أفريقيا برس – موريتانيا. ينتظر الموريتانيون على أحر من الجمر تحديد يوم، يعتقد أنه قريب جداً، لمحاكمة رئيسهم السابق محمد ولد عبد العزيز بتهم الفساد ونهب المال العام، وذلك بعد أن سلمت النيابة العامة بولاية نواكشوط الغربية، بشكل رسمي، ملفه المعروف بملف العشرية إلى محكمة جرائم الفساد إثر تأكيد المحكمة العليا لقرار إحالته والمشمولين معه للمحاكمة.
وينظر الجميع إلى هذه المحاكمة المنتظرة بأنها، إذا تمت بالفعل، أغرب وأول محاكمة لرئيس سابق بتهم الفساد تشهدها موريتانيا، بل والدول العربية.
وسارعت هيئة الدفاع عن الرئيس السابق لتعلن، في بيان، الجمعة، بأن «قرار الإحالة دليل قاطع آخر على ما أجمع عليه المراقبون من أن هذا الملف ملف سياسي بحت يجري تحريكه وفق متطلبات وتوجيهات السلطة التنفيذية بغية إقصاء وتهميش خصم سياسي، ولا علاقة له البتة بمحاربة الفساد، خاصة أنه جاء بعد أشهر عديدة من موت الملف قانونياً وقضائياً وواقعياً، وبالنظر لصدور قرار الإحالة بعد أيام من إعلان موكلها صراحة عزمه على ممارسة حقوقه السياسية ومعارضته للسلطة السياسية القائمة في إطار الدستور والقوانين».
وأوضح بيان هيئة الدفاع عن الرئيس السابق «أن قرار الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا ألغى عملياً المواد 4 و13 و89 و90 و91 و93 من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية والمرسوم رقم 017/2017 المنشئ والمنظم لفريقي النيابة والتحقيق المكلفين بمكافحة الفساد، وجميع قواعد الإجراءات الجنائية الموريتانية من المادة التمهيدية مروراً بالمادتين 123 و138 والمواد 173 و174 و175 الخ.. وجميع قواعد الإثبات».
وأضافت أن «قرار إحالة الرئيس السابق كرّس قاعدتين خطيرتين تنسفان المنظومة القانونية والقضائية في موريتانيا، أولهما تبعية القضاء الجالس للنيابة، واعتبار رأي النيابة هو القانون، وحمل القاضي على خرق القانون والتماس ضمانات العدالة في مخالفته، فضلاً عن تكريس تحريف الوقائع، والتدليس، وتجاهل نقاش حجج الأطراف والرد عليها، والثاني إضفاء الشرعية على قرارات بينة الفساد وتكريس إفلات مصدريها من المساءلة والعقاب؛ وذلك بإقرارهم من طرف هيئة في قمة السلطة القضائية على خرق القانون والخطأ في تطبيقه، واعتبارهم أنفسهم مشرعين يلغون النصوص الآمرة كما يحلو لهم، ويقضون بآرائهم المخالفة لها».
وشددت هيئة الدفاع على أنه «في مثل هذه الظروف، يصبح أمل موكلها في الحصول على محاكمة عادلة منعدماً، وذلك لفقدان الشروط والضمانات والمعايير القانونية اللازمة لضمان محاكمة عادلة في ظل ما نشهده من تتابع وتراكم الخروق القانونية، وعدم تأسيس القرارات، والانصياع المطلق لأوامر النيابة العامة».
وتابعت الهيئة: «إن تسخير القضاء في خدمة المآرب السياسية، والتمادي في انتهاك القانون، وخرق مبادئ العدل والإنصاف، أمور لا تشكل خطراً حقيقياً على الأمن والسلم الاجتماعي والتنمية وقيام دولة القانون والعدل التي يصبو إليها المجتمع فحسب، بل هي حرابة وسيبة وخيمة العواقب، منظمة وممنهجة باسم العدالة والقانون تحت رعاية وحماية الدولة».
وبينما تؤكد السلطات القضائية الموريتانية أن ملف الرئيس السابق ملف قضائي بحت ولا علاقة له بالسياسة، يؤكد الرئيس السابق ومحاموه أن الغرض من محاكمته هو إبعاده عن المشهد السياسي.
وانضم الرئيس السابق لحزب الرباط الوطني، وأعلن، منتصف أكتوبر الماضي، في مقابلة مع مجلة «جون أفريك»، أنه يعتزم «المشاركة في الانتخابات المحلية والتشريعية القادمة، سواء من خلال حزبه «حزب الرباط الوطني»، أو من خارجه، وأنه سيدعم «أي شخص يريد تغييراً إيجابياً للأوضاع السياسية في موريتانيا».
ويواجه ولد عبد العزيز، الذي حكم موريتانيا ما بين 2009 و2019، مع صهره وبعض أقاربه ورموز نظامه تهماً عديدة، منها الفساد والإثراء غير المشروع وغسل أموال والتعدي على أملاك الدولة العقارية والإضرار بمصالحها.
ويرفض ولد عبد العزيز التهم الموجهة إليه، ويعدّها تصفية حسابات تستهدف منعه من ممارسة العمل السياسي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس