محمد ورزك لـ”أفريقيا برس”: الميزان السياسي يرجح فوز ولد الغزواني بولاية رئاسية جديدة

168
محمد ورزك لـ
محمد ورزك لـ"أفريقيا برس": الميزان السياسي يرجح فوز ولد الغزواني بولاية رئاسية جديدة

آمنة جبران

أفريقيا برس – موريتانيا. أشار محمد ورزك الناشط السياسي الموريتاني في حواره مع “أفريقيا برس” إلى أن” الميزان السياسي يرجح فوز الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني بولاية جديدة مع اقتراب السباق الرئاسي المزمع إجراؤه في يونيو القادم، وذلك لعدم تمتع مرشحي المعارضة بالخبرة السياسية والنضالية الكافية، إضافة لنجاح ولد الغزواني في إدارة ملفات حارقة خاصة على صعيد أمني في ظل الاضطرابات التي عاشتها منطقة دول الساحل، ما يمثل نقاطا ايجابية تحسب له طيلة فترة حكمه، حسب تقدير ورزك.

ورأى ورزك أن” المعارضة الموريتانية تحتاج إلى أسلوب إقناعي جديد يؤثر على الساحة السياسية والناخبين، فقد دأبت على أسلوب الصدام مع الأنظمة الحاكمة الماضية وهو ما أثر على أدائها وعلى صورتها أمام الرأي العام المحلي المتعطش للاستقرار”.

ومحمد ورزك محمود الرازكه هو ناشط سياسي موريتاني، وهو أستاذ فلسفة وعلم اجتماع، وفيما يلي نص الحوار:

“أفريقيا برس”: كيف تقرأ المشهد السياسي الموريتاني مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، وأي حظوظ للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في الفوز بولاية أخرى مع ترشيح الأغلبية له لولاية ثانية؟

المشهد السياسي الموريتاني يشهد حراكا سياسيا فريدا من نوعه قبل اقتراب الانتخابات الرئاسية، أما حظوظ الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني تبقى رهن إشارة المرشح الذي ستفرزه المعارضة، وحتى الساعة استطلاعات الرأي العام ترشح كفة الفوز بمأمورية ثانية لمحمد الشيخ الغزواني لعدة أسباب، من أهمها أن الترشحات لا تزال في صفوف الشباب الجدد على المعترك السياسي وعديمي التجربة السياسية والنضالية وهي أمور ترجح بالميزان السياسي للرئيس الحالي.

“أفريقيا برس”: هل تعتقد أن تزايد عدد المرشحين للسباق الرئاسي الموريتاني ينذر بمنافسة قوية على كرسي الرئاسة أم أن طريق الرئاسة الثانية مفتوحة لولد الغزواني؟

تزايد عدد المرشحين هو في تقديري وجهان لعملة واحدة خاصة في الدول جديدة العهد بالديمقراطية لأن العبرة عندهم بالكيف لا بالكم الانتخابي، والمنافسة القوية والشرسة على كرسي الرئاسة تستدعي الشفافية في الآليات التي تضمن التنافس الحر والشفاف وتشكل صمام أمان داخل هيكلة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات أولا، وعدم توفر هذه الضمانات ولو نسبيا يكون النصر حليف الرئيس في مأموريته الثانية دون عناء يذكر.

“أفريقيا برس”: كيف تقيم حصيلة حكم ولد الغزواني خاصة على صعيد أمني واقتصادي، وهل ترى أن البلد كانت في الاتجاه الصحيح في إدارة مثل هذه الأزمات؟

فيما يخص تقييم حصيلة الحكم الحالي تبقى صعبة بمكان لعدة أسباب مباشرة وغير مباشرة، تعتمد على الاحتمالية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بسبب الانتكاسات الاقتصادية والاضطرابات التي شهدها العالم خلال سنوات الحكم الحالي مثل جائحة كورونا والحرب الروسية- الأوكرانية، وهذه ظروف أمنية واقتصادية واجتماعية صعبة والنجاة منها تعتبر نجاحا في المجال السياسي وعلينا الاعتراف ولو على مضض بأن الرئيس ولد الغزواني وحكومته نجحا في قيادة هذه المرحلة بكل المقاييس بالرغم من بعض الإخفاقات التي يعتبر تجاوزها نجاحات.

“أفريقيا برس”: تلعب موريتانيا دورا مهما بالنسبة لدول الصحراء والساحل من حيث الاستقرار السياسي والأمني، هل تعتبر أن ولد الغزواني هو الأوفر حظا نظرا لما يحظى به من خبرة في إدارة مثل هذه الملفات ولما يحظى به من دعم محلي وخارجي؟

تلعب موريتانيا دورا رياديا و محوريا هاما بالنسبة لدول الصحراء والساحل من أجل الاستقرار الأمني والسياسي وهذا ما نجح فيه رئيس الجمهورية محمد ولد الغزواني بكل جدارة وحنكة خاصة ما شهدته المنطقة من انقلابات وانفلاتات أمنية وزعزعة واضطرابات هيكلية كادت رياحها تعم دول المنطقة وما نجم عن ذلك من اختلالات اقتصادية في موازين القوى السياسية والأمنية وهذا يحسب لأي رئيس إذا ما استطاع تجاوزه من خلال خبرة في إدارة مثل هذه الملفات.

“أفريقيا برس”: ما تقييمكم لأداء المعارضة الموريتانية ولماذا خفت صوتها مع اقتراب السباق الرئاسي؟

فيما يخص تقييم أداء المعارضة فهو صعب جداً بمكان من حيث تحديد نقاط الضعف والقوة لأسباب عديدة منها نكران الذات الناتج عن التناوب على السلطة داخل الكيان السياسي والحزبي إضافة إلى الشيخوخة في الأداء والكفاءة والخبرة والعجز البدني الذي انعكس سلبا على الأداء الحزبي والنضال السياسي وخاصة في الانتخابات البرلمانية والنيابية الماضية، مما أثر على أداء المعارضة، ويبدو أن المعارضة تحتاج إلى أسلوب إقناعي جديد يؤثر على الساحة السياسية والناخبين، فقد دأبت على أسلوب الصدام مع الأنظمة الحاكمة الماضية وراكمت خبرة كبيرة في هذا المجال ولو بأتفه الأسباب من قضايا الإرث الإنساني مثل ارتفاع الأسعار والتطبيع مع إسرائيل، وهذا طريق سده النظام الحالي خلال هذه السنوات الخمس ولم يعد يجدي نفعا، حتى وإن كان النظام قد بدى بخدمة المعارضة من خلال أجندة ضيقة من تضييق على الحريات وتوسيع شرخ الهوة بين الشباب وأباطرة المال والجاه في المعترك السياسي مما يستدعي من المعارضة ابتداع أساليب نضالية جديدة.

“أفريقيا برس”: هل تعتقد أنه سيكون للمعارضة حظوظ في السباق الرئاسي أم أن سلسلة الانسحابات من المعارضة إلى الموالاة ونجاح الرئاسة في تحقيق تهدئة سياسية سيضعف فرصها؟

إن حظوظ المعارضة في الانتخابات الرئاسية القادمة قد تكون كارثية إذا لم يتم الإجماع على مرشح موحد بالإضافة إلى أن المعارضة تعرضت لعدة انتكاسات، وما شهدته من خلافات في تحالفاتها من عدم الثقة بين أقطابها خلال السنوات العشر الماضية إبان حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وما نتج عن ذلك من عدم إجماع ووجود رؤية سياسية ناضجة ومدروسة تشكل تحالف أو تكتل سياسي قوي جدي قد يقلب الموازين، وهو انعكس على نتائجها في الاستحقاقات الانتخابية الماضية، وإبان عجز المعارضة عن إنجاب قادة جدد يسدون الفراغ الذي خلفه تراجع دور قادتها التاريخيين، وهذه الأسباب الحقيقية التي دفعت المعارضة إلى المهادنة مع النظام الحالي والارتماء في أحضانه باسم أحزاب وتشكيلات شتى من أحزاب المعاهدة والموالاة فهي تحاول جاهدة تبرير وضعها المأساوي تحت أي ظرف؛ مثل أحزاب المعاهدة والمولاة- الميثاق الوطني – التيار الوطني – أصدقاء غزواني مع محاولة التقوقع السياسي الحر في متتالية حسابية سياسية أسسها الإنخراط في صفوف النظام ضمن معادلة الجهوية والقبلية والطائفية، وقد نجح النظام الحالي في إخماد و تكبيل رجال الأعمال عن طريق العفو أو سجن خصومهم التقليديين.

“أفريقيا برس”: خلال العامين الماضيين زاد الاهتمام الأوروبي والأمريكي بموريتانيا خاصة بعد الاكتشافات الواعدة التي بدأت تتحقق في النفط والغاز واليورانيوم وبعض المعادن المهمة الأخرى.. كيف تقرأ هذه الجزئية، وهل يمكن أن تتعرض موريتانيا بسبب ذلك إلى تهدديات أمنية وتفقد الاستقرار خاصة وأن الحدود الشرقية للبلاد تعتبر بؤر توتر جاهزة للانفجار؟

إن الاهتمام الذي تشهده موريتانيا من طرف أوروبا لا يختص بموريتانيا وحدها بل هو سباق حميمي نحو القارة العجوز من أوروبا وأمريكا والصين وروسيا، وهذا السباق هو الذي جعل موريتانيا مركز اهتمام خاصة بعد اكتشافات اليورانيوم والغاز والنفط لأنها شريك ومورد لايستهان به في القارة، ومن الأولوية بمكان كسبه كشريك واعد في مجال الطاقة والغاز، فمن البداهة أن أي بلد له هذا الكم الهائل من مخزونات الطاقة والمعادن أن يصبح هدفا معرضا لكل الأطماع سواء المباشرة وغير المباشرة بما في ذلك دولة الجار السنغال، لكن ليس القوة وحدها أو نفوذ الشريك وقدرته هي التي تضمن السلم والأمن بل بإرساء العدالة الاجتماعية والتقسيم العادل للثروة بين الناس حتى يستتب الأمن والسلم الاجتماعي، فالشعب هو صمام الأمان لكل الدول، مادام الشعب يجد حريته وحق المساواة أمام العدالة فلا يخاف من أي توتر أو زعزعة أمن خارج حدوده لأن المصلحة المشتركة سفينة تبحر في المياه المشتركة وستظل ترسو على اليابسة بأمان وسلام.

“أفريقيا برس”: بعد التطورات التي شهدتها منطقة الساحل من انقلابات وخروج دولها من مجموعة G5، كيف تنظر موريتانيا للأمن والاستقرار في منطقة الساحل؟

إن تفكك مجموعة دول الساحل هو أمر بالغ الخطورة على دول المنطقة بصفة عامة وعلى موريتانيا بصفة خاصة، فقد أدت الانقلابات العسكرية في دول الساحلG5 إلى تفككها بصفة كاملة وأصبحت تشكل تهديدا خطيرا في المنطقة حتى الساعة، وموريتانيا من بلدان المنطقة الذي حطم الرقم القياسي في الانقلابات، وهو ما قد ينذر بالشؤم حينما لا تجد المعارضة موطئ قدم في الحكومة القادمة، والسعي إلى شق الصف نتيجة للتخندقات الحالية في صفوف الجنرالات المتقاعدين وأحقية كل منهم في خلافة الرئيس الحالي بعد انتهاء مأموريته الثانية، وهو ما قد يجهضها في مراحلها الأولى نتيجة الصراعات الصامتة بين صناع القرار داخل أروقة الحكومة الحالية أو القادمة وأباطرة المال والجاه لأنه حتى الساعة تحظى موريتانيا بمكانة تحسد عليها من حيث الاستقرار الأمني والسياسي بفضل حنكة القادة الحاليين وربما يعود السبب إلى كفاءات الدبلوماسية الموريتانية تجاه دول الساحل سابقا بعدم التدخل في الشأن السياسي الداخلي في دول المنطقة والعودة إلى الاتحاد الأفريقي كشريك يمكن الوثوق به أمنيا وإقليميا، وهو جهد يضاف إلى الجدارة السياسية الداخلية والخارجية الموريتانية ضمن نجاحاتها.

“أفريقيا برس”: طرح الملك المغربي مبادرة الأطلسي لربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي لكن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه دون موافقة موريتانيا، كيف تنظر نواكشوط لهذه المبادرة خاصة وأن المستفيد الأبرز هو المغرب؟

بالنسبة لمبادرة الملك محمد السادس فهناك نوع من التوازن في السياسة المغربية -الموريتانية بالرغم من بعض الإخفاقات اللوجستية في العلاقات الدولية والإقليمية للبلدين بسبب الموقف من قضية الصحراء الغربية وهو أمر متجاوز لعمق أواصر الإخاء التي تجمع البلدين والتشاور والتشارك في المجال الأمني منذ حرب الصحراء، وهذه لأسباب أمنية مجتمعة كانت مشجعة لمبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس من حيث ربط دول الساحل G5 سابقا بالمحيط الأطلسي حتى يتم تشييد ميناء عالمي عملاق يمكن أن ترسو فيه سفن وبارجات وأن تكون هناك مبادلات تجارية تسمح بخلق سوق دول إفريقي ساحلي يشكل شريان اقتصاد يزود القارة العجوز، ومن غير المبرر أن يكون لموريتانيا اعتراض على هذه المبادرة بل قد تستفيد الجارة الجزائر من هذا الميناء البحري بالإضافة إلى دول أخرى مثل النيجر ومالي، لكن ربما يرجع ذلك بسبب عدم التنسيق الجدي المشترك بين موريتانيا والمغرب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس