هل تنجح الوساطة الموريتانية في إزالة الخلافات الجزائرية – المغربية؟

102
المغرب و الجزائر

بقلم : محمد عبد الرحمن أحمد عالي

أفريقيا برسموريتانياالأزمة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر ليست وليدة اليوم، بل هي أزمة عميقة تعود بداياتها لما بعد استقلال البلدين، خاصة حرب الرمال التي خاضها البلدان على الحدود وبعد الانسحاب الإسباني من الصحراء ظهرت الأزمة الكبرى التي أدخلت المنطقة المغاربية في منعرج خطير تسبب في حرب ضروس بين الأشقاء انتهت بأزمة دبلوماسية ظلت عقبة في وجه تطوير العلاقات بين المغرب والجزائر ، فالمغرب طالب بالأراضي الصحراوية، وجبهة البوليزاريو رفضت ذلك وأعلنت عن تأسيس جمهورية تحت اسم الجمهورية الصحراوية واعترفت بها الجزائر وموريتانيا لكن موريتانيا اكتفت بهذا الاعتراف ووقفت موقفا محايدا من جميع الأطراف حماية لمصالحها بينما أعلنت الجزائر الدعم الكامل والمساندة للجمهورية العربية الصحراويةالتي تناصب المغرب العداء وتعتبره محتلا يجب طرده من الأراضي الصحراوية.

هذه الأزمة بين الجزائر والمغرب ظلت في حالة مد وجزر، ورغم ذلك بقي هناك نوع من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حفاظا على مصالح الشعوب وفي الفترة الأخيرة تطورت الأزمة نحو اتجاه خطير تمثل في اعتراف المغرب بحق حركة القبائل في الجزائر بالاستقلال عن الجزائر وهي الحركة التي صنفتها الجزائر إرهابية.

هنا أعلن الجزائر استنكاره للخطوة المغربية التي اعتبرها تدخلا في شؤونه الداخلية وتم استدعاء السفير الجزائري في الرباط من طرف السلطات الجزائرية وأبلغ برفض الجزائر لكن ذلك لم يؤد إلى القطع الكامل للعلاقات ومع اندلاع الحرائق في غابات الجزائر مؤخرا علت أصوات داخل الجزائر تتهم المغرب بالتسبب في هذه الحرائق وتطور الأمر إلى
أن صارت تلك الاتهامات خطابا جزائريا رسميا أسفر عن قرار صادم لكل دول الجوار المغاربي.

ومن خلالها تم قطع العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء بين الجزائر والمغرب، أمر أدركت موريتانيا كدولة جارة لهما وتربطها بهم مصالح كثيرة جدا خطورته وأعلنت على لسان وزير خارجيتها قلقها الشديد من هذه الخطوة. وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الأزمة وتحركت بالفعل وكانت أول خطوة قام بها وزير الخارجية الموريتاني هي اتصال هاتفي بنظيريه الجزائري والمغربي.

محمد الأمين محمد فاضل، كاتب ومحلل سياسي

وحول فرص نجاح الوساطة الموريتانية قال الكاتب والمحلل السياسي محمد الأمين محمد فاضل لـ “أفريقيا برس” أن موريتانيا يمكن أن تلعب في المغرب العربي نفس الدور الذي كانت تلعبه الكويت على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. موريتانيا هي الدولة الأكثر تأهيلا للعب دور وساطة بين المغرب والجزائر ذلك أن بقية الدول المغاربية (ليبيا وتونس) لديها مشاكلها التي تشغلها بل وتمنعها عن لعب مثل هذا الدور.. وأضاف أن “المشكل في غاية التعقيد وما لم تحل قضية الصحراء فإن العلاقات بين المغرب والجزائر لن تكون طبيعية.. أقصى ما يمكن فعله الآن هو استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين وتخفيف أجواء التوتر.. الوساطة الموريتانية يمكن أن تحقق نجاحا في هذا المجال بشرط أن تكون هناك رغبة لدى البلدين في ذلك، أما إذا لم تكن هناك رغبة مشتركة لدى البلدين الشقيقين في استعادة العلاقات وتخفيف أجواء التوتر بينهما فلا أمل في هذه الحالة في نجاح الوساطة”.

محمد فال الشيخ ، كاتب صحفي وباحث في العلاقات الدولية

من جهته يرى محمد فال الشيخ وهو كاتب صحفي وباحث في العلاقات الدولية أن “الوساطة بين المغرب والجزائر في محلها وهي خطوة موفقة من موريتانيا لأن هذا الصراع وهذه القطيعة بين البلدين سيكون لها تأثير سلبي على الإقليم ككل، وبالتالي فإن السعي لإصلاح ذات البين وتطويق الأزمة هو مسؤولية الأطراف جميعا وخاصة الدول المغاربية والدول الإقليمية وأعتقد أن موريتانيا بما أن لديها علاقات جيدة مع كلا البلدين من مصلحتها أن تبقى علاقاتهما جيدة وطبيعية، فالكل خاسر من هذه القطيعة، وبالتالي تحرك موريتانيا هو خطوة جيدة ومهمة جدا وأتوقع أن تجد صدى لدى البلدين”.

وحول إمكانية نجاح الوساطة يعتقد الشيخ “أن الأمر يحتاج إلى وقت وإلى مزيد من الجهود من موريتانيا أولا ثم من البلدين المعنيين بالقضية حتى يكتب لهذه الوساطة النجاح”.

الشيخ الحسن البمباري،، باحث في علم الاجتماع السياسي بمركز “مبدأ”

لكن هناك من عبر عن تفاؤله من نجاح الوساطة الموريتانية فالباحث في علم الاجتماع السياسي بمركز “مبدأ” الشيخ الحسن البمباري،  فيعبر عن تفاؤله بهذه الوساطة قائلا: للأمانة فإن الوساطة الموريتانية قد تأخرت كثيرا وهي ضرورية جدا وسيكون لها تأثير خاصة أن الكل يعرف أن موريتانيا بوابة للمغرب والجزائر وبالتالي فإنه من المهم أن تكون لها وساطة في هذا الوقت بالذات.

وأضاف البمباري أن “الأمر يتعلق ببنية الوحدة المغاربية وهذا أيضا شيء مهم، من الجانب الآخر على موريتانيا أن تكون حريصة على الوحدة المغاربية وهذا يضمن تذويب الجليد بين الجزائر والمغرب، ولكن أيضا من المهم الآن بما أنه في ليبيا الدولة غير مستقرة عمليا فإنه من المهم أن تكون تونس جزءا من هذه المبادرة مع أن تونس الآن تعاني من مشاكلها الداخلية وبالتالي موريتانيا باعتبارها البلد الوحيد المستقر سياسيا في المنطقة مطالبا بإدارة مبادرات من هذا النوع ومطالبا بأن يتحرك في هذا الاتجاه وبالتالي هي وساطة ضرورية جدا ومهمة وتؤكد مكانة موريتانيا في المنطقة باعتبارها بوابة للتجارة الجزائرية وبوابة أيضا للتجارة المغربية مع أفريقيا وجنوب الصحراء خاصة باتجاه مالي والسينغال.