الحوار المرتقب بين النظام والمعارضة في موريتانيا

78

بقلم : محمد عبد الرحمن أحمد عالي

أفريقيا برسموريتانيا. شهدت الساحة السياسية الموريتانية منذ وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تراجعا كبيرا في حدة الخطاب السياسي نتيجة سياسة الانفتاح والاحتواء التي انتهجها النظام. وكانت بداية سياسة الانفتاح هذه باستقبال الرئيس الغزواني لأبرز قادة المعارضة السياسية مثل رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه و الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية تواصل محمد جميل منصور ، ورئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود ، ورئيس حركة إيرا المدافعة عن حقوق العبيد، وأبرز الشخصيات الحقوقية التي عارضت نظام محمد ولد عبد العزيز.

هذه اللقاءات التي أجراها الرئيس الغزواني أثرت بشكل كبير على تيار المعارضة السياسي الذي كان قويا في ظل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وجعلت الشارع الموريتاني يتسائل أين المعارضة ولماذا هذا التراجع المفاجئ؟ سؤال أدركت المعارضة أهمية الإجابة عليه وبادرت منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان إلى دعوة النظام لحوار جامع يشمل كل الموريتانيين تنبثق عنه خارطة طريق محددة المعالم يتم من خلالها إشراك الجميع. هذه الوثيقة ردت عليها الحكومة الموريتانية عبر تصريح للوزير الأول محمد ولد بلال قال فيه إن النظام الحالي لا يرى مانعا في حوار شامل مع جميع أطراف الطيف السياسي لكن بشرط توفر الظروف الملائمة.

بعد ذلك جاء رد أقوى على طلب المعارضة المتعلق بالحوار وهذه المرة من طرف الشخصية الأولى في النظام يعني رئيس البلاد في رده على سؤال لصحفي في قناة فرانس 24 أثناء مقابلة أجراها معه حيث رد الغزواني قائلا:
لا أعتقد أن هناك حاجة لحوار سياسي بين النظام والمعارضة فالبلد يعيش لحظة وفاق سياسي بين النظام  المعارضة ونحن منفتحون على الجميع والدعوة إلى الحوار تعني وجود أزمة تستدعى الحوار وهو أمر غير موجود.

رفض الغزواني للحوار مع المعارضة دفع مجموعة من الأحزاب لتنظيم مؤتمر صحفي والتعبير عن موقفها من الوضع السياسي القائم في موريتانيا وضمت الأحزاب المشاركة:
– حزب المستقبل
-التحالف الشعبي التقدمي
-تحالف التعايش المشترك
– تحالف التعايش المشترك/ حقيقة ومصالحة
– الحزب الموريتاني للدفاع عن البيئة
– حزب الرق
– التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)

تحدث رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بالخير في المؤتمر بنبرة معارضة وحادة جدا اعتبر فيه موقف الرئيس بأن الحوار بعيدا عن الواقع وأن البلد لايعيش أزمة ولاداعي للحوار أمر مرفوض تماما. ودعا الرئيس أن يدرك أن البلد يعيش أزمة حقيقة ولا يمكن أن يخرج منها دون حوار جاد وحقيقي ترفع فيه المظالم وتوزع فيها المناصب بعدالة بين الجميع.

خطاب مسعود كان القطرة التي أفاضت الكأس وحركت المياه الراكدة في المشهد السياسي وأعادت له حركيته ودينامكيته، حيث وجهت لرؤساء الأحزاب السياسية دعوة للقاء خاص بالرئيس محمد ولد الغزواني. وكان من ضمن المدعوين مسعود ولد بالخير لكنه أعلن رفضه للدعوة وهي نفس الخطوة التي قامت بها الأحزاب التي شاركت في المؤتمر الصحفي.

مسعود ولد بالخير رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي

وفي هذا السياق طرحنا سؤال من شقين ، على الباحث الشيخ الحسن البمباري باحث في علم الاجتماع السياسي، بمركز مبدأ بالعاصمة نواكشوط.
الأول هل تعتقد أن الخطاب الأخير لرئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي كان وراء إعلان النظام قبول الحوار؟
الثاني :ماهي النتائج المتوقعة من هذا؟
وأجاب قائلا:
في ما يخص الشق الأول من سؤالكم فإن الرئيس أبدى استعداده من أول يوم للحوار وهو ما يجعل حديث مسعود مجرد تذكير بوعد سابق ولكنه بالتأكيد ساهم في عودة مسألة الحوار وتعجيل الخطط الحكومية في هذا الاتجاه ولكن الأساسي أن الحوار الذي تريده الحكومة مختلف أو على الأقل دورها فيه مختلف وهو دور الضامن وبالتالي فإن السلطات تسعى إلى حوار سياسي بين الفاعلين من أحزاب وهيئات ومجتمع مدني وهذا هو ما يجعل دعوة مسعود مهمة خاصة أنها في إطار مبادرة حزبية تضم العديد من الأحزاب الكبيرة باستثناء التكتل وإتحاد قوى التقدم. ولكن الحديث الآن عن الحوار مع تأثير خطاب مسعود ولد بلخير ضرورة مهمة خاصة بعد سنتين من الهدوء  السياسي.

الشق الثاني من سؤالك حول التأثير في الساحة لا أظن أن الكثير من الأشياء ستحدث خاصة أن الشعب لا يعلق أي أمل على الحوارات بين السياسيين لأنها فعاليات بين السياسيين والهدف منها الحصول على مصالح مقابل تخفيف الضغط أو زيادته في مواضيع محددة. ومع ذلك هذه اللقاءات تبقى فرص لعرض بعض مشاكل الوطن خاصة أن الرئيس أبدى استعداده لتنفيذ جوانب التدخل الخاصة بالحكومة وهو ما يعني أن مخرجات الحوار لا يجب أن تكون سياسية وإنما تكون هناك مخرجات عملية قابلة للتنفيذ على المدى القصير والمتوسط . عموما الحوار أيا كان مهم لأي دولة ومجتمع ولكن ليس كل حوار يعول عليه في التغيير والتاثير الإيجابي وتجربتنا مع الحوار تقول أنه يجب أن
لا نتفائل كثيرا وبالتالي سأكون متشائما بشأن الحوار القادم.