ماذا وراء الحراك السياسي المناهض للحوار في موريتانيا؟

35

بقلم : محمد عبدالرحمن أحمد عالي

أفريقيا برسموريتانيا. مع وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للرئاسة تراجعت حدة الخطاب السياسي التي ظلت أبرز عناوين الصراع السياسي بين المعارضة والنظام السابق برئاسة الرئيس محمد ولد عبد العزيز. ويرى مراقبون للمشهد السياسي الموريتاني أن هذا التراجع في قوة الخطاب السياسي الذي كان يعارض النظام السابق ناتج عن سياسة الانفتاح التي أعلن عنها الرئيس الغزواني وبدأ في تطبيقها من خلال استقبال أغلب قادة الأحزاب السياسية المعارضة في موريتانيا أمر دفع هذه الأحزاب وقادة المعارضة إلى تهدئة الوضع وإعلان هدنة مع النظام في انتظار تحقق الشعار الذي رفعه الرئيس وهل هو فعلا جاد في ما أعلن عنه من انفتاح على المعارضة.

بعد ذلك بفترة قررت منسقية الأحزب الممثلة في البرلمان تقديم خارطة طريق لحوار وطني شامل حددت معالمه ونقاطه الرئيسية في تلك الخارطة وأحالته إلى رئيس البلاد وتفاعلت معه الحكومة حينها من خلال تصريح للوزير الأول “سيد محمد ولد بلال” الذي قال إن الحكومة لا تمانع إجراء حوار إذا توفرت الشروط الضرورية والظروف الملائمة للحوار.

ومع تطور الأحداث وتسارعها وتفاقم الأوضاع الصعبة للمواطنين في موريتانيا نتيجة أزمة تفشي فيروس كورونا و بطء نظام الغزواني في تنفيذ تعهداته وتمسكه بالكثير من رجالات النظام السابق في مناطق حساسة من الدولة والإعتماد على الجيل القديم في التعيين بدل الأجيال الجديدة، وضعف نسبة إشراكه للمعارضة في التعيينات، زاد ذلك من تذمر قادة المعارضة خاصة رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بالخير الذي استفاد من تحالفه للرئيس السابق، ليأتي الغزواني ويستقبله في القصر وبعد ذلك يتجاهله ويقرب منافسه الرجل الذي سحب منه ملف الدفاع عن حقوق العبيد في موريتانيا يعني رئيس حركة إيرا ، النائب البرلماني بيرام ولد الداه ولد اعْبَيْدِي.

مسعود ولد بالخير رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي

وكان مسعود ولد بالخير من أوائل المناضلين عن حقوق العبيد وخدم هذه الشريحة هو ورفاقه في “حركة الحر” التي أسسها في تسعينيات القرن الماضي في ظل نظام العقيد ولد الطايع وحينها برز مسعود ولد بالخير كمدافع وملهم لتلك الشريحة التي تعلقت به وظلت ترى فيه المناضل الشجاع عن حقوقها.

وكانت مناطق تجمعات هذه الشريحة خزاننا انتخابيا خاصا بمسعود ولد بالخير ومع ظهور كاتب الضبط الشاب المتمرد على ما أسماه العبودية المعاصرة بخطابه الجديد الذي جاء في فترة خفف فيها مسعود من حدت خطابه بتقربه من دوائر الحكم وحصوله على بعض المزايا ليخلق أسلوب مسعود الجديد فراغا استفاد منه بيرام ولد الداه بطرح خطاب قاس على مواضيع لم يتطرق لها أي سياسي عن قضية العبودية فبيرام ضرب كل المقدسات بخطابه الأمر الذي جلب له الأنظار بسرعة وجعل منه ظاهرة فريدة ومخيفة في نفس الوقت.

بيرام ولد الداه ولد اعْبَيْدِي، رئيس حركة إيرا

وتعرض بيرام نتيحة خطابه هذا للسجن ويرى بعض المراقبين أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز كانت له يد في صناعة بيرام كظاهرة حقوقية متمردة ليقلل من تعلق أبناء تلك الشريحة بمسعود في إطار سياسة جديدة نادى بها في أيامه الأولى في السلطة وهي تجديد الطبقة السياسية وخلق معارضة على مقاس النظام وحسب حاجته لذلك، وهو أمر اتضح أكثر عند ماترشح بيرام ولد الداه للرئاسة ومنعت شخصيات حقوقية معروفة بنضالها الحقوقي مثل نقيب المحامين السابق أحمد سالم بوحبيني.

تقرب الغزواني من بيرام أغضب مسعود وأدرك أن الأمر ربما يؤثر على نصيبه في الكعكة السياسية التي بدأ الرئيس الغزواني بإعطاء بيرام جزءا منها من خلال إرجاع راتبه الذي اقتطع من طرف وزارة العدل لسنوات وترخيص حزبه وتعين بعض مقربيه. مسعود لم يكن الغاضب الوحيد من تصرف النظام الحالي فحزب تواصل أيضا غاضب لأن الرجل يسعى لاستمالة قادته المميزين في فترة الحملة الرئاسية وبعدها حيث هاجرت نحوه مجموعة وازنة من الحزب بقيادة عمر الفتح. وتبعتها مجموعات أخرى واليوم يغازل قائدين بارزين هما رئيس الحزب السابق محمد جميل منصور ومحمد غلام اللذان خصهما بلقاء تغيرت بعده لغة حديثهما عنه تماما.

تذمر وغضب تطور ليصل إلى مرحلة التنسيق بين الغاضبين على النظام في الساحة ومن هنا تشكلت منسقية أحزاب المعارضة الجديدة بقيادة تواصل ومسعود وأعلنوا عن مؤتمرهم الصحفي الذي كان البداية الحقيقة للإعلان عن معارضة جديدة لهذا النظام معارضة قاسية في خطابها تنتهج سياسة مسح الطاولة وضرب الكل في صفر.

رئيس حزب الرباط المحسوب على الرئيس السابق ولد عبد العزيز يستقبل قادة من المعارضة الموريتانية

بعد الإعلان أحس النظام بالخطر وأدرك أن الأمر يتطلب احتواء سريع للمعارضة الجديدة حتى لا تعكر صفوه وتم استقبال أحد قادة الأحزاب المعارضة الجديدة رئيس تحالف العيش المشترك الرئيس “كان حاميدو بابا” من طرف الرئيس ولد الغزواني في القصر.

ويرى الصحفي والاعلامي أحمد فال يسلم في تصريح لـ “أفريقيا برس” أن اللقاء لن يكون له تأثير كبير على مسار المعارضة الجديدة فالأحزاب القوية فيها تواصل والتحالف الشعبي قررت بلا رجعة معارضة النظام. وهي معارضة ستتعزز إذا علمنا أن هناك أطراف داخل النظام نفسه لاتريد الحوار ولاترى له ضرورة وتحاول جاهدة إقناع الرئيس برفضه أو تأجيله بجحة أنه غير محتاج له نظرا لتوفر حزبه يعني حزب الإتحاد من أجل الجمهورية على أغلبية مريحة في البرلمان.

وأضاف أحمد فال يسلم أن هذا الأمر إذا حصل سيزيد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد خاصة أن رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود بالخير إلتقى برئيس حزب الرباط “السعد ولد لوليد” الحليف الأبرز و المدافع السياسي الوحيد عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الذي يحسب عليه هذا الحزب مايعني أن مسعود ربما يتحالف مع حزب الرباط المحسوب على الرئيس السابق ويقنع بقية شركائه في المعارضة الجديدة بهذا التحالف الجديد الذي سيجعلهم يستفيدون من شعبية هذا الحزب وأنصار الرئيس السابق الذين يرون أنه ظلم لتشكيل معارضة جديدة يتحالف فيها أعداء الأمس مع تواصل و ولد عبد العزيز ضدد شخص واحد هو الرئيس ولد الغزواني.

مسعود ولد بالخير أبرز معارضي نظام ولد الغزواني مع رئيس حزب الرباط