بقلم : محمد عبدالرحمن أحمد عالي
أفريقيا برس – موريتانيا. شهر أغسطس كان حافلاً بالأحداث التي شغلت الرأي العام الوطني في موريتانيا، وكانت البداية بالحدث الأبرز الذي شكل صدمة كبيرة بين رواد شبكات التواصل الاجتماعي وشغل الجميع، تراجع نسبة النجاح في الباكلوريا “شهادة الثانوية العامة” بالمقارنة مع العام الماضي.
تراجع نسبة النجاح في الباكالوريا (#نريد تعليما)
تراجع كبير شهدته نسبة النجاح في امتحانات الباكالوريا مقارنة بالسنوات الماضية، حدث فاجأ الجميع وشكل صدمة للمهتمين بقطاع التعليم. حيث أرجعه البعض لجائحة كورونا وتداعياتها على التعليم في موريتانيا والإغلاق المتكرر للمدارس بسبب الجائحة التي أربكت حسابات دول عظمى. هذا الحدث تفاعل معه أغلب المدونين والمهتمين بالشأن العام في موريتانيا. ورأوا فيه أمرا يستحق التأمل والتحقيق للوقوف على أسبابه ووضع خطة عاجلة لحله تفاديا له مستقبلا. التفاعل مع هذا الحدث شمل القمة والقاعدة حيث بادر رئيس الجمهورية بالتغريد على حسابه في تويتر حول الموضوع قائلا:
“أتقدم بالتهنئة لكل أبنائنا الذين حالفهم النجاح في شهادة الثانوية العامة ولأسرهم التي سهرت على نجاحهم متمنيا التوفيق للجميع. عمليتنا التعليمية مازالت بحاجة لجهد مضاعف وتحديث آلية المسابقات الوطنية وذلك ما ستعمل عليه المنظومة التعليمية إن شاء الله في الفترة القادمة”.
وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي محمد ماء العينين ولد أييه علق على تدني نسبة النجاح في الباكالوريا، مؤكدا أن ذلك كان متوقعا وسيكون محل تدقيق معمق. وأضاف: “ضعف النتائج كان متوقعا بفعل الاختلالات البنيوية في المنظومة التربوية ولتأثير سنتين من الجائحة، وللاجراءات الجديدة لتنظيم الامتحانات، وستكون هذه النتائج محل تحليل معمق لنتخذ منها أساسا، بإذن الله، لإعادة هيكلة شعب التعليم الثانوي سواء الأدبية منها لحل إشكال اللغات أو العلمية لتطوير طرائق تدريس العلوم ضمن إجراءات أخرى للتغلب على النقص. تعليق الوزير هذا اعتبره البعض تهربا من الفشل وتبريرا غير مقنع وغير مفهوم لتردي نسبة النجاح في هذه السنة.
الحملة الوطنية للتلقيح ضد كورونا (#لقح واربح)
حدث آخر حظي بتفاعل على العالم الافتراضي تمثل في الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا، حيث انقسم الناس حولها بين مؤيد لها باعتبارها فرصة مناسبة للوقاية من موجة كورنا الثانية، وبين متحفظ عليها ناظرا لقضية للقاحات المضادة لهذا الفيروس بنوع من الشك والريبة، رغم الازدياد الملحوظ حينها في نسبة المؤيدين لها والمشاركين فيها على حساب الفئة الأخرى. حملة رمت الدولة الموريتانية فيها بكل ثقلها وحضت المواطنين على ضرورة المشاركة فيها والدعوة لها باعتبارها صمام الأمان في مواجهة الوباء.
تسوية الديون المستحقة للكويت (#وماذا بعد الدين الكويتي)
وما إن أسدل الستار على قضية هذه الحملة وتناساها الجميع حتى أطل حدث جديد وفرض نفسه بقوة وكان عنوانه تسوية وضعية الديون الكويتية المستحقة للكويت على موريتانيا والتي شكلت أزمة أرقت كل الأنظمة المتعاقبة على هذا البلد طيلة 41 عاماً.
أمر اعتبرته الحكومة الموريتانية إنجازاً تاريخياً يستحق أن لايمر على الرأي العام مرور الكرام. فقررت الحكومة الإعلان عن مؤتمر صحفي ضم ثلاثة وزراء من الحكومة، ولم يفصح في الإعلان عن موضوع المؤتمر وبعد بدايته تم الإعلان عن تسوية وضعية الديون الكويتية عبرالناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية ووزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة المختار ولد داهي الذي أحال الكلمة لوزير المالية ولد الذهبي ليشرح تفاصيل الاتفاق حيث قال: “إنّ التسوية تقوم على إلغاء 95% من الفوائد، وتحويل الـ5% المتبقية إلى استثمارات، وتسديد أصل الدّين على مدى 20 عاماً، مع فترة سماح مدّتها سنتين”، وأضاف ولد الذهبي:”الملف بقي عالقاً كل هذه الفترة، رغم العلاقات المتميزة بين البلدين”. وأكد أنّ ملف الديون الكويتية أثّر على مصداقية الدولة “موريتانيا” وخاصة على مؤشرات الاستدانة.
بعد ذلك تناول الكلام وزير الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي اعتبر هذا الاتفاق نجاحا دبلوماسيا واقتصاديا يضاف إلى رصيد هذا النظام، فالاتفاق حسب وزير الخارجية الموريتاني لم يأتي بين عشية وضحاها بل جاء بعد مسار تفاوضي طويل بين البلدين.
نجاح يرى الوزير ولد الشيخ أحمد أن أنظمة سابقة تعاقبة على حكم هذه البلاد فشلت في التوصل إليه لأنها كانت مفتقدة للإرادة الجادة والخبرة التفاوضية التي تتميز بالمرونة والمحافظة على مصالح الوطن دون خسارة الحلفاء الدوليين والشركاء الإقلميين الذين يشكلون سندا للبلاد.
وحسب الخبراء في المجال الاقتصادي فإن هذه الديون تصل إلى حوالي 950 مليون دولار، لكنّها في الأغلب فوائد على دين أصله 150 مليون دولار، اقترضت موريتانيا أغلبها في ثمانينيات القرن الماضي.
قضية الدين الكويتي هذه أسالت الكثير من الحبر في شبكات التواصل الاجتماعي. بين مثمن لها على اعتبار أنها ستنعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني وتمكن الدولة من تتفيذ بعض المشاريع الحيوية بالنسبة لذوي الدخل المحدود. وآخر يرى أنها لن تؤثر على الاقتصاد الوطني ولن تكون لها أي نتائج إيجابية على حياة المواطن الموريتاني، فمشكلة البلد المتابعين والمعلقين ليست في ندرة الموارد المالية فالسمك والحديد وحدهما يكفيان لحل جميع المشاكل في حال تمت إدارتها بالشكل المطلوب.