تساؤلات حول السماح للرئيس السابق المثقل بالتهم بالسفر للخارج

26
موريتانيا: تساؤلات حول السماح للرئيس السابق المثقل بالتهم بالسفر للخارج
موريتانيا: تساؤلات حول السماح للرئيس السابق المثقل بالتهم بالسفر للخارج

أفريقيا برس – موريتانيا. ما الأسباب التي جعلت النيابة العامة في موريتانيا تسمح للرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز بسفره الحالي إلى فرنسا، بعد أن أحالته للمحاكمة بتهم ثقيلة للغاية، تجمع إلى نهب المال العام، تعاطي الرشوة وتبييض الأموال، واستخدام النفوذ للتربح والانتفاع، وممارسة أنشطة تتعارض مع منصب رئيس الدولة؟

هل للسماح بهذا السفر علاقة بتفاهمات حول هذه القضية التي ينتظر الموريتانيون نهاية لها تعاقب من خانهم، وتعيد لهم أموالهم المنهوبة، وتردع من يتولون مناصب الدولة في قابل الأيام؟

أم أن السماح بهذا السفر مجرد إظهار بالتزام القضاء ببراءة المتهم حتى يدان، وأن مصير الرئيس السابق، مهما سافر وتنقل، هو المحاكمة والمحاسبة؟

وهل سيحترم الرئيس السابق مقتضيات المتابعة القضائية ويعود من سفره ليحاكم، أم أنه سيلجأ لدولة أخرى باعتبار أن قضيته قضية سياسية كما يدعي هو وكما يؤكد محاموه؟

أسئلة كثيرة يطرحها الموريتانيون هذه الأيام وتناقشها صالونات السياسة وتتعاطاها مجموعات “الوتساب”، دون أن تكون لها أجوبة واضحة، مما جعل الكثيرين يفضلون مراقبة الوضع مع انتظار تطورات هذا الملف المثير.

وبينما صمت محامو الرئيس السابق ضمن خيار الصمت الذي فضله هو نفسه، أكد إبراهيم أبتي رئيس فريق محامي الدولة “أن النيابة لها كامل الصلاحية في السماح للرئيس السابق بالسفر، وله هو الحق في ذلك”.

وقال، في تصريحات لقناة “فرانس 24′′، أمس: “الذي يهمنا هو أن تسترد أموال الشعب وأن تنظم محاكمة عادلة وشفافة وعلنية للرئيس السابق وللمشمولين بملف الفساد”.

وأوضح “أن ملف الرئيس السابق يسير سيراً طبيعي، فقد أحيل للمحاكمة بقرار أيدته غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف، ولم يبق أمام دفاع الرئيس السابق سوى الطعن في ذلك من جديد، خلال 15 يوما أمام المحكمة العليا أو سيواصل الملف سيره نحو المحكمة”.

وبالإضافة لقرار السماح للرئيس السابق بالسفر، يجمع مراقبو هذا الشأن على أمر واحد هو استغرابهم لصمت الرئيس السابق وابتعاده منذ خروجه يوم السابع سبتمبر الجاري من رقابة القضاء، هو وأنصاره، عن المؤتمرات الصحافية والتجمعات السياسية، وهو المعروف بحبه التحدث للصحافة وبإدمان التغريد والتدوين السياسي.

وأكد السياسي والإعلامي البارز عبدالرحمان ودادي، في تصريح لـ “القدس العربي”، اليوم، “أنه حسب المتوفر من المعلومات، فإن النيابة حرصت على احترام المساطر القانونية تعاطيها مع الرئيس السابق، فبمجرد اكتمال التحقيق وإحالة الملف للمحاكمة وانتهاء فترة الرقابة القضائية، أطلقوا سراحه احتراما للقانون”.

وقال: “إذا قرر الرئيس السابق الهروب فلن يسهل عليه وجود دولة مستعدة لاستقباله، فهو يواجه ملف سرقات واضحة، ولن يستطيع طلب اللجوء على أساس أنه مضطهد سياسي، وإذا هو اختار الهروب فسيكون ذلك الخيار صعبا وبخاصة أنه تم وضع اليد على غالبية الأموال التي كان قد نهبها، كما تجري حاليا المطالبة بباقيها في فرنسا وفي الإمارات وفي تركيا، وسبق أن ذهبت بعثات قضائية إلى هذه الدول لمتابعة هذه الأموال، لذا فأنا أظن أنه سيعود لأنه لا يوجد في الخارج من يمكنه أن يستقبله”.

وأضاف ودادي: “هذا ما جعل النيابة تحترم المسطرة القانونية لإدراكها أن الخيارات أمام الرئيس السابق محدودة جدا، وإذا هو اختار الهروب فسيعيش طريدا للعدالة وتلك معاناة من نوع آخر ومشاكل من صنف آخر، وسيكون وضعه وضعية المطلوب على المستوى الدولي”.

وحول ما إذا كانت هناك تفاهمات خفية، قال الأستاذ ودادي “أستبعد أن يكون هناك أمر مخفي، فمن المستبعد أن يفتح هذا الملف أمام الشعب ثم يختتم بصفقة، فمن فعل ذلك فكأنما أطلق النار على نفسه، فبذلك يكون النظام وجه لنفسه ضربة قاتلة، ولا يمكن فتح ملف الفساد وإظهار حجمه أمام الجمهور، ثم القيام بطيه لأن ذلك سيؤدي لحدوث زلزال، وإلى تبعات خطيرة خاصة إذا قارنا ذلك مع أوضاع بعض الضعفاء المسجونين بسبب سرقة شاة أو ثوب من حبل غسيل، فسيقول الناس :هؤلاء يسرقون المليارات ويطلقون وهؤلاء يسرقون الأشياء التافهة ويتنعمون”.

ويقول حبيب الله أحمد، وهو من أبرز مدوني موريتانيا، “ثمة شيء ما تم تحت طاولة:

وساطات، تفاهمات، تسويات، أشواط إضافية: الله أعلم”، ويضيف “المهم أن شيئا ما غير مجرى المياه فوق جسر الملف وتحته، ولا نعرف تفاصيل ما حدث ولا علاقة للفيف المحامين المدافع عن عزيز، ولا لفيف المحامين المدافعين عن الدولة بكل ما جرى، ولا نعرف أين أصابع سندريلا المحامية اللبنانية، ولا جموع الوسطاء، من سياسيين ورجال أعمال ووجهاء قبليين، ولكن وجه الرئيس عزيز يكاد ينطق بشيء من التفاصيل كأنه يحن للحديث بنفس الصدامية والعناد، ولكن بعض الظروف قاهرة”.

وتابع حبيب الله أحمد “الرجل لم يكن يفوت فرصة للحديث مع الصحفيين عبر مؤتمر صحفي أو كلمة مقتضبة وبعناد وإصرار وصدامية، وهذه المرة لم ينبس ببنت شفة رغم أنه تجول في العاصمة وفي الشمال والتقى الناس في مكاتب الحالة المدنية ومنهم صحفيون من أصدقائه”.

وتساءل المدون قائلا: “لماذا لزم عزيز الصمت؟، قبل أن يضيف: “أغلب الظن أن ثمة تفاهمات لا معلومات بشأنها ألزمته بطي الملف كلاميا و”الصوم” عن الخوض فيه، ولذلك لم يتحدث هنا ومن المحتمل أنه لن يتحدث هناك في فرنسا”.

وقال: “لو ربطنا الأمر بوضعه الصحي فالرجل شجاع، فقد سبق له أن تحدث للصحفيين ورصاصة “طويلة” تنغرز في جسده؛ فهو عسكري صبور ومتحمل، ولذلك لا تفسير لصمته سوى أن سكوته هو ثمن لذهابه إلى فرنسا، وبكل تأكيد ليس صمته هذا صمتاً في حرم الجمال”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن موريتانيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس