ماذا وراء نفي موريتانيا إجراء اتصالات مع “إسرائيل”؟

58

بقلم : محمد عبدالرحمن أحمد عالي

أفريقيا برسموريتانيا. التقارب الموريتاني الإسرائيلي حدث جاء في سياق دولي خاص وبقرار من الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطايع كخيار استراتيجي حينها أخذ به الرجل عند ما أرادت فرنسا لي ذراعه و الإنصات لمعارضيه وكانت البداية باعتقال الشرطة الفرنسية الرائد في الجيش الموريتاني أعلي ولد الداه في باريس، عندها أدرك النظام الموريتاني خطورة السكوت فاختار الرد بقوة وتم طرد الخبراء العسكرين الفرنسين في نواكشوط وفرضت التأشيرة على المواطنين الفرنسين الراغبين في زيارة موريتانيا وهنا أحست باريس بالخطر الذي يهدد مصالحها في موريتانيا التي طالما اعتبرتها جزء من حلفها الإستراتيجي واستأثرت بخيراته ووضعت فيه استثماراتها العملاقة في مجال البنوك والطاقة وأشار الخبراء في قصر الإليزيه على الرئيس حينها بضرورة تهدئة الوضع، وإطلاق سراح الرائد الموريتاني حتى لا تتضرر مصالح باريس في بوابتها على القارة الأفرقية.

لكن العقيد العسكري السابق في الجيش الممسك بالسلطة في موريتانيا يومها والخبير في مجال التخطيط أخذ الاحتياطات الازمة لحماية نفسه ونظامه من غضب ساكن الإليزي والذي قد لا يكون ناعم.. ومن هنا ظهر خيار العلاقة مع “إسرائيل” وبدأ في التخطيط لإقامة علاقة دبلوماسية قوية مع تل أبيب تضمن له تحالفا قويا مع واشنطن، و سافر الى جنوب أفريقيا لحضور قمة الأرض والمناخ لكن الهدف الحقيقي وراء الزيارة هو لقاء رتب له مسبقا بينه وبين وزير الخارجية الإسرائيلي على هامش القمة بعد أن وصلت العلاقات بين نواكشوط وتل أبيب مرحلة حساسة تحتاج قرار حاسما لا يملكه في موريتانيا إلا شخص الرئيس القادر وحده على نقلها من مرحلة السر إلى مرحلة العلن وفتح السفارات وهو ما حدث فعلا بعد ذلك وباتت موريتانيا حليفا للكيان الإسرائيلي.

واشنطن عبرت عن ارتياحها للخطوة الموريتانية فهي لاتمانع في انتزاع مناطق استراتيجة في القارة الأفريقية من فرنسا وتقليص نفوذها في القارة السمراء.

لكن بعد الإطاحة بنظام ولد الطايع وتنظيم انتخابات حرة رفع شعار قطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي من طرف المرشحين جميعا لكن لم ينفذ أي منهم وعده وبعد الإنقلاب على الرئيس المنتخب سيد محمد ولد الشيخ عبدالله من طرف الجنرال محمد ولد عبد العزيز تم الإعلان عن قطع العلاقات بين نواكشوط وتل أبيب.

وفي الأسابيع القليلة الماضية ومع التطورات الحاصلة في منطقة الساحل الأفريقي والإنقلاب على حليف فرنسا الأول الرئيس المالي المنتخب مؤخرا من طرف ضباط قرروا قطع العلاقة مع فرنسا. وتحول الحكام الجدد في مالي إلى روسيا القادمة بقوة إلى القارة وبعد قرار فرنسا الإنسحاب من منطقة الساحل الأفريقي وقرارها الأخير الذي أعلنت من خلاله مناطق واسعة من موريتانيا مناطق خطر على الرعايا الفرنسيين بسبب تسلل الإرهابين إليها حسب البيان الفرنسي. ومع تطور العلاقات الموريتانية مع المحور القريب من الكيان الإسرائيلي بقيادة الإمارات وهو المحور الذي التحقت به المغرب برز حديثا عن مشاورات إسرائيلية موريتانية لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها وهو أمر بادرت السلطات الموريتانية إلى نفيه بشكل قاطع عن طريق الناطق الرسمي باسم الحكومة المختار ولد داهي.

ويرى رئيس تحرير موقع الضمير عبد الله أحمد أن الأمر لايخرج عن كونه إشاعات، وأوضح في تصريح لـ “أفريقيا برس” أن وضعية موريتانيا اليوم تختلف تماما عن وضعيتها في تسعينيات القرن الماضي فهي دولة مهمة في منطقة الساحل الأفريقي وعضو مؤسس في مجموعة دول الساحل الخمس وتعتبر محور اهتمام الكثير من القوى الدولية التي تسعى لمكافحة الإرهاب والهجرة السرية.

وتابع بالقول أن موريتانيا ” إحدى بوابات القارة الأفريقية على القارة الأوربية وتشكل الحارس الأمني لحدود أوروبا في مواجهة المهاجرين السريين وهو أمر يجعل منها دولة مهمة جدا بالنسبة للأوروبين الذين يؤرقهم ملف الهجرة غير الشرعية”.

وأضاف “أن موريتانيا تلعب دورا مهما في مكافحة الإرهاب في الصحراء الإفريقية الكبرى وهو أمر أكده العسكريون الأمريكون في مناورات عسكرية مشتركة نظموها في موريتانيا”. وهو نفس الموقف الذي أعلن عنه القادة العسكريون الفرنسيون الذين ثمنوا دور موريتانيا في مكافحة الإرهاب والهجرة.

وتابع عبد الله أحمد بالقول : أن هذه الأمور يضاف إليها التقارب الكبير الذي أعلن عنه النظام مع المقاومة الفلسطينة وموقفه الإيجابي من القضية الفلسطينية والذي أعلن عنه مرارا وتكرارا موقف زاد من دعم النظام في موريتانيا حيث اعتبره الكثيرون خطوة مهمة تستحق الإشادة والتثمين. وتعزز هذا الموقف باستقبال رئيس البلاد لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في القصر الرئاسي الأمر الذي يجعلنا نقول أن موريتانيا بعيدة جدا من التفاوض مع “إسرائيل” لربط العلاقة بها فهي لاتحتاجها اليوم لأنها وبباسطة محور تنافس محموم بين فرنسا والولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وكندا ودول أخرى. تنافس زاد من حدته بعد ظهور النفط والغاز واليورانيوم.