أفريقيا برس – موريتانيا. أكد مسؤول الإعلام في حزب التكتل، باب ولد إبراهيم، أن الحزب يمر بتحديات، لكن طموحه للوطن لم ولن يتغير.
وأوضح في حوار مع “أفريقيا برس”، أن التقارب مع السلطة نابع من تشخيص دقيق للأوضاع الوطنية والدولية، مشددًا على أن الواقعية تقتضي مد يد التعاون لتجنب هزات كالتي شهدتها دول الجوار.
وأضاف أن الحزب لم يتخل عن دوره الريادي في المعارضة، ولا عن مراقبة السلطة ونقدها، رغم الحملات المغرضة. وأشار إلى أن التعديلات الأخيرة على قانون الأحزاب تمثل خطوة إيجابية، حيث تسهم في جعل الحياة السياسية أكثر جدية، مؤكدًا استمرارية الحزب في لعب دوره الوطني.
وقال إن الأزمة الأخيرة التي تعرض لها الحزب “مطبة من المطبات التي أثرت” عليه، حسب تعبيره. وأشار ولد إبراهيم إلى أن من يخوضون حملة ضد الحزب لا ينتمون إليه انتماءً حقيقيًا. وأضاف أن الأزمة الداخلية للحزب، رغم تأثيرها الإعلامي، لن تؤدي إلى تفككه، وهي مجرد سحابة صيف ستتجاوزها قيادة الحزب.
يُذكر أن حزب تكتل القوى الديمقراطية، الذي يُعد من أعرق الأحزاب السياسية في البلد، يعاني منذ فترة من تصدع داخلي أدى إلى انقسامه إلى جبهتين سياسيتين: الأولى يمثلها الرئيس أحمد ولد داداه، والثانية تتزعمها القيادية النانة بنت شيخنا.
يدور في الأوساط السياسية حديث عن تآكل داخل الأحزاب التقليدية ومنها حزب التكتل، ما رأيكم؟
يمكن أن نُرجع ما اعتبره البعض ضعفًا أو وهنًا في الأحزاب السياسية إلى عدة أسباب، منها عمر هذه الأحزاب في النضال والعمل السياسي داخل البلد. إضافة إلى ذلك، فإن الآمال الكبيرة التي يعلقها المواطنون على هذه الأحزاب غالبًا ما تصطدم بجدار سميك يتمثل في سلطة لم تقبل بعد بالمشاركة النشطة للأحزاب السياسية، بل استهدفت بنيتها بشكل مباشر.
هذا الواقع أدى بشكل طبيعي إلى إضعاف هذه الأحزاب، خصوصًا مع ظهور مشاريع غير وطنية وأخرى شعبوية، في ظل مجتمع يعاني من انخفاض مستويات التعليم ونسبة وعي محدودة. هذا السياق يتيح الفرصة للخطابات الشريحية والعرقية، التي تجد صدى جماهيريًا واستقطابًا واسعًا، مقارنة بالخطاب الوطني الذي يمثل الرصيد الحقيقي للأحزاب الكبيرة التقليدية في البلد.
ما هي قراءتكم لتأثير الأزمة الأخيرة على مستقبل الحزب؟
فيما يتعلق بالأزمة الأخيرة التي مر بها حزب التكتل، فإنني أعتبرها واحدة من المطبات والعقبات التي أثرت سلبًا على الحزب، خاصة في الانتخابات الأخيرة. جاء ذلك نتيجة وجود بعض الأطر داخل الحزب الذين لا ينتمون انتماءً حقيقيًا له، حيث قاموا بشن حملات ضد الحزب وضد مرشحيه خلال الانتخابات النيابية والبلدية لعام 2023، وكذلك الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
هؤلاء توهموا أنهم يمثلون الحزب بالكامل، وسعوا للترويج لهذا الوهم داخل الطيف السياسي. ويؤسفنا أن بعض أحزاب المعارضة تفاعلت مع هذه الجماعة التي تم طردها من الحزب بقرار استثنائي صادق عليه المكتب التنفيذي.
لا شك أن هذه الحملة العكسية أثرت سلبًا على الحزب، لكنه بدأ يتعافى، ولله الحمد، خاصة مع انطلاق عملية الانتساب خلال الأسبوعين الماضيين استعدادًا لمؤتمره القادم، بإذن الله.
مثل هذه المطبات والعقبات تواجهها جميع الأحزاب السياسية في موريتانيا، ولم يسلم منها أي حزب.
كيف تبررون التقارب الذي حصل مؤخرا بين الحزب والنظام الحاكم؟ وما ردكم على من اعتبره تخليا عن القيادة التاريخية للمعارضة الموريتانية؟ أو هدما لرأس مال الحزب المعنوي؟
التقارب جاء نتيجة تشخيص دقيق للظروف التي يعيشها المواطن الموريتاني والوطن، بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية والدولية التي تفرضها المرحلة. ونحن نضع الوطن في المقدمة قبل أي شيء آخر، مع التمييز بين الوطن والسلطة.
لذلك، فإن الواقعية تقتضي مدّ يد التعاون مع السلطة، خصوصًا أنها بادرت أولًا بهذه الخطوة، وكان تجاوبنا إيجابيًا معها، لتجنب وطننا الهزات التي شهدتها الدول المجاورة، ولا سيما دول الساحل الخمس التي تأثرت أكثر من غيرها.
ونتج عن هذه المقاربة، بعد توقف الحوار في عام 2020، توقيع ميثاق جمهوري يعالج بشكل جذري القضايا الوطنية ذات الأولوية التي تتطلب علاجًا حقيقيًا يتفق عليه جميع الموريتانيين. تضمن الميثاق تصورًا شاملًا لأبرز التحديات، وتمت دعوة جميع الفرقاء للمشاركة فيه.
ومع ذلك، يمكن القول إننا أصبنا بخيبة أمل كبيرة، ففي الوقت الذي نسعى فيه لتحقيق إجماع وطني، انشغل بعض الفرقاء والناشطين والفاعلين الوطنيين بالبحث عن هوية واضعي بنود الميثاق وتصوره، بدلًا من التركيز على أهميته وما تناوله من إشكالات حقيقية تهم الوطن. كان الأولى الالتحاق بهذا الميثاق ومراعاة الاعتبارات التي وضحناها، بدلاً من تلك التساؤلات الثانوية.
نحن في حزب التكتل لم نتخل عن الدور الريادي للحزب داخل المعارضة الموريتانية، ولا عن دورنا في رقابة السلطة ونقدها. وقد تعرض حزبنا للعديد من الافتراءات المغرضة، لكننا لا نوليها أي اهتمام ولا نقيم لها وزنًا.
المعارضة بالنسبة لنا تقوم بدورها في النقد، وتقديم التصورات والمقترحات حول الشأن الوطني. وهذا ما كنا عليه دائمًا، وما سنظل عليه. طموحنا لهذا الوطن لم ولن يتغير تحت أي ظرف.
وانطلاقًا من مبادئ الحزب التي تأسس عليها، سنبقى على هذا الدرب بإذن الله.
أي دور يمكن أن يلعبه الحزب في المستقبل السياسي للبلد بعد التفكك؟
الحزب لعب دورًا مقدرًا في الساحة السياسية الموريتانية، وقدم مؤخرًا دورًا مهمًا في خلق أجواء مناسبة لحوار وطني. وقد أسهم في تمهيد الأرضية التي تُعد الآن لحوار أوسع وأكثر شمولًا.
الحزب يؤكد استعداده الدائم للمشاركة في هذا الحوار، وسيواصل لعب دوره الريادي من أجل حل المشكلات الوطنية والمساهمة في دفع البلاد خطوات إلى الأمام.
وجوابًا على الشق الثاني من السؤال، فإن حزبنا لم يتفكك، فقد مرّ من قبل بأحداث مشابهة، ربما كانت أشد وطأة وأكثر أهمية نظرًا لمكانة المنسحبين حينها. أما هذه الأزمة الأخيرة، فرغم حضورها الإعلامي الكبير، فإنها لن تؤثر على الحزب، بل هي مجرد سحابة صيف وستمر بإذن الله.
ما موقفكم من التعديلات الأخيرة على قانون الأحزاب؟
تعديلات قانون الأحزاب نعتبرها خطوة مهمة، خاصة في جزئها المتعلق بجعل الحياة السياسية أكثر جدية، مثل اشتراط انتشار الأحزاب ووجود مقرات لها. هذه الجوانب، إلى جانب نقل وصاية الأحزاب من وزارة الداخلية إلى القضاء الموريتاني، كنا قد طالبنا بها من قبل.
موقفنا من هذه الجوانب واضح، لأنها تساهم في إبعاد ممتهني السياسة عن الشأن العام، وهو أمر مهم جدًا بالنسبة لنا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا عبر موقع أفريقيا برس