موريتانيا ترفض مزاعم تعذيب حقوق المهاجرين

2
موريتانيا ترفض مزاعم تعذيب حقوق المهاجرين
موريتانيا ترفض مزاعم تعذيب حقوق المهاجرين

أفريقيا برس – موريتانيا. في تقرير صادر الأربعاء حول وضع المهاجرين وطالبي اللجوء في موريتانيا، اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أجهزة الأمن الموريتانية بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المهاجرين، مؤكدة أنها وثقت حالات تعذيب وسوء معاملة ممنهجة.

غير أن المنظمة نقلت في تقريرها نفي الحكومة الموريتانية لهذه المزاعم جملة وتفصيلاً، معتبرة أنها «ادعاءات لا أساس لها من الصحة»، ومؤكدة «تمسكها بخيار احترام حقوق الإنسان وحماية المهاجرين وفق القوانين الوطنية والالتزامات الدولية».

وفي ردٍّ على أسئلة منظمة هيومن رايتس ووتش، تحدثت الحكومة الموريتانية عن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها لتعزيز احترام الحقوق، بما في ذلك «الحظر الصارم لعمليات الطرد الجماعي» واعتماد إجراءات تشغيل معيارية جديدة في أيار/ مايو 2025 لتنظيم عمليات إنزال المهاجرين و»التكفل بهم»، مع توفير ضمانات قوية في مجال الحقوق والحماية.

وجاء موقف الاتحاد الأوروبي داعماً لموقف موريتانيا، حيث أكدت المفوضية الأوروبية في ردّها على هيومن رايتس ووتش أن شراكتها مع موريتانيا «راسخة بعمق» في احترام الحقوق، وذكرت دعم الاتحاد الأوروبي لهذه الإجراءات التشغيلية المعيارية وغيرها من المبادرات المرتكزة على الحقوق.

وقالت لورين سيبرت، الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة الحقوقية: «الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الموريتانية لتحسين احترام حقوق المهاجرين كانت ضرورية بالفعل؛ وبالمضي قُدمًا في وضع حد للانتهاكات، يمكن لموريتانيا أن تبرز كنموذج لإدارة للهجرة تحترم الحقوق في شمال إفريقيا». أما الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، تضيف لورين سيبرت: «عليهما أن يحرصا على أن تكون شراكتهما مع موريتانيا في مجال الهجرة قائمة على إعطاء الأولوية للحقوق وحماية الأرواح، بدلاً من دعم إجراءات قمعية تؤدي إلى انتهاكات».

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها الجديد «أن قوات الأمن الموريتانية ارتكبت بين عامي 2020 وبداية 2025 انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحق مهاجرين وطالبي لجوء، ينحدر معظمهم من غرب ووسط إفريقيا، وذلك غالبًا أثناء محاولتهم مغادرة البلاد أو العبور عبرها»، مضيفة: «ومع ذلك، فإن الإجراءات والالتزامات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الموريتانية قد تسهم في تعزيز حماية المهاجرين وضمان احترام حقوقهم».

وتناول التقرير المكوّن من 163 صفحة، والمعنون بـ: «اتهموني بمحاولة الوصول إلى أوروبا» انتهاكات مرتبطة بالتحكم في الهجرة في موريتانيا وسياسة الاتحاد الأوروبي في الاستعانة بالخارج؛ وهو يوثّق، ما ذكرت المنظمة «أنه الانتهاكات التي ارتكبتها الشرطة، وخفر السواحل، والبحرية، والدرك، والجيش الموريتاني أثناء مراقبة الحدود والهجرة، بما في ذلك أعمال تعذيب واغتصاب وأشكال أخرى من العنف؛ والتحرش الجنسي؛ والاعتقالات والاحتجاز التعسفي، وظروف احتجاز لا إنسانية؛ ومعاملات ذات طابع عنصري؛ وعمليات ابتزاز وسرقة، إضافة إلى عمليات طرد جماعي وفوري».

وأوضحت المنظمة «أن هذه الإجراءات القمعية والانتهاكات للحقوق فاقهما استمرارُ سياسة الاتحاد الأوروبي وإسبانيا في إسناد إدارة الهجرة إلى موريتانيا، من خلال تقديم دعمهما لسنوات طويلة للسلطات الموريتانية المكلّفة بضبط الحدود والهجرة».

وقالت لورين سيبرت، الباحثة في مجال حقوق اللاجئين والمهاجرين لدى منظمة هيومن رايتس ووتش: «لسنوات، انتهجت السلطات الموريتانية سياسة مسيئة في مجال مراقبة الهجرة – وهي سياسة شائعة للأسف في شمال إفريقيا – عبر انتهاك حقوق المهاجرين الأفارقة القادمين من مناطق أخرى؛ لكن الإصلاحات الأخيرة التي نفذتها موريتانيا تُظهر أنه بالإمكان إيجاد نهج جديد، وينبغي على الحكومة أن تواصل هذا المسار، وأن تعزّز الرقابة على قوات الأمن، وأن تضع حدًّا لعمليات الطرد الجماعي». وزادت: «بين عامي 2020 و2024، حاول عدد متزايد من المهاجرين وطالبي اللجوء سلوك «الطريق الأطلسي» عبر القوارب من شمال غرب إفريقيا إلى جزر الكناري الإسبانية، وكان عدد كبير منهم ينطلق من موريتانيا؛ بعضهم فارّ من النزاعات أو الاضطهاد في بلدانهم – خصوصًا في مالي، حيث تفاقم النزاع المسلح بالتوازي مع القمع الحكومي – فيما كان آخرون يسعون للهروب من الفقر والبحث عن فرص عمل».

وأضافت: «في عام 2024، وصل رقم قياسي بلغ 46,843 شخصًا بالقوارب إلى جزر الكناري، في حين وصل حوالي 11,500 شخص بين يناير ويوليو 2025، وتُعد موريتانيا منذ فترة طويلة وجهةً لأشخاص من غرب ووسط إفريقيا يبحثون عن العمل، كما تستضيف نحو 176,000 طالب لجوء ولاجئ مسجل، معظمهم من مالي، ويحاول بعض المهاجرين العبور عبر موريتانيا للتوجه نحو الصحراء الغربية المحتلة من المغرب، أو المغرب نفسه، أو الجزائر».

وفي عام 2024، وقّعت موريتانيا شراكة جديدة في مجال الهجرة مع الاتحاد الأوروبي مقابل تمويل بقيمة 210 ملايين يورو مخصص للحد من تدفق الهجرة غير النظامية، وهو اتفاق شبيه بالاتفاقات التي أبرمها الاتحاد مع تونس ومصر. وللغرض ذاته، عززت إسبانيا دعمها الثنائي، مع الإبقاء على نشر عناصر من الشرطة والحرس المدني الإسباني في موريتانيا لمساعدة السلطات في مراقبة الهجرة.

وسبق لوزير الداخلية، محمد أحمد ولد محمد الأمين، أن أكد «أن ملف اللاجئين والمهاجرين والمقيمين في موريتانيا يُعد قضية ذات أبعاد وطنية ودولية، لما له من تداعيات أمنية وإنسانية واجتماعية».

وأوضح خلال رد أخير له على سؤال برلماني شفوي «أن هناك ثلاثة أصناف من الأجانب في موريتانيا: اللاجئون من دول تعيش ظروفًا أمنية خاصة، والمقيمون الشرعيون الذين يساهمون في الاقتصاد الوطني، والمقيمون غير الشرعيين الذين تُطبق بحقهم إجراءات الترحيل وفق القانون الدولي، مع ضمان حقوقهم الأساسية وكرامتهم الإنسانية.

وأشار الوزير إلى «أن الإجراءات الأخيرة لمكافحة الهجرة غير الشرعية تأتي في إطار استراتيجية متكاملة، وتشمل تفكيك شبكات تهريب ومراقبة الحدود وإيواء وترحيل المخالفين بطريقة إنسانية».

كما شدد على «أن الدولة تبذل جهودًا كبيرة لضمان الشفافية والرقابة، من خلال زيارة المراكز من قبل سفراء ولجان حقوق الإنسان، مع تقديره للكوادر الأمنية والجهات المختصة في ضبط الهويات ومتابعة الوافدين، بما يعزز الأمن وحماية جميع المقيمين على التراب الوطني».

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس