أفريقيا برس – موريتانيا. يسود في موريتانيا قلق كبير إزاء تدفق المهاجرين الأفارقة إلى المدن الموريتانية بأعداد كبيرة، وذلك بالتوازي مع مخاوف من انعكاسات عمليات ضبط إقامة الأجانب التي تواصلها منذ أيام سلطات الأمن الموريتانية على الجاليات الموريتانية في البلدان التي تم ترحيل مواطنيها والتي قد تطبق حكوماتها مبدأ المعاملة بالمثل.
وتم في إطار هذا الضبط الأمني ترحيل مئات الأفارقة غالبهم سنغاليون وماليون نحو المنافذ التي دخلوا منها إلى الأراضي الموريتانية، الأمر الذي أثار شكاوى الجاليتين السنغالية والمالية، أكثر الجاليات الإفريقية المقيمة في موريتانيا من حيث العدد ومن حيث الإقامة غير النظامية.
وتنفذ السلطات الأمنية الموريتانية في عمليات ضبط الإقامة، قانون إقامة الأجانب الذي يمنح السنغاليين والماليين الداخلين إلى موريتانيا مهلة 45 يوماً، لاستصدار الإقامة أو الخروج من الأراضي الموريتانية؛ ولم يستجب لإجراء تشريع الإقامة سوى سبعة آلاف شخص من أصل عشرات آلاف الأفارقة الذين واصلوا إقامتهم في موريتانيا بطريقة غير نظامية.
وأكد الحسن ولد أمدو وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة “أنه لا جديد بخصوص إجراءات إقامة الأجانب، وأن ما يُتداول على مواقع التواصل تضليل غير مسؤول”.
وأكد الوزير أمدو في المؤتمر الصحافي الأسبوعي للحكومة “أن الإجراءات الأمنية التي يتم اتخاذها تستهدف فقط الأجانب المخالفين للقانون، وذلك في إطار الحرص على سلامة الجميع، في ظل ما يشهده العالم من موجات هجرة غير شرعية نحو أوروبا”.
وأكد “أن من بين الإجراءات الأمنية ضرورة معرفة عناوين كافة المقيمين داخل البلاد، وذلك لتعزيز الأمن والنظام العام”.
وشدد الناطق باسم الحكومة الموريتانية “على متانة العلاقات بين موريتانيا ودول الجوار”، موضحًا “أن أي مواطن من تلك الدول يتم التأكد من هويته ويلتزم بإجراءات الإقامة، فإنه سيُعامل باحترام ولا فرق بينه وبين المواطن الموريتاني”.
وفي السياق ذاته، نفى محمد سالم ولد مرزوق وزير الخارجية الموريتاني في تصريحات لإذاعة فرنسا أمس “أن تكون حكومته قد اتخذت إجراءات خاصة لتشديد سياستها تجاه المهاجرين غير النظاميين”، مؤكدًا “أن السياسة الحالية تركز على مكافحة شبكات تهريب المهاجرين، حيث تمكن الأمن الموريتاني مؤخراً من تفكيك أربع شبكات لتهريب الأشخاص، لافتًا إلى “أن الطريق الأطلسي الذي يسلكه المهاجرون غير النظاميين نحو أوروبا، يشهد سلسلة من المآسي التي يجب وقفها”.
وفيما يتعلق بمزاعم إساءة معاملة المهاجرين من قبل قوات الأمن الموريتانية، نفى الوزير ولد مرزوق هذه الادعاءات، مؤكدًا “أن قوات الأمن تلتزم بالاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الإنسان”.
وقال: “سياستنا تجاه الهجرة غير النظامية ظلت كما هي: نحن صارمون للغاية فيما يتعلق بشبكات المهاجرين غير النظاميين بشكل خاص، خاصة أنه خلال الأسابيع الأخيرة، وهذا ما ربما أعطى بعض الزخم لهذا الموضوع، قامت قوات الدفاع والأمن لدينا بتفكيك أربع شبكات للمهاجرين غير النظاميين”.
وحول مواجهات وقعت قبل أيام بين المهاجرين الماليين أثناء ترحيلهم وقوات الأمن الموريتانية على الحدود بين موريتانيا ومالي، قال الوزير: “هؤلاء المهاجرون تم تأطيرهم وتوجيههم من قبل شبكات تهريب الأشخاص؛ لذا أعتقد أن التأطير في هذا السياق يدفع بالفعل بعض هؤلاء المهاجرين إلى مهاجمة قوات الأمن، لكن المشكلة التي تحاول الحكومة معالجتها هي عدم السماح لأراضي موريتانيا بأن تكون ممرًا لآلاف الشباب الذين يخاطرون بحياتهم في ظروف خطيرة للغاية”.
وفيما يتعلق بسوء معاملة الأمن الموريتاني التي أكدت منظمات إنسانية تعرض المهاجرين الذين تم اعتقالهم ثم ترحيلهم لها، أضاف الوزير مرزوق: “أي منظمة تدافع عن حقوق الإنسان هي منظمة محترمة من حيث المبدأ، لكني أريد أن أرد عليهم بأنهم ينشرون معلومات غير صحيحة: أولاً، أود أن أقول إن مهمة قواتنا الرئيسية هي تأمين أراضي وسكان هذا البلد، وهي تقوم بهذه المهمة الرئيسية مع احترام جميع الاتفاقيات التي تحمي حقوق الإنسان، والتي صادق عليها بلدنا”.
وحول ما إذا كانت السلطات الموريتانية تعمل كحراس حدود لأوروبا، قال محمد سالم ولد مرزوق: “لا، نحن لسنا حراس حدود لأوروبا، ولن نكون حراس حدود لأي أحد؛ وأعتقد أنه، دون الإساءة لأحد، نحن البلد الوحيد الذي كان دائمًا حريصًا على احترام سيادته. والأساس الذي يستند إليه تعاوننا مع الأوروبيين في هذا المجال المحدد هو محاولة ضمان التنسيق بين دول منشأ الهجرة، ودول العبور، ودول الوجهة، لأنه من خلال التنسيق يمكننا كبح هذه الظاهرة الخطيرة”.
وفي خطوة عكست قلق السلطات الموريتانية إزاء استغلال إجراءات ضبط الهجرة لإثارة النعرات، أعلنت السلطة العليا الموريتانية للصحافة والسمعيات البصرية في بيان نشرته أمس، أنها “سجلت خلال الأيام الماضية بعد رصد شامل ومعمق لمضامين وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، انتشاراً لافتاً للأخبار الزائفة والمعلومات المضللة والتغطيات والمعالجات المفتقرة إلى قواعد النزاهة والمصداقية والمهنية حول موضوع الهجرة وملف المهاجرين في بلادنا”.
“وحرصاً على تكريس حرية التعبير كقيمة أساسية في أي مجتمع ديمقراطي، يضيف البيان، تدعو السلطة العليا جميع وسائل الإعلام الوطنية والمراسلين الدوليين المعتمدين ببلادنا وجميع المهتمين بالتغطيات الإخبارية إلى الحرص على تأمين تغطية مهنية متوازنة، ومواكبة هذا الموضوع ومستجداته بنزاهة ودقة وموضوعية، والنأي عن كل ما من شأنه إضفاء الإثارة والتهويل والاستقطابية على التغطيات والمعالجات الإخبارية”.
وأوصت السلطة في بيانها “جميع المدونين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي المهتمين بتغطية هذه الأحداث بالمساهمة في الاضطلاع بالمواكبة الإعلامية المتوازنة، والعمل على إشاعة روح التهدئة والابتعاد عن التهويل والإثارة، وانتهاج أنسب الآليات وأنجع السبل لمواجهة الأخبار الزائفة المضللة، ومناهضة خطابات الكراهية، وتنمية الفكر النقدي لدى المتلقي، ترشيداً لقيم الحرية وتمكينا للمهنية والمسؤولية”.
وأكدت السلطة العليا “أنها لن تتساهل في إنفاذ القانون وتطبيقه على كل من ينشر الأخبار الزائفة، أو يمارس خطابات التحريض والكراهية، وتنوه إلى أن إعادة نشر هذه المضامين لا تقل من حيث المسؤولية القانونية عن إنتاجها وبثها”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس