“مناجم الذهب” مصدر التمويل الأول للجماعات الإرهابية في أفريقيا

10
"مناجم الذهب" مصدر التمويل الأول للجماعات الإرهابية في أفريقيا

أفريقيا برس – موريتانيا. مصادر تمويل جديدة باتت تعتمد عليها الجماعات الإرهابية، شمالي وغربي أفريقيا، تتمثل بشكل رئيسي في الذهب، خاصة في ظل انتشار العديد من المناجم غير الرسمية، والتي لا تملك الحكومات السيطرة الأمنية عليها.

في تشاد كشف النقاب مؤخرا عن حجم الأموال المقدرة عن عمليات تهريب الذهب، حيث قال رئيس المجلس العسكري الانتقالي التشادي محمد إدريس ديبي إن قيمة كميات الذهب المهرَّب من بلاده كل أسبوع تقدر بنحو 57 مليار فرنك أفريقي (91 مليون دولار)، وهو رقم كبير يفوق 3 مليار دولار سنويا.

بحسب الخبراء، فإن الجماعات الإرهابية، غربي وشمالي أفريقيا، باتت تعتمد على الذهب بشكل أكبر، على غرار اعتماد نظيرتها في العراق وسوريا على النفط. يفسر الخبراء أن الاعتماد على الذهب يعود لانتشار العديد من المناجم في معظم الدول خارج سيطرة الحكومة، فضلا عن استقطاب عشرات الآلاف للعمل في هذه المناجم تحت إغراءات الثراء السريع وتجنيدهم في صفوف الجماعات.

تهريب عشرات الأطنان من الذهب

وتشير تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن المناجم غير الرسمية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر فقط، تنتج إجمالا نحو 50 طنا من الذهب حتى عام 2019.

وحسب التقديرات والتقارير، فإن أطنانا من الذهب تهرب سنويا من نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزيمبابوي ومالي وغانا وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر.

وبحسب الموقع الرسمي لمجلس الذهب العالمي، جاءت غانا ضمن قائمة العشر الأولى بنحو 138.7 طن، وتلتها جنوب أفريقيا بإنتاج 99.2 طن، ومالي بنحو 93.8 طن، وبوركينا فاسو 93.4 طن، ثم السودان 83,8 طن، والكونغو الديمقراطية بنحو 60.9 طن، وغينيا 56.9 طن، وبابوا غينيا الجديدة 53.1 طن، وتنزانيا 45.9 طن، وزيمبابوي 40.9 طن، وكوت ديفوار 36.4 طن، والسنغال 15.8 طن، وموريتانيا 15.6 طن، ومصر 14.1 طن، ثم إثيوبيا 13.1 طن، ثم ناميبيا 8.8 طن، فيما باقي الدول الأفريقية 117 طنًا.

انتشار التهريب في أفريقيا

في الإطار قال الباحث السياسي محمد شعت، إن عمليات تهريب الذهب منتشرة بشكل كبير في نحو 9 دول في شمال وغرب أفريقيا، وأن الجماعات الإرهابية والشبكات الإجرامية تعتمد عليه بشكل كبير.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن تهريب الذهب بكميات كبيرة يتم عبر تنظيم “داعش” في غرب أفريقيا، إضافة للعديد من الجماعات هناك، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الذهب بعد جائحة كورونا.

ولفت إلى أن التنظيمات الإرهابية تفرض ما يشبه الضرائب على العصابات والجماعات التي تعمل في التنقيب من أجل الحصول على تمويل لعناصره. وبحسب شعت، فإن بعض الدول تدعم عمليات التهريب من أجل الاستفادة من الذهب المهرب، وكذلك استخدام الجماعات والتنظيمات لتحقيق استراتيجيات وأهداف تخريبية.

استقطاب عناصر جديدة

ولفت إلى حالة التهميش التي تعاني منها الدول الأفريقية، تجعل من المغريات التي تقدمها الجماعات عبر إتاحة التنقيب والعمل في مثل هذه الأماكن عوامل ومحفزات للانضمام إلى صفوفها. وأشار إلى أن نحو 100 ألف عامل في نيجيريا يعملون في التنقيب عن الذهب بمناجم غير رسمية، وأن مثل هذا العدد في دول أخرى، منها تشاد والنيجر ومالي.

وشدد على أن التنظيمات في المنطقة تمارس كل أنواع التجارة غير المشروعة، لكنها تعتمد بشكل كبير على تجارة الذهب في المنطقة، نظرا لانتشاره في مناطق خارج سيطرة الحكومات الأمنية في المنطقة

تهريب علني

من ناحيته قال العابد مصطفى البشير الحقوقي التشادي، إن كميات الذهب التي ذكرها رئيس المجلس العسكري الانتقالي لم تكن مهربة بشكل خفي، بل كانت تستخرج علنا من قبل العديد من الجماعات والأفراد بسبب عدم وجود قانون منظم للتنقيب، أو عدم تفعيل القوانين الموجودة.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الرئيس التشادي الراحل سمح بهذه العمليات لأسباب عدة منها توفير الدعم لحركات سودانية تحظى برعاية ودعم انجمينا كحركتي “العدل والمساواة” وحركة “جيش تحرير السودان”، وهما حركتان تربطهما علاقة قبائلية بالرئيس الراحل.

نهب منظم

ويرى الحقوقي التشادي أن السبب الثاني يرتبط بعمليات النهب المنظم من قبل فرنسا للمعادن التشادية وعلى رأسها الذهب واليورانيوم. ويرى أن السماح للجماعات بنهب الذهب ارتبط أيضا، بأهداف إشغال سكان الحدود التشادية لعدم انخراطهم في صفوف المعارضة.

الذهب بديل النفط

وشدد على أن الذهب هو بديل النفط بالنسبة للجماعات المتطرفة والعصابات في منطقة الساحل والصحراء، ولفت إلى التغيرات الجديدة التي طرأت على الساحة ترتبط بتغيير فرنسا لاستراتيجيتها.

وفي كوت ديفوار يتم تهريب ما يقرب من 30 طنًا سنويًا، فيما تشير تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن المناجم غير الرسمية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر تنتج إجمالًا حوالي 50 طنًا من الذهب تبلغ قيمتها ملياري دولار كل عام.

ويسعى تنظيم “داعش ” الإرهابي (المحظور في روسيا وعدة دول أخرى)، إلى ضم العديد من الجماعات المتواجدة في غرب أفريقيا وشمالها تحت رايته، خاصة أن المنطقة تضم العديد من الجماعات منها “بوكو حرام” و”جماعة نصر الإسلام” والعديد من الجماعات المتطرفة.

الإرهاب

شهدت أفريقيا خلال عام 2021 ارتفاعاً في عدد العمليات الإرهابية مقارنة بالعام 2020، حيث بلغ عدد العمليات 735 عملية تنوعت ما بين هجمات إرهابية وعمليات انتحارية واغتيالات.

حسب إحصائية لمركز “تريندز”، تصدرت نيجيريا الدول الأكثر تضرراً من العمليات الإرهابية في تلك المنطقة؛ حيث شهدت خلال عام 2021 نحو 125 عملية إرهابية، وتراجع عدد القتلى بنسبة 42.6 % مقارنة بعام 2020، حيث أسفرت عن مقتل أكثر من 720 شخصاً وإصابة نحو 290 آخرين، إضافة إلى اختطاف نحو 1020 شخصاً.

وفي النيجر ارتفع مؤشر العمليات الإرهابية بنسبة 52.9%، وارتفع عدد الضحايا بنسبة 73% مقارنة بــعام 2020، حيث شهدت البلاد نحو 50 عملية إرهابية أسفرت عن مقتل أكثر من 775 شخصا.

وشهدت منطقة الساحل العام الماضي أكثر 165 عملية إرهابية، من بينهم 85 عملية في مالي أسفرت عن سقوط 695 شخصا بين قتيل وجريح، إضافة إلى اختطاف نحو 20 آخرين.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس