الصين لإفريقيا في اختيار النظام السياسي وطريق التنمية وفقًا لوضع بلدانها؛ إلى جانب أنها تعزز التضامن والتعاون والاتحاد والتقوية الذاتية وحل الخلافات بين الدول بالتشاور؛ وتأييد جهود الاتحاد الإفريقي لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية وتحقيق العولمة الاقتصادية في القارة الإفريقية.

ومع بداية الألفية الجديدة، اتسعت رقعة التعاون الدبلوماسي بين إفريقيا والصين، واستحدثت بيجين سياسة جديدة تهدف للتموضع في العمق الإفريقي عبر إقامة منتدى التعاون الصيني-الإفريقي الذي تعقده على نحو دوري منذ عام 2000، لتعزيز العلاقات الصينية-الإفريقية، تماشيًا مع المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية والتقلبات التي تشهدها إفريقيا، ومع صعود الصين في المجالات الاقتصادية والعسكرية، يبدو أنها ربما استطاعت أن تقتطع لنفسها مجالًا متزايدًا من حرية الحركة على الساحة الدولية، ومِنْ ثَمَّ اتسعت تطلعاتها نحو مزيد من التمكين لنفسها كقوة كبرى في مواجهة الغرب بقيادة الولايات المتحدة. وتقع القارة الإفريقية، بثرواتها الواسعة غير المستغلَّة وحكوماتها المتطلعة للمساعدات وللاستثمارات الأجنبية، في قلب هذا التطلُّع الصيني نحو ممارسة قوَّتها الجديدة، كما أن انشغال واشنطن في حربها على ما يسمى بـ”الإرهاب” منذ عام 2001، دفع كلًّا من الصين وروسيا لانتهاز هذه الفرصة بالتحرك في مساحات كبيرة في العالم، ما مكَّنهما من العودة تدريجيًّا إلى قلب موازين العالم؛ حيث عززت بيجين من حضورها واستثماراتها الاقتصادية الضخمة إفريقيًّا، بينما نهضت روسيا بوتين من قاع الاضمحلال والتشرذم الداخلي، إزاء الصدمة التي عاشتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، عام 1991(2).

أهمية القرن الإفريقي لسياسة الصين الجديدة

رغم الأهمية الجيوستراتيجية التي يمثلها القرن الإفريقي بالنسبة للقوى الكبرى، من حيث تحكمه في مضيق باب المندب وخليج عدن، إلا أنه وبالنسبة للصين الصاعدة اقتصاديًّا، تزداد أهميته ليمثل نقطة حيوية واستراتيجية في تحقيق تطلعاتها الاقتصادية في إفريقيا لتأمين مبادرة “الحزام والطريق” ومدخلها نحو إفريقيا، باعتبارها البوابة التي تشهد مرور التجارة الصينية من البر الصيني باتجاه أوروبا، وهذا ما يفسر وجود قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي لتمثل نقطة ارتكاز للقوات البحرية الصينية لتأمين تجارتها التي تمر بالمنطقة.

ومنذ الحقبة الجديدة وتولي الرئيس الصيني، شي جين بينغ، الحكم، عام 2013، أصبح القرن الإفريقي منطقة رئيسة تعمل الصين فيها على حماية تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق” تعزيزًا لحضورها وتحقيق مكاسبها ومصالحها الخارجية، من خلال إنشاء أول قاعدة عسكرية صينية في الخارج في جيبوتي، عام 2017، والتي تضم مابين 5 و10 آلاف جندي صيني، لأداء مهام الحراسة في المياه الدولية قبالة سواحل الصومال، كما قامت ببناء خط سكك حديد بطول 750 كيلومترًا عام 2017، يربط جيبوتي بأديس أبابا لتسهيل حركة نقل البضائع الصينية وضمان سلامة تدفقها وتسريعها، كما شيَّدت بيجين محطة “غاريسا” في كينيا للطاقة الكهروضوئية، بقدرة 50 ميغاوات وبدأ تشغيلها عام 2019، لتصبح أكبر مشروع باستخدام الطاقة البديلة في القرن الإفريقي(3).

ونظرًا لأهمية موقع القرن الإفريقي، أجرى وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، جولة تفقدية لدول المنطقة مطلع عام 2022، خاصة إريتريا وكينيا وجزر القمر، وهو إجراء سياسي تقليدي بالنسبة للخارجية الصينية، أن يقوم وزير خارجيتها بزيارة لإفريقيا بداية كل عام، وبدت الحاجة أكثر إلحاحًا هذا العام لزيارة القرن الإفريقي، بسبب الصراعات التي تشهدها، سيما في إثيوبيا والصومال، إلى جانب الأزمات الإنسانية التي تهدد حياة 9 ملايين من سكانها. وللحفاظ على مصالحها طرح وانغ يي فكرة “التنمية السلمية للقرن الإفريقي” في مومباسا، معلنًا عن سعي الصين لتعيين مبعوث صيني إلى القرن الإفريقي، انطلاقًا من رؤية واستراتيجية صينية جديدة، محورها أن بيجين لم تعد “متفرجة” على أزمات القرن الإفريقي، بل مضطلعة بدور أكبر في حلحلة أزماتها عبر دعم محادثات السلام وإحلال التوافق السياسي بين شعوبها؛ ما يعني أن أدوات السياسة وآلياتها الاستراتيجية لم تعد مقتصرة فقط على تحقيق أطماعها الاقتصادية لجني ثروات إفريقيا، مدركة أن استقرار دولها شرط أساسي لضمان مستقبل صيرورة مصالحها الاقتصادية في القارة السمراء(4).

ماذا يعني تعيين “المبعوث الصيني” للقرن الإفريقي؟

في يناير/كانون الثاني الماضي، عيَّن وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، مبعوثًا جديدًا للقرن الإفريقي، وهو التعيين الذي ترافقت معه جملة من التساؤلات حول الثابت والمتغير في الاستراتيجية الصينية الجديدة إزاء القرن الإفريقي، فما أهمية تعيين مبعوث صيني للمنطقة؟ وما أدوات بيجين في التأثير سياسيًّا في المنطقة؟ وهل غيَّرت مبدأها الناظم لتوجهها الخارجي نحو إفريقيا، وهو “النأي بالنفس” عن التدخل في الشؤون الداخلية لشركائها الأفارقة؟ وما مدى إمكانية أن تسهم جهودها السياسية في إخماد حرائق القرن الإفريقي، التي عجزت واشنطن عن سحب فتيل توتراتها الأمنية والسياسية؟ وما دوافع تعيين مبعوث صيني جديد لأول مرة للقرن الإفريقي؟

وعلى سبيل الحصر، يمكن تفكيك تلك التساؤلات في البنود التالية:
نفوذ سياسي أكبر: لعل الدافع الأكبر لتعيين المبعوث الصيني، شيويه بينغ، للقرن الإفريقي هو أن تلعب بيجين دورًا أكبر يعكس حجم تطلعاتها السياسية ونفوذها الاقتصادي في القارة الإفريقية، فلربما يؤهلها هذا التطور مستقبلًا لممارسة أنشطة سياسية وتشبيك تحالفات سياسية مع دول القرن الإفريقي تحديدًا والقارة على نحو عام. وقد أجرى المبعوث الصيني زيارة لدول المنطقة، من أسمرة وأديس أبابا ومقديشو، معلنًا من نيروبي الكينية عن مسعى الصين لرعاية أول مؤتمر للسلام بين دول المنطقة، وقال المبعوث الصيني: إن مؤتمر سلام للقرن الإفريقي، سيوفر منبرًا لدول المنطقة لتسوية خلافاتها سلميًّا من خلال المفاوضات، وإن كينيا وإثيوبيا أبدتا استعدادهما لاستضافة المؤتمر، وكشف المبعوث الخاص خلال زيارته لإثيوبيا، أن الصين تريد دعم دول القرن الإفريقي لمواجهة تحديات الأمن والتنمية، واتباع طريق الوحدة وتحسين الذات(5).

حماية المصالح الصينية الاقتصادية: وبحسب خبراء واستراتيجيين، فإن حماية المصالح الاقتصادية الضخمة للصين في القرن الإفريقي تأتي أيضًا ضمن الدوافع الرئيسة -إن لم تكن أهمها- لتعيين المبعوث الصيني من أجل تأمين مبادرة “الحزام والطريق” ومواجهة التحديات السياسية التي يمكن أن تهدد مستقبل حضورها الاقتصادي في المنطقة، ودخول تحالفات سياسية لها ارتباط وثيق بالروافع الاقتصادية، ودعم دول المنطقة إنسانيًّا وسياسيًّا وعسكريًّا؛ حيث رافقت زيارة المبعوث الصيني للصومال حزمة مساعدات عسكرية، تضمنت آليات قتالية ومدرعات عسكرية، لدعم الجيش الصومالي، كما أبدت بيجين اهتمامًا بتقديم معونات إنسانية لمقديشو التي يواجه نصف سكانها أزمة نقص الغذاء، حسب تقديرات المنظمات الأممية في الصومال(6).

ويبدو أن هناك تغيرًا سياسيًّا في التوجه الصيني نحو المنطقة، ويحمل تعيين المبعوث الصيني عدة رسائل، لعل أهمها:

تزايد المصالح الصينية في إفريقيا: خاصة بعد إطلاق مبادرة منتدى التعاون الصيني/الإفريقي عام 2000، وتحتاج هذه المصالح إلى مراقبتها وحمايتها من التحديات التي تواجهها من الغرب والقوى الإقليمية الصاعدة التي تبحث عن موطئ قدم لها في إفريقيا وتزاحم بيجين في مناطق نفوذها الاقتصادي.

تعاظم النفوذ الصيني دوليًّا: بعد أن أثبتت الصين قدرتها على التغلغل في معظم دول إفريقيا وازدياد حجم تأثيرها الاقتصادي، تبدو الصين وكأنها لم تعد مجرد دولة صاعدة اقتصاديًّا بل ستتحول في العقدين المقبلين إلى قوة دولية ذات تأثير كبير في السياسة الدولية، رغم العقبات والتحديات التي يواجهها التنين الصيني من الغرب خاصة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. لكن صعودها القوى يمكن أن يمنحها فرصة لإعادة تشكيل المعادلة الدولية وموازين القوى، إذا تمكنت باقتدار من اجتياز كل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها في محيطها الجيوسياسي؛ حيث تقع 5 دول نووية في جوارها، من جهة، ومناطق نفوذها في العالم، من جهة أخرى.

الصين في القرن الإفريقي: بين الروافع الاقتصادية والأدوات السياسية

تعد الصين أقوى شريك اقتصادي مع دول القرن الإفريقي، وذلك وفق معطيات الأرقام والإحصاءات حول التبادل التجاري بين المنطقة وبيجين، وهو ما قد يدفعها إلى الانخراط في التجربة السياسية واستثمار نفوذها الاقتصادي في توسيع مناحي نفوذها أمنيًّا وسياسيًّا، وانتشار أساطيلها البحرية قبالة السواحل الصومالية وخليج عدن والبحر الأحمر، عبر آليات التعاون الثنائي مع دول القرن، تحديدًا جيبوتي وإريتريا والصومال، ومحاولاتها مستقبلًا لإيجاد حلول للأزمات الداخلية والإقليمية مثل تلك العالقة بين إثيوبيا ومصر والسودان حول سدِّ النهضة، وهو انتقال صيني نوعي من ريع الاقتصاد إلى دروب السياسة، وهي الخطوات الصينية الحثيثة في الإقليم على نيَّة بيجين الاستفادة من انشغال القوى الدولية التقليدية (الولايات المتحدة ومجموعة الاتحاد الأوروبي) لتعزيز حضورها الإفريقي(7).

ويمكن التقاط عدة محاور في أدوار الصين الراهنة في دول المنطقة التي تحظى بعين التنين الصيني منذ بداية الألفية الجديدة في النقاط التالية:

إثيوبيا

توفر إثيوبيا فرصة حقيقية أمام الاستثمارات الصينية، مع ملاحظة وصول حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2019 إلى نحو 2.63 مليار دولار، وحلول الصين شريكًا تجاريًّا رئيسًا لإثيوبيا طوال العقد الفائت على الأقل، فضلًا عن كون الأخيرة سوقًا كبيرة تتميز بتدني تكلفة التصنيع فيها بشكل لافت.

لكن اللافت في صعيد العلاقات بين أديس أبابا وبيجين، أنها تخطت البعد الاقتصادي منذ مطلع ديسمبر/كانون الأول 2021، بزيارة وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، لأديس أبابا، ومقابلته رئيس الوزراء، آبي أحمد، فيما كان يواجه الأخير ضغوطًا داخلية وغربية غير مسبوقة إبَّان اشتعال الحرب في إقليم تيغراي أواخر عام 2020، وهو ما اعتُبر دعمًا صينيًّا لحليفتها القوية في القرن الإفريقي، وامتناع أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي الإثيوبي، وتتقاطع المصالح الإثيوبية والصينية في المحافل الدولية، خاصة إبَّان التصويت بشأن الأزمة الأوكرانية في الأمم المتحدة، في 2 مارس/آذار، واكتفاء أديس أبابا بدعوة روسيا وأوكرانيا إلى ضبط النفس والامتناع عن العنف؛ ما يعكس رغبة نظام آبي أحمد في تمتين علاقاته مع الصين الصاعدة(8).

إريتريا

تنبع العلاقات الصينية-الإريترية من العقيدة السياسية التي يتبنَّاها آسياس أفورقي بتأثره بـ”ماو تسي تونغ” (مؤسس الجمهورية الصينية الشعبية)؛ حيث تلقى أفورقي تدريبات عسكرية في الصين بعد انضمامه إلى جبهة التحرير الإريترية عام 1966، وهي علاقة تقليدية بين البلدين جسدها إقدام الصين على منح قروض لإريتريا منذ نشأتها، عام 1994؛ حيث أعطتها مبلغ ثلاثة ملايين دولار أميركي لشراء آلات زراعية صينية، وفي عام 2001، ألغت الصين ديونًا لإريتريا، وموَّلت أيضًا مشاريع تنموية أخرى، وفي أبريل/نيسان عام 2006، منحت بيجين أسمرة قروضًا بقيمة 23 مليون دولار لتحسين البنية التحتية للاتصالات، كما وقَّعت الدولتان، عام 2007، على اتفاقيات اقتصادية شملت إزالة التعريفات الجمركية على المنتجات الإريترية المصدَّرة إلى الصين(9).

حاليًّا، أضحت إريتريا جزءًا من سياسة الصين الاقتصادية ولاعبًا محوريًّا في مبادرة “الحزام والطريق” بتوقيع أسمرة على اتفاقية الشركة مع بيجين، عام 2011، ليمهد ذلك الطريق مساعدات مالية صينية بقيمة 100 مليون يوان (15.7 مليون دولار)، جاء هذا تتويجًا لزيارة وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، لإريتريا والتقائه بنظيره الإريتري، عثمان صالح، والرئيس آسياس أفورقي، في يناير/كانون الثاني الماضي، لبحث العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وقد جرى إعلان اتفاق تعاون فعَّال بين الصين وإريتريا، في إطار الشراكة الاستراتيجية ومنتدى التعاون الصيني-الإفريقي، في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك(10).

الصومال

احتفت السفارة الصينية في مقديشو، في 14 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، بمرور 61 عامًا على العلاقات الدبلوماسية الثنائية التاريخية مع الصومال، وعُدَّ الصومال من أوائل دول القرن الإفريقي التي أقامت معها علاقات دبلوماسية. وبحسب الأرشيف التاريخي الصيني، فإن الملاح الصيني “تشنغ خه” زار سواحل الصومال قبل 600 عام، ليبني جسر علاقة بين البلدين، لكن تعززت تلك العلاقة بشكل أعمق في عهد النظام الاشتراكي في الصومال، في فترة الانقلاب العسكري بقيادة الجنرال الراحل، محمد سياد بري (1969-1991)؛ حيث شيَّدت بيجين خلالها مرافق حيوية ومعظم البنية التحتية، أهمها الشوارع والمستشفيات وملعب “ستاد مقديشو” والمسرح الوطني، في غضون 15 عامًا الأخيرة من حكم النظام العسكري في البلاد(11).

واللافت أن العقود الثلاثة الأخيرة كان حجم التبادل التجاري بين البلدين فيها ضعيفًا جدًّا مقارنة مع دول المنطقة، لكن في الأعوام الأخيرة ومع عودة التحسن الأمني إلى مقديشو، ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، ليصل عام 2019 إلى 732 مليون دولار أميركي لتصبح الصين ثاني شريك تجاري مع الصومال بعد الإمارات وقبل تركيا، كما أنها بادرت ولأول مرة بتقديم حزمة من المساعدات العسكرية للجانب الصومالي، بهدف تعزيز قدرات الجيش الصومالي، كما تعهدت بيجين بتقديم مساعدات لتخفيف معاناة الكثير من المتضررين من أزمة القحط في وسط وجنوب البلاد(12).

غير أن الهاجس الذي تتقاسمه بيجين مع مقديشو يتمثل في تنامي العلاقات بين جمهورية ما يُسمى بـ”أرض الصومال” وتايوان، التي فتحت مكتب تمثيل لها في هرجيسا عام 2020، واستقبال وفود رفيعة المستوى من حكومة موسى بيحي، مطلع عام 2022، وهو تطور تراه الصين مهدِّدًا لسيادة واستقلال الدولتين؛ ما يدفعهما لتعاون سياسي واقتصادي أكبر بهدف إفشال وسد قنوات التعاون بين تايوان وأرض الصومال مستقبلًا، لكن يُتوقع أن تلوذ بيجين لاحقًا بفتح المفاوضات مع هرجيسا وتقديم بدائل لقطع الطريق أمام صعود العلاقات الخارجية لتايوان.

جيبوتي

بلاشك، تمثل جيبوتي بوابة الصين نحو القارة الإفريقية، وبالأخص منطقة القرن الإفريقي؛ إذ تضم أكبر قاعدة عسكرية خارجية للصين، كما أنها همزة وصل رئيسة لتأمين خطوط مبادرة “الحزام والطريق” فضلًا عن كونها ثكنة عسكرية لمراقبة البضائع الصينية التي تنتقل عبر البحار والمضائق الإقليمية. ونظرًا لهذه الأهمية، فإن جيبوتي هي من بين ثلاث دول إفريقية تَعتبر الصين الدائن الرئيسي؛ إذ تستحوذ بيجين على نسبة كبيرة من الديون الخارجية للدول الإفريقية الأخرى وتصل إلى 32 في المئة(13).

صراع النفوذ الأميركي والصيني في القرن الإفريقي

انطلاقًا من نظرية المؤرخ الإغريقي، ثوسيديدس (Thucydides)، “إنه مع وجود قوة مهيمِنة، فإن نشوء قوة صاعدة سيؤدي لا محالة إلى تصادم بين القوتين”؛ إذن فصراع النفوذ بين واشنطن وبيجين ينطبق تمامًا على هذه الفلسفة في تفسير الصراعات بين القوى الصاعدة والمهيمنة، وهي النظرية التي صاغها الباحث الأميركي، غراهام أليسون (Graham T. Allison)، وقد تكون هذه العلاقة قد جرت العالم إلى “الحرب الباردة” الجديدة، وهي الحرب التي تُرجمت في حقبة دونالد ترامب إلى حرب تجارية بين البلدين، فُرضت خلالها عقوبات على البضائع الصينية، فضلًا عن حمل الصين مرارًا على مسؤولية انتشار جائحة كورونا عام 2020، هذا إلى جانب شيطنة الصين بأنها تجبر حلفاءها على اختيارها دائنًا لهم بعد إغراق الدول الإفريقية بديون تعجز عن سدادها لاحقًا، وهي التهم التي تنفيها بيجين باستمرار، وتصفها بأنها جزء من حرب دعاية أميركية لوقف فرامل صعودها اقتصاديًّا وسياسيًّا في إفريقيا(14).

وتتمتع الصين باستثمارات ضخمة في إفريقيا، لكن قيمة القرن الإفريقي ظهرت جليًّا بعد تعيين مندوب صيني خاص به، وهو ما قد يفسَّر بأن بيجين ستدخل معركة كسر العظام الدبلوماسية والتجارية مع غريمها التقليدي، الولايات المتحدة الأميركية، فما قوة الصين الدبلوماسية والاقتصادية لمجاراة القوى المهيمنة على المنطقة على الأقل؟ وما أدوات تأثيرها للتمكن من لَيِّ ذراع واشنطن؟ وما مكامن ضعفها في بناء تحالفات قوية مع دول المنطقة؟


نقاط القوة
يمكن الإشارة إلى عدة نقاط كمحاور قوة للصين تحوِّلها إلى صديق وشريك سياسي وتجاري إذا استثمرت الصين تلك النقاط بكفاءة وبجدارة:

تفخر الصين بأنها لا تسعى إلى قلب الأنظمة الإفريقية عبر التدخل بشؤونها الداخلية، وأن علاقتها تأتي فقط في إطار التنمية الاقتصادية مع دول القارة السمراء، وهي مشاريع تخلق فرصًا ووظائف عمل للكثير من الشباب، على عكس واشنطن التي يقتصر دورها على تقديم المعونات المشروطة بتحقيق الديمقراطية. تتمدَّد الصين صناعيًّا وتفوقت على أميركا في حجم الصادرات خلال الأعوام الأخيرة، وهي بحاجة ماسَّة إلى توسيع أسواقها العالمية، خاصة في مناطق مثل إفريقيا التي لا تجد فيها منافسة تُذكر من البضائع الغربية؛ إذ إن معظم الأفارقة يلجؤون إلى شراء البضائع الصينية الرخيصة التي تشابه المنتجات الغربية، وبالتالي، فإن إفريقيا تعد سوقًا واعدة ولمواطنيها قوة شرائية صاعدة، مع تحسن معدلات النمو الاقتصادي في العديد من دولها، وتصف وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” إفريقيا بـ”أرض الأمل”(15).

وكما أن لدى الصين مواطن قوة في سياستها الدولية التوسعية عبر مبادرة “الحزام والطريق”، فإن ثمة نقاط ضعف لدى التنين الصيني، ويأتي في مقدمتها ما يلي:
اعتبار الصين دائنًا ينصب كمائن فخٍّ للدول الإفريقية، وخاصة الأكثر احتياجًا للقروض الصينية، إلى جانب محدودية تأثيرها في السياسة الدولية، وأن اهتمامها المبالغ بالجيوب الاقتصادية في إفريقيا والعالم، وضعها في خانة التهميش، ورغم تفانيها بشراكة اقتصادية ضخمة إلا أنها لا تزال عاجزة عن تقليص الفارق مع خصمها، الولايات المتحدة الأميركية، في إفريقيا؛ إذ يُقدَّر حجم الاستثمارات الصينية في إفريقيا بنحو 40 مليار دولار، مقارنة بالاستثمارات الأميركية البالغة 58 مليار دولار، بحسب إحصاءات جامعة جونز هوبكنز الأميركية، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة لا تزال صاحبة الاستثمارات الكبرى في إفريقيا(16).

تنطلق رؤية الصين الخارجية في تعاملها مع الدول الإفريقية من سياسة صينية أحادية القطب (One China policy)، التي تفسَّر لدى الغرب على أنها تأخذ معنى أكثر دقة وهو دعم الأنظمة المستبدة في القارة، وعدم التعاطي مع المسائل المتعلقة بالتحول الديمقراطي وإعاقة تطلعات شعوبها التواقة لإزالة الأنظمة الدكتاتورية، ويرى الخبير الصيني، يون صن، في ورقة بحثية نشرها معهد “بروكينغز” أن “الصين تسوِّق نمط النظام السياسي القائم على الحزب الواحد ومركزية التخطيط الاقتصادي للدول الإفريقية، على أساس أنه نمط ناجح في الحكم وفي التقدم الاقتصادي”. كما أن سياستها تتلخص في مجملها في “النفعية المتبادلة” بغضِّ النظر عن عواقب وتأثيرات تلك السياسة الاقتصادية؛ حيث إن قروضها للدول الإفريقية تمنحها امتيازات خاصة تضر أحيانًا بقطاعات وأملاك خاصة.

أما فيما يتعلق بالحضور الأميركي في منطقة القرن الإفريقي، فإن ذلك الحضور اعتراه الخلل في بيئة التفاعلات السياسية في المنطقة في السنوات الأخيرة، خاصة في مسألة إنهاء التوترات السياسية، وهو ما أعطى الصين ضوءًا أخضر للعب دور في حلحلة أزمات المنطقة، ومزاحمة واشنطن في الملفات السياسية الشائكة في المنطقة، التي تعج بالصراعات السياسية، وذلك بعد أن أخفقت جهود المبعوث الأميركي للقرن الإفريقي السابق، جيفري فيلتمان، في نزع فتيل التوترات السياسية في السودان، خاصة بعد الانقلاب العسكري الأخير (25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي) وفشله في وقف المعارك الضارية في إثيوبيا بين الجيش الإثيوبي وجبهة تحرير “تيغراي”، بل إن الدور الأميركي في إثيوبيا اعتُبر لاحقًا مروِّجًا للدعاية وبروباغندا الجبهة على حساب حكومة آبي أحمد. أما في الصومال، فقد اعتُبر ضاغطًا رئيسيًّا لتأمين الانتقال السلمي للسلطة لكن لم يُكتب له النجاح منذ عام 2020، وامتدت عملية تنظيم الانتخابات البرلمانية لعامين، خلافًا لما كانت عليه الأمور سابقًا، كما أن التلويح باستخدام ورقة العقوبات الاقتصادية ضد ممن يعرقلون الانتخابات طغت على وسائل وأدوات واشنطن للتأثير على المشهد السياسي في الصومال.

أما في ما يخص بالتموضع الصيني في شرق إفريقيا فتنظر واشنطن إلى هذا التطور باعتباره مقدمة لاندلاع حرب باردة جديدة في المنطقة؛ إذ تبحث بيجين إنشاء مزيد من القواعد العسكرية في منطقة شرق إفريقيا، خاصة في الصومال وتنزانيا، وهو ما كشفه الجنرال الأميركي، ستيفن تاونسند، قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم)، ذاكرًا أن الصومال أبلغت الجانب الصيني أنها في تحالف مع واشنطن ورفضت المقترح الصيني في المحادثات الأخيرة التي ضمَّت الرئيس الصومالي، محمد عبد الله فرماجو، والمبعوث الصيني، لكن رغبة بيجين لا تتوقف عند هذا الحد، بل ستحاول -وفق مراقبين- أن يتمدد نفوذها العسكري مستقبلًا في كلٍّ من قناة موزمبيق وتنزانيا، وهو ما يفرض في حال تمكن الصين من نشر قواعدها العسكرية في المحيط الهندي تغيرًا في موازين الهيمنة والسيطرة على أهم القنوات والممرات المائية في الجزء الشرقي والجنوبي من القارة السمراء(17).

إذن، ما العوامل والأسباب التي أدت إلى تراجع الدور الأميركي في القرن الإفريقي، والتي تكمن فيها نقاط الضعف لدى واشنطن في منطقة متخمة بالاضطرابات السياسية والأزمات الإنسانية؟ وما إمكانات عودتها استنادًا إلى مكامن القوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة الأميركية؟
نقاط القوة

لا تزال واشنطن القوة المهيمنة على منطقة القرن الإفريقي من خلال تحكمها وعلاقاتها القوية مع دول المنطقة، ابتداءً من الصومال، ومرورًا بجيبوتي، ووصولًا إلى أديس أبابا والسودان، كما أن وجودها العسكري في المنطقة عبر القيادة العسكرية في إفريقيا التي تتمركز في كل من جيبوتي ومالي، أعطاها زخمًا وحضورًا كبيرين في المنطقة، من حيث تفوقها على الصين وروسيا باستثماراتها الضخمة في إفريقيا. إن جوهر الصراع بين الصين والولايات المتحدة الأميركية يكمن في هامش الحرية التجارية التي تمنحها واشنطن للداخل والخارج؛ في ظل تقلص حجم رأس المال البشري الخاص في الصين، خاصة بالنسبة للشركات الصينية العاملة في قطاع العقارات، والتي تواجه تمدد النفوذ التجاري للحزب الحاكم. كما أن هيمنة الدولار في الاقتصاد العالمي تحتاج لسنوات طويلة لمعادلة العملة الأميركية، وهو ما يصعِّب مستقبلًا -ليس على الصين وحدها بل على القوى الاقتصادية الصاعدة عالميًّا- تجاوز الاقتصاد الأميركي واستحداث عملة بديلة في التبادلات المالية والصفقات التجارية(18).

نقاط الضعف

تدخلها المتكرر في الشؤون الداخلية لدول القرن الإفريقي وفرض ضغوطات على قياداتها، خاصة الصومال وإثيوبيا، بعد حدوث الأزمات الأخيرة بين الدولتين عام 2021، يعكس التوجه الأميركي غير المرن في التعامل بغضاضة مع حلفائه التقليديين في منطقة القرن الإفريقي، كما أن جنوح واشنطن للمعارضة السياسية في الصومال، أفقدها علاقتها الوثيقة مع النظام الرئاسي. وتشعر إدارة آبي أحمد أن أميركا لم تكن طرفًا محايدًا في النزاع العسكري مع جبهة تحرير “تيغراي” وهو ما أفشل جهود الوساطة التي أطلقها جيفري فيلتمان من أديس أبابا، كما أن إشاعة أنباء قرب سقوط العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، بيد الجبهة ونشر تحذيرات متتالية من إمكانية اقتراب جبهات الحرب من العاصمة، من وسائل إعلام أميركية، مثَّلت رصاصة الرحمة لجهود وساطة مبعوثها في وقف النزاع العسكري في إقليم شرق إثيوبيا.تواجه السياسة الخارجية الأميركية أزمة حقيقية في مقاربتها لأزمات المنطقة، خاصة في السنوات الأخيرة، وهي أزمة تتمثل في تشكيل تحالفات قوية تمكِّنها من تحقيق امتيازات وضمانات من خلو ساحة القرن الإفريقي من القوى المنافسة لها، تحديدًا الصين وروسيا، وتشعر واشنطن بقلق من أن سياسة القطب الواحد المهيمن لعقود طويلة على المنطقة، على حافة الانهيار أمام العملاقين، الصيني والروسي.

مستقبل النفوذ الصيني في القرن الإفريقي

تتلخص عدة سيناريوهات حول مستقبل وشكل الحضور الصيني في منطقة القرن الإفريقي، ويمكن تلخيصها في البنود التالية:

عسكرة النفوذ الصيني في القرن الإفريقي

تأمل بيجين في السنوات القليلة المقبلة أن توسع نطاق وجودها العسكري في المنطقة؛ حيث شملت المباحثات التي جرت بين المبعوث الصيني والحكومة الصومالية، في مارس/آذار، منحها قاعدة عسكرية مطلة على المحيط الهندي، كما أبدت رغبتها في إقامة قاعدة عسكرية في تنزانيا التي تقيم معها علاقة جيدة منذ السبعينات من القرن الماضي، إلى جانب سعيها الدؤوب لإيجاد موطئ قدم عسكري في قناة موزمبيق، وتجددت هذه الرغبة منذ تعيين المبعوث الصيني إلى القرن الإفريقي مطلع هذا العام، بالإضافة إلى تمتعها بقاعدة عسكرية صينية في جيبوتي تضمن وجودها حتى عام 2026(19).

وتنظر الصين إلى القرن الإفريقي على أنه سوق واعدة لتجارة السلاح، وزوَّدت سابقًا كلًّا من إثيوبيا وإريتريا، إبَّان الحرب الطاحنة بين الجارتين، بأسلحة بما يقارب مليار دولار أميركي، عام 1998. وفي السياق نفسه، فإن لدى بيجين قرابة 14 ملحقية عسكرية في إفريقيا، وتمثل حصة القرن الإفريقي من هذه الملحقيات نسبة كبيرة حيث تنتشر في كل من إثيوبيا والسودان وكينيا وجيبوتي(20).

سياسة “إخماد الحرائق”

يبدو أن الصين اعتمدت على سياسة إخماد الحرائق من البيوت الخشبية للحفاظ على مصالحها الحيوية في القرن الإفريقي، فاستمرار الصراعات لا يصب في مصالحها بل يهدد تجارتها، لذا تجد بيجين نفسها مضطرة للتدخل سياسيًّا في إنجاح جهود السلام والمحادثات بين دول المنطقة، وهي رؤية استراتيجية صينية جديدة للتعامل مع أزمات دول المنطقة، بعد التراجع الأميركي وفشل الغرب في إن