الحبار الفرعوني.. علاج التهابات محتمل من أعماق البحر الأحمر

1
الحبار الفرعوني.. علاج التهابات محتمل من أعماق البحر الأحمر
الحبار الفرعوني.. علاج التهابات محتمل من أعماق البحر الأحمر

أفريقيا برس – موريتانيا. يبدو أن الاسم المميز لـ”الحبار الفرعوني”، لن يكون الشيء الوحيد اللافت في هذا الكائن الذي يشتهر بسرعة نموه ودورة حياته القصيرة، إذ وجد الباحثون ميزة أخرى قد تمنحه قيمة علاجية في المستقبل.

ولم يعرف عن الحضارة المصرية تقديسها لهذا الحبار، لكنه اكتسب اسمه من وجوده في البحر الأحمر والمناطق القريبة من مصر، وهي مناطق ارتبطت تاريخيا بالحضارة الفرعونية.

ويعد هذا الحبار الفرعوني من الأنواع البحرية ذات القيمة الغذائية العالية، إذ يتميز بانخفاض الدهون واحتوائه على أحماض دهنية متعددة غير مشبعة ومعادن وأحماض أمينية أساسية، غير أن الدراسة المنشورة في دورية “فود ريسيرش إنترناشونال”، تجاوزت القيمة الغذائية، إلى اكتشاف جديد يعزز إمكانية استغلال مكوناته الحيوية في الصناعات الدوائية والغذائية والوظيفية، بما يعزز القيمة الاقتصادية للثروات البحرية.

ووجد الباحثون من المعهد المركزي لبحوث مصايد الأسماك البحرية التابع للمجلس الهندي للبحوث الزراعية، أن مركبا حيويا جرى استخلاصه من الجزء الصالح للأكل من الحبار الفرعوني، يمكن أن يكون خيارا علاجيا واعدا كمضاد للالتهاب، ما قد يمهد الطريق لتطوير علاجات طبيعية أكثر أمانا للأمراض الالتهابية المزمنة.

وأوضح الباحثون أن المركب الجديد، وهو عديد سكاريد كبريتي معقد أُطلق عليه اسم “إس بي بي-1 “، أظهر قدرة لافتة على تثبيط مؤشرات الالتهاب والإجهاد التأكسدي في تجارب مخبرية على خلايا مناعية بشرية وحيوانية.

نتائج قوية في كبح الالتهاب

وبينت الدراسة أن مركب “إس بي بي-1 “، نجح في تقليل إفراز عدد من أهم الجزيئات المحفزة للالتهاب، منها “إنترلوكين-6” و”إنترلوكين-1 بيتا”، و”عامل نخر الورم ألفا”، و”أكسيد النيتريك”، وذلك في خلايا مناعية جرى تحفيزها معمليا لإحداث استجابة التهابية حادة.

وفي الخلايا البشرية المعروفة باسم “تي إتش بي-1′′، خفض المركب مستويات الإنترلوكين-12، “عامل نخر الورم ألفا” و”إنترلوكين-1 بيتا”، بنسب وصلت إلى نحو 80%، في حين أدى إلى زيادة كبيرة في التعبير عن “عامل النمو المحول بيتا”، المعروف بدوره المضاد للالتهاب وتنظيم الاستجابة المناعية.

ويرجح الباحثون أن هذه الفعالية تعود إلى التركيب الكيميائي المميز للمركب، خاصة وجود مجموعات الكبريت وأنواع محددة من السكريات الأحادية، وهي خصائص تمنحه قدرة عالية على التفاعل مع الجزيئات الالتهابية وتعطيل نشاطها.

كما أظهرت تحاليل التعبير الجيني انخفاضا ملحوظا في الجينات المرتبطة بالالتهاب، مثل “الإنترلوكين-2” و”الإنترفيرون-غاما”، ما يعزز من إمكاناته كعامل منظم للمناعة.

بديل طبيعي للعلاجات التقليدية؟

وتأتي هذه النتائج في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى بدائل طبيعية وآمنة للأدوية المضادة للالتهاب، في ظل ما تسببه العلاجات التقليدية، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية والعلاجات البيولوجية، من آثار جانبية تشمل قرحة المعدة، ضعف المناعة، وارتفاع خطر العدوى.

ويشير الباحثون إلى أن الأمراض الالتهابية المزمنة تمثل أكثر من نصف أسباب الوفيات عالميا، ما يجعل البحث عن مركبات جديدة أكثر أمانا أولوية صحية عالمية.

ويؤكد الباحثون أن المركب الجديد “إس بي بي-1” قد يشكل نقطة انطلاق لتطوير أدوية جديدة تستهدف الالتهاب والإجهاد التأكسدي، مؤكدين الحاجة إلى مزيد من الدراسات قبل الانتقال إلى التجارب السريرية.