تصريح زعيم المعارضة حول الغزواني، هل تکون بداية دخول في الأغلبية الحاكمة ؟

34

بقلم: محمد عبدالرحمن أحمد عالي

أفريقيا برسموريتانيا. حزب تكتل القوى الديمقراطية أعرق الأحزاب المعارضة في موريتانيا فهو من أوائل الأحزاب السياسية المعارضة ظهوراً في البلاد، وشكل في فترة من تاريخ البلد السياسي مدرسة حقيقية لصناعة المعارضين السياسين والمناضلين. تأسس الحزب عام 2000 على أنقاض حزب اتحاد القوى الديمقراطية – عهد جديد، الذي أسسه بعض قادة التكتل.

مع إعلان النظام العسكري في موريتانيا بقيادة العقيد ولد الطايع حيث نادى بالتعددية السياسية وفتح الباب أمام النظام الديمقراطي بعد ضغوط قوية من فرنسا التي كانت صارمة اتجاه الأنظمة العسكرية في إفريقيا حيث وجهت رسالة واضحة وقاسية لرؤساء هذه الأنظمة العسكرية بضرورة الانتقال ببلادهم إلى النظام الديمقراطي.

وهنا أدرك الساسة والمثقفون أن الفرصة حانت لممارسة العمل السياسي في العلن وتقديم أفكارهم للجمهور ومعارضة النظام، عبر تأسيس مجموعة من الشباب بقيادة محافظ البنك المركزي السابق في عهد الرئيس الراحل المختار ولد داداه أحمد ولد داداه حزباً سياسياً تحت اسم اتحاد القوى الديمقراطية-عهد جديد، ضم أغلبية المعارضين لنظام العسكر والمناضلين في الساحة السياسية آنذلك وأعلن عن تأسيس الحزب وتم الترخيص له و ضم حينها كثيراً من قادة النضال السياسي ورؤساء بعض الأحزاب الموجودة حالياً في الساحة، فقد كان مركزا يلتقي فيه المعارضون للنظام بمختلف توجهاتهم الفكرية.

شارك الحزب في أولى انتخابات نظمت مباشرة بعد ذلك وحقق نتائج كبيرة فاجأت العقيد ولد الطايع وأركان حكمه وأدرك أن هذا الحزب إذا ما استمر في الساحة وخاض سباقاً انتخابياً آخر ضده سيفوز لا محالة، فقرر القضاء عليه وإخراجه من الساحة. أصدرت الداخلية حينها قرارا بحله، وهنا عاد قادة التكتل للمربع الأول والعمل السياسي في السر.

وفي عام 2000 أسس قادة حزب اتحاد القوى الديمقراطية عهد جديد حزبا آخر حمل عنوان تكتل القوى الديمقراطية وأسندت رئاسته للدكتور محمد محمود ولد لمات وهي خطوة انتهجها المؤسسون خوفا من رفض ترخيص الحزب. أدركوا أنهم لو قدموا طلب الترخيص بوضع اسم أحمد ولد داداه على رئاسة الحزب فمن الطبيعي حينها أن يرفض نظام ولد الطايع الترخيص لحزب يرأسه هذا الرجل الذي اعتبره خطراً على حكمه.

بعد الترخيص شارك حزب تكتل القوى الديمقراطية في أول استحقاق انتخابي ينظم بعد تأسيسه وهي الانتخابات التشريعية والبلدية، وحقق الحزب مع بقية أحزاب المعارضة نتائج مقبولة بالنظر إلى مستويات التزوير العالية في انتخابات تلك الفترة، حيث تمكنوا من دخول البرلمان وتشكيل فريق برلماني لأول مرة مكون من 11 نائبا.

عاش الحزب مرحلة ضعف وتفكك بعد تلك الانتخابات وتعرض لانسحابات كان من أهمها؛ انسحاب مجموعة التيار الإسلامي التي كانت منضوية تحت لوائه، انسحبت منه في منتصف عام 2003 بعدما اعتبروه ضعفا وتخاذلا من الحزب في مواجهة حملة الاعتقالات والاستئصال التي شنها الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع عليهم بين عامي 2003 و2005.

ورغم هذه الحملات التي شنها نظام ولد الطايع ظل الحزب متمسكاً بمواقفه المعارضة رافضا مهادنة النظام.
ومع سقوط نظام العقيد ولد الطايع بادر الحزب إلى دعم هذا الانقلاب باعتباره فرصة ذهبية أتيحت للشعب الموريتاني ليخرج من عنق الزجاجة السياسية التي اختنق فيها قرابة عشرين عاما.

وما ان تم الإعلان عن انتخابات رئاسية حتى أدرك زعيم الحزب أحمد ولد داداه نية المجلس العسكري والمتمثلة في دعم المرشح الرئاسي الآخر سيد ولد الشيخ عبد الله؛ الخبير المالي الذي كان بعيداً عن الحلبة السياسية.

مع مرور الوقت بدأت العلاقة تتدهور بين رئيس حزب التكتل وبعض قادة المجلس العسكري خاصة قائد كتيبة الحرس الرئاسي حينها محمد ولد عبد العزيز.

وبعد خروج النتائج الأولية للانتخابات تربع سيد ولد الشيخ عبد الله على الصدارة وجاء بعده في المركز الثاني أحمد داداه، لكن لم يحصل أي منهما على النسبة المؤهلة للفوز فتقرر تنظيم دورة ثانية وهنا تحالف صاحب رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي صاحب المركز الثالث في الدورة الأولى من الانتخابات مع المرشح سيد ولد الشيخ عبد الله. وفاز الأخير بالرئاسة وظل حزب التكتل في موقف المعارضة حتى الإطاحة بالرئيس المنتخب من طرف الجنرال محمد ولد عبد العزيز وبعد هدوء وتقارب سياسي بين التكتل والنظام المنقلب عاد الصراع بين الطرفين من جديد، صراع أدرك من خلاله أحمد ولد داداه أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لا يتقبل الرأي الآخر ويسعى لحكم البلاد بالقوة، فأعلن معارضته بشراسة واستمر في ذلك حتى خروجه من الحكم وانتخاب الرئيس الحالي الغزواني.

في عهد نظام الغزواني غير التكتل من نبرة خطابه السياسي الحادة والتقى رئيسه بالرئيس الغزواني في القصر الرئاسي، ومن هذا اللقاء بدأت مرحلة جديدة من الهدوء بين التكتل والنظام الجديد، وهذا ما عبر عنه الأمين الدائم للحزب في مقابلة له مع موقع الصحراء الإخباري الموريتاني حيث قال: “إن الرئيس محمد ولد الغزواني كسب ثقة المعارضة”.

وهنا يتبادر في الأذهان سؤال؛ هل يعتبر هذا التصريح بداية حقيقة لالتحاق التكتل بركب أحزاب الأغلبية؟ وقد طرحناه على المحلل السياسي محمد المصطفى سيد محمد.

سيد محمد: “في فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز عانى التكتل الكثير من الضغوط والتهميش وهذا ما تسبب بتراجع حساباته ومواقفه السياسية ومع حالة الانفتاح التي أعلن عنها الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني قرر التكتل جس نبض النظام الحالي ومعرفة نواياه وعندما أدرك أنه منفتح ويسعى إلى احتواء الجميع قرر مد اليد له.

تجسد ذلك في اللقاء الأول الذي جمع بين الرجلين في العرض العسكري تلاه لقاء آخر في القصر الرئاسي، وتصريح الأمين الدائم للحزب هذا لم يكن مفاجئاً بالنسبة لي واعتبره تطورا طبيعياً في مسار العلاقات ببن النظام الحاكم والتكتل وهو مسار قد تكون خاتمته بالتحاق التكتل بالأغلبية الحزبية الداعمة للنظام أو تحالفا سياسيا جديدا مع النظام، يكون أساسه مصالح مشتركة مع بقاء كل طرف من الأطراف في مكانه السياسي دون الذوبان في الآخر وهو الاحتمال الأقرب بالنسبة لي”.

أما الكاتب الصحفي مصطفى سيديا فقد ركز في الإجابة عن السؤال بالقول : “لا أعتقد أن تصريحه بداية دخول للحزب، بقدر ما هو محاولة لرد الجميل لنظام استقبل المعارضة بطريقة مختلفة عن سلفه. فالمعارضة سئمت من سياسة لي الذراع مع أنظمة العسكر، وخصوصا حزب التكتل قديم العهد بالتجاذبات. وربما أن التكتل مل من مرافقة المعارضة، وبعد تصريحاتها الأخيرة أراد أن يقدم عربونا للنظام لعله يكون إما وسيطا لمصالحة جديدة، أو ينال مكانة لدى النظام، ناهيك عن وجود إحدى القيادات البارزة في الحزب السابق طبعا داخل القصر”.